تحولات كبيرة يخوضها الفنانون الشباب على صعيد اقتراح الأفكار البصرية وطرحها في معارض الفنون المزدهرة في الإمارات. أغلب هذه الأعمال تنتمي إلى المدارس المفاهيمية المفتوحة التي تجمع ما بين التصوير والرسم والنحت و(الممارسة الفنية)، وهو مصطلح تندرج تحته جميع صور التجريب البصرية بداية من استخدام اللون وانتهاء باستخدام الخط والكلمة والكاميرا وكل شيء.
أحد المعارض التي تعبّر عن هذا المفهوم هو معرض (إذا صح التعبير) للفنانة الإماراتية شما العامري الذي يستضيفه مركز تشكيل للفنون في دبي، حيث تتجلى (الممارسة الفنية) في استخدام هذه الفنانة للكلمات والرسم والكتابة والتصوير بالفيديو والتدوين والتوثيق. وتتمحور جميع هذه الممارسات حول كلمة (صح). وهي كلمة تكفي لوحدها لإثارة أسئلة خطرة جداً حول الحقيقة، ومدى قدرة الإنسان على إدراك الفرق بين الخطأ و(الصح). وإن كان هناك في العالم كله شخص يمكن أن يُدرك هذا الفرق؟ هل يكون هذا الشخص قد أدرك حقيقة الكون وحقيقة وجوده؟ بالطبع لا، ذلك لأن البشر يتأرجحون ما بين الشك واليقين، ونحن لا نمسك بحقيقة كليهما. وحياتنا ويومياتنا تظل رهينة لهذا المتغير، يتحول الصواب إلى خطأ وينقلب المعنى الصحيح ربما بسبب سوء فهم ويصبح تماماً ضد معناه.
من هنا ينبغي الدخول إلى معرض الفنانة شما العامري التي تطرح أسئلة لا يمكن الإجابة عنها في فضاء مشحون باللايقين، وبالهدم المتعمد للدلالات والأفكار، حيث الزمن المتغير هو الثابت الوحيد في معرضها الشخصي. وأقصد بالزمن تلك اللحظة التي نتغير فيها كلما التفتنا إلى زاوية أخرى.
تتلاعب شما بكلمة (صح) الخطيرة في مدلولاتها اللغوية، ترسمها وتعجنها وتلويها بالحديد وتبحث عنها في الكتب والصحف. تذهب لنزلاء المؤسسات العقابية وتطلب منهم قصّها بالخشب، وتطلب من عمال البناء في البنايات الشاهقة أن يكتبوا بأسياخ الحديد كلمة (صح)، وتحاول هي نفسها أن تكتب هذه الكلمة ألف مرة بأشكال وألوان مختلفة، لكن يدها تخور في النهاية وتضعف، وفي جميع الأحوال، نجد أن الجميع لم يتمكنوا من كتابة هذه الكلمة بطريقة صحيحة.
بالمقابل، في الفراغات اللامرئية بين عمل وآخر، نستطيع أن نشعر بوجود نقيض كلمة (صح) وهو ليس بالطبع الخطأ وحده، وإنما العيب والرفض، ونقيضها أيضاً كلمة (لا) التي سمعناها ألف مرة في الطفولة. وكأنما جميع هذه الممارسات تضعنا في منطقة الحيرة الشديدة بين هذين النقيضين.