قال المكوك الفضائي، كيليان مبابي الأمير الجديد على حديقة الأمراء بباريس مبتسماً، وهو يسأل إن كان يرشح لاعباً بعينه للفوز بالكرة الذهبية: «إن لم يفز كريم بنزيمة أيقونة ريال مدريد بها اليوم، فلا أظنه سيفوز بها أبداً».
وأنا أقول لو تمنح الكرة الذهبية لـ «فرانس فوتبول»، للاعب آخر من اللاعبين الثلاثين الذين دخلوا سباق الأميز والأفضل، غير كريم بنزيمة، سأقول وداعاً لمصداقية الجائزة، ولن تصبح لي ثقة بعدالة مثل هذه السباقات التي تكون فيها الوشاحات والقلادات فخرية واعتبارية.
فما الذي يجعلني مثل الكثيرين، لا أرى مستحقاً للكرة الذهبية لهذا العام سوى كريم بنزيمة، من دون التقليل من كل الذين ينافسونه على الجائزة؟
ما الذي يقصي لدي ولدى الكثيرين كل شك، ويعدم كل ارتياب في أن نجم ريال مدريد، هو من سينال اللقب الفخري، فلا تكون هناك حاجة لاستطالة الإثارة؟
توغلت عميقاً في خصوصيات جائزة «فرانس فوتبول»، في كل الرافعات التي تقوم عليها مصداقيتها، برغم ما يهب عليها بين وقت وآخر من رياح الجدل، فوجدت أن ما نصطلح عليه عادة بمعايير المفاضلة، تقول كلها إن كريم يقف على بعد مسافة مقدرة من كل الذين كشف عن أسمائهم منافسين له، معيار الإنجازات الجماعية ومعيار الإنجازات الفردية ومعيار التأثير المباشر في منظومة نجاح الفريق والمنتخب، ثم معيار النزاهة الرياضية، وهو معيار غالباً ما نغفله، برغم أهميته، فالنجم قبل أن يشع نور إبداعه ليسحر الناس، وقبل أن يتزين صدره بالأوسمة، هو صاحب رسالة للشباب وهو حامل قيم أخلاقية تصدرها الرياضة لعامة الناس.
نجح بنزيمة، بعد خروج الدون كريستيانو من مملكة الريال، في أن يصبح الملهم والحامل لمشعل النور، تحرر من خجله وتواضعه، خرج من جلباب الدون، ليكون هو مركز الإبداع وليحمل على كتفيه ريالا ينشد الخلود. قاد بنزيمة ريال مدريد في موسم ما بعد «كوفيد»، للفوز بلقب «الليجا»، هدافاً وصانعاً، إلا أنه في الموسم الذي ودعناه كتب بالفعل واحدة من أجمل الإليادات، قاد بأهدافه الحاسمة في نزالات خرافية، الريال للفوز للمرة 14 في تاريخه بدوري الأبطال، وقاده بذات القدر من التأثير للظفر بلقب «الليجا» للمرة 35 في تاريخه.
ونتبين المساحة التي يحتلها بنزيمة لوحده في جغرافية الإبداع المدريدي خلال الموسم المنقضي، من خلال الإنجازات الفردية المبهرة، فكريم هو من توج هدافا لدوري الأبطال، وهو من توج هدافاً لليجا، وهو من أظهر سخاءً كبيراً في الارتقاء بمنظومة اللعب، بنزوله لحدود دنيا من الأنانية.
ولو أضيف لهذا كله، الصورة الرائعة التي يصدرها كريم عن نفسه، لمحيطه، لمنافسيه ولكوكب كرة القدم، صورة اللاعب الملتزم والخلوق، لقالت الكرة الذهبية لا أرى لي مستقراً غير حضن بنزيمة.