هذه هدية الفارس، وهذه منحة الشاعر، من أجل أمة تقرأ، ومن أجل عيون ترى النور من خلال بريق الكلمة، ورونق الحرف، وفصاحة العبارة وبلاغة الجملة، وحصافة من يقرأ ما بين ضلوع الكلمة وبين فروع أشجارها.
هذه هي الإمارات اليوم تسير إلى العالم بخطى واسعة متواكبة مع طلوع الشمس وبزوغ القمر، متوازية مع لألأة النجمة. وسطوع الكواكب، ذاهبة بالحياة إلى نواصي الحلم البهي، معتدة بقيمة الإنسان ودوره في توجيه البوصلة نحو الشروق الدائم، وباتجاه نمارق الوعي وزرابي الإدراك لأهمية أن نتواصل مع الآخر بواسطة الكلمة كسبيل ناعم يحوك قماشة العلاقة بإبرة وخيط حرير.
ثلاثة ملايين كتاب سوف تمنح العقل العربي فسحة من أمل واسع للعودة إلى تاريخ سطع، ثم توارى واليوم تقشع مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الغيمة، وتزيل الغبار عن التاريخ ليبدأ الحلم يلملم طواياه ويختزل الأيام ويفرج عن لوحة تشكيلية جديدة من صناعة رجل الشعر والفروسية، في هذه المبادرة سوف تنبثق ملامح عصر جديد، وتنبجس معالم وجه مشرق لأمة قد تكون توارت قليلاً عن وجه الشمس، ولكنها ظلت تخبئ في الوعي أهميتها كأمة قادت تاريخ العالم نحو إدراك القراءة كجدول لنمو أشجار الوعي، وقد كان للقراءة شعاع امتد من بغداد حتى دمشق، ثم الأندلس التي أنجبت الفيلسوف ابن رشد، والذي علم العالم ما لم يعلم عن فلسفة أرسطو، وشرح، وفسر، وترجم وسطر في التاريخ ملاحم وعي وإدراك.
اليوم يعيد محمد بن راشد هذا القنديل العملاق إلى مكانته العظيمة، ويخرج للعالم العربي بمبادرة لم يسبقه فيها أحد، لأنه سبق العالم في مجريات الحياة بكل صنوفها، ونعوتها واليوم يستكمل مشروعه القيمي والأخلاقي، والمعرفي في إنشاء مكتبة محمد بن راشد، وتوزيع ثلاثة ملايين كتاب في الوطن العربي.
ثلاثة ملايين كتاب تعني بسط نفوذ الوعي عبر القراءة على العقل العربي وتوسيع حدقة الحلم ليعبر المحيط ومنه إلى قارات العالم، ومنها إلي وجدان الإنسانية جمعاء. 
ثلاثة ملايين كتاب، تعني ثلاثة ملايين قارئ ولكل قارئ أسرة وأصدقاء، وللأصدقاء، أصدقاء الأمر الذي يؤكد أنه بعد ثلاث سنوات فهناك جيل من العرب سوف ينهلون من هدية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وهذا هو الاستثمار الذي تحدث عنه سموه، هذه هي الذخيرة الثقافية التي يسعى لها سموه ويعمل على تنميتها في الضمير العربي، هذه هي الشجرة التي ستتفرع عنها غصون البهجة الإبداعية التي تصبو إليها كل أمة لخلق واقع قرائي ينير الطريق ويفتح نافذة للخلق والإبداع.
هذه هي القطرة التي منها تتكون الأنهار البلاغية، وتصبح في المستقبل شلالات عطاء، وجداول بناء، وسقيا أمل.