لست أدري كيف غابت عني كل هذه السنوات.. كيف لم أنتبه إليها لأتقاسمها معكم، فهي حكاية جميلة يجب أن تروى، عندما يلتحم نشيد الوطن بكرة القدم، فيأخذ من روائع الكلم ما يأتلق به شدواً على مر الزمن.
مؤكد أن لأناشيد الأوطان حكاية جميلة بها تفخر الأمم، ومؤكد أن لكل نشيد من أناشيد دولنا العربية قصصاً جميلة تستحق هي الأخرى أن تروى، من نشيد إمارات الخير الذي يقول مطلعه، «عيشي بلادي عاش اتحاد إماراتنا، عشت لشعب دينه الإسلام، هديه القرآن»، إلى نشيد مصر الغالية «بلادي بلادي بلادي، لك حبي وفؤادي، مصر يا أم البلاد، أنت غايتي والمراد»، مروراً بالنشيد القومي التونسي الجميل الذي يقول مطلعه «إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر»، حتى لا أسرد غير هاته الأناشيد الوطنية العربية، لكن النشيد الرسمي للمغرب، له حكاية طريفة، كرة القدم خيطها الأول، وأسود الأطلس خيطها الثاني، وكأس العالم التي نقترب من نسختها الاستثنائية بقطر هي خيطها الثالث.
وضع اللحن الرسمي للنشيد المغربي إبان فترة الحماية الفرنسية للمغرب، من قبل القبطان الفرنسي ليو مورجان، وقد كان وقتها رئيس فرقة الموسيقى العسكرية بالحرس الشريفي.
كان النشيد لحناً من دون كلمات، وظل كذلك حتى والمغرب يستعيد سيادته على أراضيه ويحصل على استقلاله، إلى أن حلت سنة 1969، والتي ستشهد حدثاً تاريخياً، تمثل في عبور «أسود الأطلس» لحواجز التصفيات، وبلوغ نهائيات كأس العالم التي نظمت سنة 1970 بالمكسيك.
بعبقريته التي شهد عليها زمانه، انتبه المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسن الثاني، إلى أن المنتخب المغربي سيقف لاعبوه في تظاهرة كروية يتابعها العالم كله، يسمعون نشيدهم الوطني يعزف وهم لا ينطقون ببنت شفة، فوجه على الفور أحد أبرع ناظمي الكلمات، لأن يركب على النشيد اللحن نشيداً بالكلمات، ونجح وقتذاك الأديب علي الصقلي الحسيني في وضع كلمات نشيد المغاربة الخالد، «منبت الأحرار، مشرق الأنوار»، نشيد حُفِّظ للاعبين المغاربة، فرددوه وهم يقفون في 1970 باستاد بالمكسيك، صفاً واحداً مع لاعبي المنتخب الألماني في مباراة خلدها التاريخ.
خلدت تلك المباراة في ذاكرة من هم من أبناء جيلي وباتت حكاية رائعة نرويها للأجيال التي تعاقبت بعدنا.
خلدت أولاً، لأن منتخب المغرب سفير العرب والأفارقة في ذلك المونديال، كان محط استخفاف من خبراء الكرة العالمية، وبخاصة من الألمان الذين تصوروا أنهم سيكونون في نزهة، بينما كان شوط المباراة الأول جحيماً بالنسبة لهم وهم ينهونه متأخرين بهدف المرحوم حمان، قبل أن ينجحوا في توقيع هدف التعادل وهدف الفوز في الجولة الثانية.
وخلدت تلك المباراة ثانياً، لأن المغاربة من تلك اللحظة سيغنون نشيدهم بالقلوب والمهج.