في افتتاح كأس العالم لكرة القدم 2006، لعب منتخب ألمانيا مع كوستاريكا في ميونيخ بتكتيكات جديدة قدمها المدير الفني للمانشافت كلينسمان ومساعده لوف لتقدم ألمانيا عرضاً مثيراً في مباراة فازت فيها 4-2.
 وبغض النظر عن حصول ألمانيا على المركز الثالث، إلا أن فريق التدريب عكس فلسفة مهمة، أراها مشروعاً علمياً جيداً، لأنها تضع أمامنا حلاً لحلقة مفقودة في أجهزة تدريب الأندية والمنتخبات العربية، وربما يكون منتخب الجزائر من الاستثناءات، حيث يشكل بوقرة وبلماضي فريق عمل متناغماً بقيادتهما لمنتخبي المحليين والأول.
فالفكرة أن يكون هناك فريق يعمل معاً، بحيث يسلم المدير الفني راية القيادة لمساعده، وذلك حتى لا يقود الفريق مدرب جديد لا يعرف «المشروع الفني» ولا يمارس نفس الفلسفة التدريبية.
بالطبع ليس بالضرورة الأخذ حرفياً بالتجربة الألمانية، لكن لوف كان مساعداً لكلينسمان، وفليك كان مساعداً للوف، إلا أن الموضوع سيكون صعباً مع مدرب مثل بيب جوارديولا أو يورجين كلوب، وهما أفضل مدربي العالم لأفضل فريقين وذلك من ناحية فلسفة الأداء وأسلوب اللعب الذي يرتبط فنياً بعقلية المدربين، وكلاهما له مساعدون يثق بهم، لكن السؤال ماذا لو رحل كلوب وجوارديولا عن ليفربول ومانشستر سيتي.. هل يبقى أسلوب اللعب مع فريق عمل جديد؟
الكيان يبقى، ويرحل الأشخاص، وفي جميع الأحوال هناك حلقة مفقودة في تدريب الفرق والمنتخبات العربية، وهي حلقة ترتبط بمشروع وفلسفة وأسلوب لعب الفريق، ومن الأسف أن الاتحادات تستعين بمدرب أجنبي، ومساعديه، وحين يرحل، يحمل أدواته وفريق عمله معه، تاركاً المهمة لمدرب جديد وفريق عمل جديد يبدأ من الصفر وربما بأفكار مختلفة وفلسفة مختلفة، وأسلوب لعب مختلف، وتكون النتيجة الاستمرار في حلقة مفرغة من تغيير المدربين.
في سياق المشروع، لا بد من تنمية مهارات المدرب العربي، ولابد من فرض المدربين الموهوبين، للعمل مع الأجانب الذين يقودون الأندية والمنتخبات، لتجهيز جيل جديد في تلك الصناعة الحضارية المهمة، التي تسمى لعبة كرة القدم.
وكنت تحدثت عن تجربة موسيماني مع سامي قمصان في الأهلي المصري، وأكدت أن رحيل الجنوب أفريقي لن يؤثر سلبياً على أداء الأهلي، وحسناً تفعل إدارة الكرة في النادي لو فرضت سامي قمصان على المدرب الأجنبي الجديد، حتى لا يسقط الفريق في تلك الحلقة المفقودة.
** إن منهج التفكير العربي في كرة القدم وفي مشاريعها، وفي مستقبلها، وكذلك في الرياضة كلها بمختلف ألعابها، لا بد أن يتغير ويتطور، ويسابق الزمن، ويسابق الحاضر، ويمضي قدماً إلى المستقبل.. فلماذا ذهبنا إلى المستقبل في كثير من المجالات، بينما ما زلنا أسرى الماضي في كرة القدم وفي الرياضة؟!