عوداً على بدء لتلك المقولة الثقافية التراثية المحلية: «بَنّد.. وشَغْلّ»، والتي يحق لنا تسجيلها ضمن التراث الشفاهي العالمي الذي يجب أن تحافظ عليه منظمة اليونسكو:
- «سيارة المعزبة، لا صيانة زي الناس، ولا تفتيش دوري، متكلة على زوجها المصون الذي يتعلث دائماً أنه لا يقدر أن يحك رأسه من الشغل، وهي بصراحة لا تعرف إذا كانت سيارتها فيها «بونيت» أصلاً، تتوقف فجأة، ولا تسمع من الزوجة إلا التأفف، ومحاولة تجميع كل المشكلة ورميها على كاهل زوجها غير المكترث كعادتها، وأول ما تفكر أن تعمله، أن «تبَنْدّها.. وتشغلّها»، ثم تفكر أن تغيرها في أقرب فرصة، محتجة بينها وبين نفسها، كيف أنها زوجة فلان، وتتعطل بها السيارة في الشارع، وهي وحدها، ثم تتصل في الحال بالزوج الذي لا يقدر أن يحك رأسه من الشغل، وأول ردة فعل له، يرسلها عفوية: «حاولي أن تبّنْدّينها.. وتشغلّينها»! ويرفق معها «حبيبتي» دون أن يقصدها حقاً، لكنها مثل ذر الرماد في العيون، ولكي تتناسى «طاري» السيارة الجديدة.
- «غطّاس» شغل أحسنتوا، وارد الهند، يظل يكح ثلاثة أشهر بعد التركيب، وانتهاء فترة الضمان، ثم يخترب فجأة، ثم يَدِمّ في الطوي، وصاحب المزرعة الذي يحب أن يسترخص، خاصة في تدني مداخيل مزارع المواطنين، يصيح بالمزارع المرتبك دوماً دونما أي سبب يدرك: «والله ما بدلته، عنبوه ما واحا له، أنت متكيسل يا الهرم، وإلا جان بَنْدّته وشغلّته»!
- «سَحّاب أصطكت أسنانه، وما طاع يشتغل، وهي مشكلة توتر أعصاب الرجال، قبل النساء، ويمكن أن تجعل أي امرأة تتأفف نصف ساعة دون توقف، تسمع الحل من آخر الغرفة من البنت العودة: «أمْيّه.. خلي أبويه يبَنْدّه، ويسحبه مرتين، وبيشتغل عادي»! فترد المتأففة: «فقدتك أنتِ وأبوك هذا اللي ضاربنه العشو ».
- تتصل بصديق وتتحدثان في أمور شتى، وفي معرض حديثكما الذي ذي شجون، تطرأ عليك فكرة دعوته لرحلة صيد بحرية، ثم تتذكر ذاك العطل المتكرر في «ماكينة الطراد»، فلا يجعلك صديقك تكمل وصف المشكلة، قائلاً من خارج المياه الإقليمية للدولة: «جان بَنَدِتها.. وشغلتها مرتين»!
- «شغّالة بايرة، ما عليك إلا تردها للمكتب اللي هَضّلها، لأنه شغّلت كل شيء في البيت، وبنْدّته، وما نفع، ماكينة الصرف الآلي عطلانة، جرب تدخل البطاقة مرة ثانية، ساعة «ويستن» من أيام داس: «ما عليك إلا تبَنْدها.. وتشغلها كم مرة»!
- «تلفزيون لا له دش يجيب القنوات الرياضية المشفرة، ولا صاحبه عامل اشتراك في باقة، ويريد يتفرج على الريال وبرشلونة في الكلاسيكو بعد ثلاثة أيام، يقترح عليه أحد أصحابه، وهو بالمناسبة يتبع لرابطة تشجيع أحد نوادي العاصمة: «أسمع يا أخي.. بنّده، وشغلّه»!
«يا أخي.. بنّدناه، وشغلّناه، وتريّناه، بدون فائدة.. غير الفأل السيء، وشكله الريال بيغلب»!
- الشيء الوحيد الذي غلب المواطنين الكرام عن تطبيق نظرية «بَنْدّه.. وشغلّه»، هي ضريبة القيمة المضافة التي ما لها حلّ إلا الدفع، وبعدين إذا ما بغوا يبندون ويشغلون على كيفهم! و«كلن البترول»، وهذا الوحيد اللي أفضل شيء معه، تبَنّد سيارتك دوم، ولا تشغلها إلا في المناسبات الوطنية!