كانت مباراة ديوكوفيتش وكيريوس ممتعة أيضاً شأن نهائيات سابقة، وفاز بها الصربي الشهير 4-6، 6-3، 6-4، 7-6  ليأكل ديوكوفيتش عشب الويمبلدون، كما اعتاد كلما أحرز اللقب، وهو يوصف بأنه خصم لا يؤتمن، أو غامض، ولا يستسلم بسهولة ولا يفقد الأمل في كل نقطة، لكن المباراة عكست زمن تنس مختلف.
في عام 1980 كان نيلسون مانديلا سجيناً في جزيرة روبن بجنوب أفريقيا، ويومها طلب من حراس السجن السماح له بمتابعة نهائي فردي الرجال في ويمبلدون بين السويدي بيورن بورج والأميركي جون ماكنرو عبر إذاعة بي. بي. سي البريطانية، وكلاهما كان من عباقرة اللعبة في زمنه، وانتهت المباراة بفوز بورج، وقد وصفت فيما بعد بأنها أعظم مباريات التنس.
بعد مرور 28 عاماً اعتبرت مباراة نهائي ويمبلدون عام 2008 بين السويسري روجيه فيدرر والإسباني رفائيل نادال من أعظم مباريات التنس، وفاز نادال 6-4، 6-4، 6-7، 6-7، 9-7.
لكل زمن أبطاله ونجومه ومبارياته الرائعة والتاريخية، وعلى مدى عقود تطورت وتغيرت لعبة التنس، من مضارب خشبية ثقيلة، إلى أنواع حديثة مرنة وخفيفة، تمنح اللاعبين القوة والسرعة في الضربات، والسيطرة والتحكم والمناورة، لكن لماذا كانت مباراة ماكنرو وبورج رائعة.
بالطبع شأن كل دراما كنا أمام خصمين على نفس القدر من القوة، وكانت النقطة تستمر لدقائق في زمن الراليات، وهو ما تميز به بورج، بينما كان ماكنرو لاعباً شرساً وغاضباً، ومهاجماً على الشبكة، ولذلك يبدو الأسترالي  كيريوس نسخة مكررة من ماكنرو في الاعتراض والغضب والشغب، بينما يظل ديوكوفيتش رجلاً حديدياً، هادئ الأعصاب مثل جبل الجليد السويدي بيورن بورج، والاسم باللغة السويدية ينطق «بيورن بوري» ولم أسمع معلقاً أبداً ينطقه هكذا، (بينما ثار جدل في مصر بشأن اسم مدرب الأهلي الجديد فهل هو سواريش بالبرتغالية أم سواريز بالإنجليزية)؟
من تنس الراليات الطويلة والمضارب الخشبية إلى تنس النقاط القصيرة والخاطفة وضربات الإرسال الصاروخية والمضارب الخفيفة والقوية، ظلت مباريات التنس الكبرى ممتعة لكل جيل، وكثيرون يقعون في خطأ المقارنة بين مهارات وأبطال ومميزات لعبة بين زمنين أو بين أزمنة مختلفة، دون إدراك بأن لاعب الكرة قبل مائة عام كان يمارس اللعبة بأحذية شبه خشبية وثقيلة، ويرتدي ملابس مرهقة، ويركل كرة لا تركل بسهولة، وأمامه مساحات واسعة، بينما اللعبة اليوم معقدة وصعبة ومن دون مساحات ومهاراتها مختلفة وأدواتها خفيفة وسهلة، فكيف تجوز المقارنة ؟!
** في النهاية حافظ نادي عموم إنجلترا للتنس والكروكيه منظم البطولة على تقاليده الراسخة منذ إطلاقها عام 1877.. «إنجليز» !