تبدو المسافة اليوم ما بين الإمارات وعُمان، أقرب من المسافة ما بين أنملتين في الأصبع الواحد، وأنعم من الرمش، وأنصع من خيوط الشمس، هي هذه الصورة تتجلى في وجدان كل مواطن إماراتي وعُماني على حد سواء، وهي هذه المرآة على صفحات التاريخ، وهي هذه شجرة الخلد التي تحمل بين طياتها معنى العلاقة بين جغرافيتين، هما في التاريخ قصيدة تغنى بها الإنسان وشد الطير، وترنمت الأغصان، وتناغمت النجوم، هي هذه الدلالة المعرفية لكل علاقة ترسمها عقول تفيض بالوعي، وعقول لها في الزمان مكان الألفة وتحدي المكدرات.
اتفاقية السكك الحديدية بين أبوظبي وصحار، هي عقد اللؤلؤ على نحر وصدر، هي قلادة التاريخ تسبكها قيادتان آمنتا بأن الحب طريق للحياة والاستقرار والنمو ونهضة المجالات المختلفة.
هذه الاتفاقية سوف تعبر من خلالها شؤون وشجون، وتمر عبر خيوطها الذهبية علاقات بلدين تميزت دائماً بالوعي، وفهم التجاور واندماج الدم بالدم، ولحمة التاريخ، هي الصدى لكل ما يحدث من منجزات مدهشة، ومشاريع مبهرة، ومكتسبات متكاملة، وتطلعات أبعد من حدود الشمس، وطموحات أوسع من المحيط.
هكذا تبدو اللوحة التشكيلية أمام الأعين تتأملها الضمائر الحية بإمعان واهتمام، كلوحة استثنائية لعقلين فذين يفيضان بالبوح الجميل.
هكذا أصبحنا نكحل الأعين بأثمد الفروح ونحن نرى أمامنا اللوحة تتسع، وترتفع بجمال أخاذ، وتمنح المتابع رؤية خلابة لا تحدث إلا بين الأشقاء، وعشاق السلام والوئام، لا تحدث إلا في خليج الموجة الناصعة، والشطآن الدافئة.
هكذا نرى ما يحدث في الخليج وقلوبنا تصفق طرباً لما يثلج الأفئدة، ويمنح الروح فسحة أوسع من المحيط، وأرفع من جبال الإمارات وعُمان، هكذا نشعر ونحن نكتب عن ملحمة التاريخ الحديث وهي تسجل فقراتها من حبر القلوب العاشقة، وترتب جملها بأقلام مدادها من الرحيق، وحروفها من حبات اللؤلؤ في أعماق خليجنا الأغر.
هكذا هي الحكاية سوف تروى للأجيال القادمة عن قيادتين عبرتا منطقة الحلم بقلبين حفظاً للإرث القويم معنى، وسلكتا دروب المؤسسين بكل حصافة ونقاء سريرة، لتؤسسا طريقاً معبداً لا تشوبه شائبة لمراحل ستأتي، وغد سيشرق بفرح الأيام، وما سيتم إنجازه في المجالات المختلفة.
هكذا نرى الصورة، وهكذا هي في واقعها السياسي والاقتصادي.
الإمارات وعُمان عازمتان على نهج السير يداً بيد، والوصول بالحياة دون توقف إلى مرافئ لا يطالها إلا العمالقة.