مع اختلاف بسيط في نسب المقارنة الذي لا يغير من توافقي مع زميلي العزيز حسن المستكاوي حرفاً واحداً، مما جاء في تصنيفه لأكثر الدوريات العربية جاذبية، اعتماداً على معايير علمية تغلق الباب أمام التوقعات المؤسسة على قاعدة عاطفية، ومنها بطبيعة الحال قوة المنتج الكروي وتعدد مصادر التنافس على الألقاب، ما يفرز تلقائياً أكثر من قمة في الأسبوع الواحد، والدعامات الاقتصادية والإعلامية وحتى الجماهيرية التي يقوم عليها أي دوري ينشد الانتشار في محيطات كروية قريبة.
لا خلاف على أن الاحتكام لهذه المعايير مجتمعة، لا لواحد منها فقط، سيقودنا بمطلق الأمانة العلمية للجزم بأن الدوري السعودي هو من يقف في صدارة الدوريات العربية، بل ليس عندي ذرة شك واحدة في أن الدوري السعودي بهيئته الحالية، المتجددة شكلاً ومحتوى، جاد في تقليص الهوة عن أكبر الدوريات العالمية، بخاصة تلك التي تصنف ضمن «التوب ڤايڤ». إلا أنني سأضع الدوري الإماراتي ضمن الدوريات العربية الأقوى نمواً والأكثر سرعة في تجويد منتجها الكروي، قياساً بما شاهدته من الجولات الأولى لدوري أدنوك للمحترفين، وما كنت سبّاقاً للتبشير به حتى قبل انطلاقة الدوري، تأسيساً على مؤشرات دالة ودلائل دامغة بوجود رياح مبشرة سيأتي معها كل ما هو جميل.
لم يكن الدوري الإماراتي في واقع الأمر مفتقداً لا لمسارح العرض المبهرة والمحفزة على الإبداع، ولا للأندية الواقفة على أرضية احترافية صلبة، بل كان مفتقداً بالأساس لما يغني المحتوى الفني ولما يخصب مشهد التباري بوقوف كل الأندية المرجعية على أرضيات صلبة، وليس هناك ما يجوّد المنتج الفني الذي يرفع نسب الجاذبية لمستويات عالية، ليتضاعف الحضور الجماهيري في المباريات، أكثر من تدقيق الأندية الإماراتية في أهلية المدربين الذين تسلم لهم العهدة الفنية، والتمحيص في نوعية اللاعبين المستقدمين ليكونوا قيمة مضافة للدوري، وتجارب كروية منها يتعلم أبناء الإمارات.
ما انقضى حتى الآن من دوري أدنوك للمحترفين خمس جولات، أي خمسة أسابيع تقريباً، ولعلكم وقفتم مثلي على تعدد القمم في الجولة الواحدة، وهو أمر دال على وجود أغلب الأندية في مقاس تنافسي متقارب، ولتتأكدوا من ذلك، ما عليكم إلا إلقاء نظرة على جدول الترتيب، صحيح أن الملك الشرقاوي أخذ مسافة بسيطة، إلا أن ما يوجد في المواقع الأخرى من تدافع رهيب بين قوى كروية تقليدية وأخرى، يدل على ارتفاع منسوب التنافسية بين مكونات دوري أدنوك للمحترفين، إلى جانب الخصوبة الهجومية التي جعلت التهديف يصل لمعدل ثلاثة أهداف في المباراة الواحدة، وهل تعشق الجماهير شيئاً غير أن تحفل المباريات بالأهداف وبالإثارة، أليس هذا هو ما يأتي بالجماهير إلى الملاعب، لتعيش الفرجة ولتصنع البهجة.