مكتبة في زاوية صغيرة من البيت خير ما يفتح لك النوافذ على بانوراما تطل من خلالها على العالم، وأنت شغف بالكتب وتستشرف منها عالمك الجميل منذ الصغر، منذ رأيت الوجود وأنت تشكل العقل بالفكر والثقافة والهوية، ولذا تؤسس للمكتبة مكانتها المتميزة، وتحمل ألفتها معك عبر الزمن لتستقر في حلة لا تفقدها سماتها، على رغم أنها قد تكون أصبحت متخمة بالكتب إلا أن هذه تخمة حميدة وحافلة بالمجلدات، وإيقونات من التحف المحيطة بها. وتألف نور بريقها من الأسماء لكتاب وكاتبات ومؤلفات أدبية تطالعك عناوينها الجذابة، ومؤلفات موسيقية عالمية لا زالت تحظى هي أيضاً بركن بين رفوفها لتكمن كمكتبة خاصة على هيئتها المتميزة، وبملامحها المتنوعة، تصعد مع الرفوف ليألفها الزمن من جديد.
وللشعر مكانته وإيحائيته فحين يرحل من مكانه يرحل كقافلة من المؤلفات تضج بالشعر الجاهلي وتستأثر بقامات ومعلقات هي جواهر من الزمن. وهي عقد فريد ونفيس ترى فيه شعر جرير والفرزدق وذي الرمة والأخطل وعنترة بن شداد، ويتدرج الشعر بما تحتويه المكتبة نحو أزمنة لاحقة مختلفة، وعصور لا تحيد عن بريق الشعر الأصيل وملامحه وملاحمه الأسطورية ودراساته القيمة.
وفي الصدارة ركن جميل ومتميز لمؤلفات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هذه المؤلفات العظيمة التي تقرأ الزمن القديم والحديث، والمسرحيات الروائع الأدبية بأحداثها واسترسالها، ولغتها التي تحفل وتستنطق كثيراً من المراجع المهمة والنادرة.
وثمة ركن لكتب التاريخ والقانون والعقائد الدينية المختلفة، وكتب الفلاسفة القدماء من سقراط وأفلاطون وأرسطو ومن جاء بعدهم من قامات فلسفية رسختها الحقب الزمنية، وحجزت لها مكانة علمية تتحدث عنها السير الذاتية. وكتب تتحدث عن الطبيعة والجغرافيا ومؤلفات حول المدن والسفر، لتغوص بالقارئ في حكايات مختلفة ما بين مباهج الطبيعة، واستشراف اتساع العالم ومكوناته ومكنوناته الحضارية. 
وتحفل المكتبة بالروايات والقصص القصيرة للكتاب العرب والعالميين على السواء من مدارس مختلفة أزهرت وأينعت، وعلى رغم تلف بعض الأغلفة إلا أنها تظل بمضامينها القديمة القيمة، مثل كتب لنجيب محفوظ أو إحسان عبد القدوس وتأخذ طابعاً آخر مع صنع الله إبراهيم وإبراهيم الكوني وحنا مينة وعبدالرحمن منيف وغازي القصيبي والطيب الصالح، ومن الإمارات إصدارات قديمة وحديثة متميزة لتضفي على المكتبة طابعاً جميلاً.
هذه التقسيمات المتموّجة مع الزمن والذاكرة للمكتبة الصغيرة تشعرك بالأرواح وهي تتحاور هنا بصمت، وهي لست مجرد حصيلة تنسج عالمها هنا لتشاغب أفكارك، أو تخرج من إطاراتها لتحاكي معارض الكتب المحلية والعالمية، أو تضفي على الزمن غواية الحضور أو تستأنس بالوجود أو تقتات من الغياب أصواتاً أدبية وفكرية كانت تنتصر لأحلامها الفكرية.
هي مكتبات البيوت تنبض وفاء وتبتهج بمضمونها ولها تداعيات وجمالية مرهفة حول من يحط رحاله من الكتب ومؤلفيها لتحتفي بشخوصهم وسماتهم وإبداعاتهم، وهي طواف مع الذكريات ما بين ملاءة الزمن والعناوين الكبرى والإهداءات ذات الرؤى المختلفة.