أوراق الشجر تساقطت من لهيب الصيف أيها الخريف. والورد لم يزهر حتى في الربيع لأن كل الفصول أصبحت فصلاً واحداً بسبب تغير مناخ هذا الكوكب الذي كان يتغير مناخه في كل فصل. الشتاء أمطار وصقيع، وفصل الربيع يقظة البراعم والأزهار والثمار، والصيف احترار خفيف، فماذا ترى سيغادر الشجرة حين جئت أيها الخريف، روحها أم ترى ثوبها الورقة كي تنمو من جديد. لأن النسغ في أعماقها. 
وسوف تنهض البراعم وتينع أوراقها لتستعيد اخضرارها في موسم الربيع القادم، رغم مطامع الإنسان الذي لا يحتفي بغير طموحاته، والذي جعل من هوس البحث عن الوقود الأحفوري مشكلة كبرى حوّلت مناخ هذا الكوكب المتميز بالحياة بين كواكب الكون، على مدار الأيام والأعوام والفصول، ولم يترك لقانون الطبيعة في تغييرها لمناخات الفصول غير فصل واحد هو الاحترار الدائم على مدار زمن لا ندري إلى ماذا سيؤول! فالعلماء الباحثون في أسرار الكون والطبيعة لكوكب الأرض يرجحون أنه قد يختفي بعد مئات السنين بسبب شراسة هذا الاحترار الذي أشعل الحرائق في الغابات وفجّر البراكين في الجبال وأذاب الثلوج، فتدفقت في الأنهار والبحار حتى ارتفعت مستوياتها كأنها تهدد الكوكب وكل الكائنات بتعدد أنواعها بالغرق! 
فكم زمناً علينا أن ننتظر! كأنما هذا الكوكب في كل تبدل الفصول، مهدد بالذبول والانقراض! فماذا علينا أن نفعل نحن البشر الذين ميزنا الخالق بهذا الذكاء الذي فاق ذكاء كل الكائنات كي نعيد لهذا الكوكب طبيعته الفاتنة حين تتبدل الفصول قبل انتشار هذا الاحترار الذي جعل كل الفصول، فصلاً واحداً هو اشتداد القيظ الذي يأبى الانحسار. 
وماذا نفعل كي نبرعم الأحلام كفتنة الأزهار حين يقبلها الربيع؟ ولماذا إذا مرت علينا كل الفصول في اشتداد هذا الاحترار اللئيم تنوح النهايات. لا نسغ يبقى في عروقنا. ولا نبض يبقى في قلوبنا، نجف من قمة الرأس حتى أظافرنا. أحلامنا تذوي، كما تذوي طوايانا. وتجف دهشتنا من فتنة تغير الطقس في كل الفصول. ونظل نحيا على جرف الحياة، لا نبع ولا شجر يرفرف بالظلال. ويجرنا هذا الاحتباس الحراري على مدار الأيام والسنين إلى قراره المنذر بالزوال. لكن تذكر أيها الخريف رغم الاحتباس الحراري، أن الروح في أجسادنا والذكاء في عقولنا كالنسغ في الشجرة. وسوف نقاوم هذا الجشع البشري، كي نعيد للأرض فتنة الربيع!