تحقيق السلام أصعب من الحروب، فراية السلم بحاجة إلى إرادة صلبة وعزيمة قوية تقف في مواجهة الأنانية، والعصبية البينية والتي هي أشد أعداء الإنسان لنفسه وغيره.
قال آينشتين المعرفة من دون حب دمار للذات والآخر، فالإنسان الذي يفرح بقوته، ومزيد معرفته بمختلف أدوات الحياة هو بطبيعة الحياة جاهل، بما تكنه ذاته من غيظ وفيض، وفاشل في التعاطي مع هذه الأنا التي لا تكبر ولا تتورم ولا تنتفخ أوداجها إلا عندما يفقد الإنسان الطريق إلى الوعي.
فالوعي سابق إلى المعرفة وسابق إلى القوة، الوعي هو المصباح المنير الذي يضيء طريقك إلي الحياة، ومن ثم يفتح نافذة باتجاه الآخر من دون غبار ولا سعار.
هكذا تقود سفينة الإمارات دبلوماسية السلام بوعي حاذق، وإدراك فائق في علاقتها بالآخر، الأمر الذي جعلها دولة السلام المبني على الحب وفهم مجريات ما يحدث في العالم وتفسيره بذكاء وفطنة، هكذا تمضي قافلة السياسة في هذا البلد الفتي، كأنها الجدول الذاهب إلى حقول الحياة، وتقدم بالتلميح والتصريح تجاربها المستقاة من فيض إرث قويم، وتاريخ مستديم رسم في المفهوم كيف تنهض الأمم وهي ترتع في بساتين السلام، وهي تنعم بالحب ومن دون تصنيف أو تجريف.
الإمارات اليوم، هي الشريان والوريد لعالم يحتاج إلى بلد كالإمارات تحررت من عوادم الأنا وتخلصت من شوائب الذات المنغلقة وانطلقت في الوجود ملبية حاجة شعوب طالما انتظروا المعين والمغيث الذي يرفع عن كواهلهم عبء الحروب، وثقل الكوارث، والضغائن والأحقاد والتي صارت كالنار في الهشيم.
اليوم دولة الإمارات تلقى التقدير والاحترام من كافة شعوب وحكومات العالم أنها تفعل الواجب الإنساني ولا تنتظر من وراء سلوكها جزاءً ولا شكوراً، إنما تفعل ذلك إيماناً من قيادتنا الرشيدة بأننا جزء من هذا العالم وما يضره يضرنا وما يسعده يسعدنا، ولا مجال لتمزيق القماشة العالمية تحت أي ذريعة أو حجة، لأن التجارب التاريخية أثبتت أنه ما من ضرر يصيب دولة إلا وتتداعى له سائر بلدان العالم بالوهن والخراب وبخاصة في زمن أصبح العالم قرية صغيرة يؤمها أكثر من سبعة مليارات إنسان جميعهم يكسبون قوت يومهم من أرض واحدة ويعيشون تحت سماء واحدة، ووضع الفوارق ما هو إلا غباء من عقل الكارهين للحياة والعدميين والعبثيين.
هذه هي الإمارات، وهذه الأيقونة التي أسس أركانها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى أثره تتتبع الخطوات النبيلة قيادة رشيدة عتيدة.