طائر صغير من أنواع الحداة أو الطيور الجارحة الصغيرة التي كانت تعيش في أمان، عندما كانت الصحراء صافية وأمينة، ولا يتواجد بها غير الطيور الصغيرة التي تناسب حياة البيئة الصحراوية. الصحراء ليست غابة ولا هي ظليلة بكثافة، النباتات متناسقة ومتشابهة بعض الشيء في الكثافة واتساع الغطاء النباتي، حيوانات وطيور ونباتات هذه الأرض تأخذ لونها وأشكالها، سرعتها وقوتها من تدرج الحياة بها، سرعة الريح، قوة الشمس وزخات المطر القليلة، اندماج بين الحياة الفطرية واليومية لكل الحياة فيها وإنسانها الصحراوي..
لا يخفى عليه شيء من أسرارها ويكاد يعرف كل شيء تحت أي صخرة أو رملة أو شجرة، أو شجيرة صغيرة، دائماً متأهب أن يمدح ويعد القصائد والأغاني والنشيد ربما لكل نبتة، إلى هذا الحد ينغمس فيه حب الأرض والشجر والبيئة وحياته البرية والصحراوية وحتى البحرية والجبلية..
يعرف النحل في طيرانه «مسراحة ومعشاة»، يعرف متى يكون جاهزاً ليعطيك العسل، يستطيع أن يوقي ناسه ونفسه حتى من لسعات إبرة النحلة الصغيرة الدقيقة، يعرف الصخور القوية من الضعيفة يستطيع أن يتسلق أصعب جبل أو يدخل أي مغارة، البيئة مثل كتاب في كفه يقرؤه بانشراح وتفسير رهيب، إنسان الصحراء في بيئة الإمارات وساحل عُمان لم يتجاوزه أحد أو يتفوق عليه عندما كان هو سيد الأرض والصحراء والجبل، فقط عندما دارت الحياة وقرأ الآخر أسرار حياته وفهم ظروف حياته وحاجاته، وعندما كبرت الحاجة وقل السعي والابتكار في أن تصبح «سارحاً وغابشاً» وحتى سارياً خلف اكتشاف حياتك اليومية والبيئية، وعناد أقنعة الواقع بأن ينيخ ركابه وقاربه وسعيه وتراخي عمله في الأرض والحقول والسهول والجبال، والبحر الواسع..
قديماً كان الطفل يحلم أن يكون معه صقر بمخالبه يمكن أن يوفر قوت يومه عندما يكبر ويصبح صقاراً يقطع الفيافي والرمال، ويعود رجلاً صلباً يصف بمحاذاة الرجال الأقوياء..
قديماً كان يحلم أن يكون ذا ذراعين قويين وقلب كبير لا يهاب البحر ولا الرمل، كان قديماً يدفع لأن تكون لعبته هي بداية حلم كبير وجميل، لديه طائر «بوذوار» أي صقر صغير يمارس معه بداية الاهتمام بالطيور الجارحة، حتى وإن كانت «فريسة هذا البوذوار» «جربوعاً أو بقيشاً»، وهي فصيلة أخرى من «الجرابيع»، وإن صعب حصوله، فإن الكلب السلوقي/ القناص» بالتأكيد هو البديل لتدريب أطفال يحبون الصحراء وحياة الكبار في هزيمة الصحراء أو التكيف معها، بحيث تكون رجلاً حقيقياً ينتمي لهذه البيئة، وهي تمثلك وتمثلها..
قد يبدو هذا الحديث غريباً على البعض، ولكنها حقيقة الصحراء، يحاول البعض الهروب الآن لبساطة الفكرة ونكران بناء الفرد في المجتمع الصحراوي، ولعلّ الواقعيين من الصحراويين يقدمونها واقعاً حقيقياً، وكيف يحبون حياة الصحراء ويقدمون حياتهم الاجتماعية بفرح وسرور صغاراً وكباراً، وعلينا ملاحظة كيف يسعد الصحراوي عندما يصطاد «ضباً» ويقوم بطبخه وأكله وهو في غاية الفرح والسرور، ليس الكبار، وإنما الصغار أيضاً، إنها واقعية ما تركته الصحراء لناسها من قوة وجمال. ولنلاحظ قوة الإقبال والإدبار عند المجتمع الواحد نفسه بين صحراوي صلب وآخر يحتاج لفص «ليمون في يده دائماً حتى لا تلوع كبده من كل شيء»!!
أتذكر في الأحياء الشعبية القديمة، والصحراوية، يوجد أطفال لديهم طيور جارحة صغيرة «بوذوار» أو حداة يعتقدون أنها سوف تكبر في المستقبل وتصبح «صقراً أو قرموشة أو جرناساً» وأنه سوف يصحب الكبار في رحلة قنص/ صيد..
وأتذكر آخر، يصطاد الصقور المهجورة ذات الجروح أو البذور والأمراض التي أصابت أرجلها ومخالبها أو حتى تكسر ريشها وأعتقها أصحابها، كان يصطاد لها القطط والجرذان ويوفر لها بعض اللحوم من هنا وهناك تصوراً منه أنها سوف تُشفى ثم يقنص بها أو يبيعها..
للصحراء ذاكرة مثل مرجل النار أو مثل نار السهيلي التي تحرق الكثير من الأعشاب والحشائش الموسمية وحتى الدخيلة!