انزعج بعضهم لحد التضايق، يوم كشفت «فرانس فوتبول» عن جوائزها التقديرية التي صاحبت تتويج كريم بنزيمة بالكرة الذهبية، وكان منها أن مُنح نادي مانشستر سيتي جائزة أفضل فريق.
وانخرط كل هؤلاء في جدال صاخب عن المعايير التي اعتمدت في إعلان «السيتي» فريقاً للموسم، فما أقنعهم شيء بأن ريال مدريد المتوج في موسمه بدوري أبطال أوروبا وبلقب «الليجا» لم ينل هذه الجائزة، وقد ذهبت إلى «السيتيزن» الذي حقق في موسمه ذاك لقب «البريميرليج»، وخرج من نصف نهائي دوري الأبطال أمام ريال مدريد.
ولو عبر هؤلاء إلى المنجز الاقتصادي الذي يجعل اليوم من مانشستر سيتي مؤسسة تقف على عمادات خرسانية، لو أنهم أمعنوا في قراءة الأرقام المدهشة لمعاملات «المان سيتي» في ظرفية اقتصادية موشومة بالهشاشة والتعقيد، بالنظر إلى السياقات الزمنية الصعبة التي تسود مناخ الأعمال عالمياً بسبب «جائحة كوفيد»، لعرفوا أن ما نال «السيتي» تلك الجائزة، إلا أنه قدم نموذجاً رائعاً في تحقيق الأهداف، الواحد بعد الآخر بسرعة قياسية وبدقة متناهية.
بينما يتنبأ أكثر المتفائلين من أن الاقتصاد العالمي لن ينهض من كبوته، ولن تستقيم مشيته بعد عرج، إلا في حدود سنة 2025، نجد أن مانشستر سيتي المؤسسة الرياضية التي تديرها عقول إماراتية عربية، قد حققت عائدات بلغت 613 مليون جنيه إسترليني، وصافي ربح بلغ 43.2 مليون جنيه إسترليني في الفترة ما بين يوليو 2021 و30 يونيو 2022.
الجميل أن هذه الأرقام المبهرة التي تظهر مدى التعافي الاقتصادي لمؤسسة «المان سيتي»، اقترنت بخمس سنوات رائعة تكللت بالفوز بدرع البطولة الإنجليزية أربع مرات تحت إمرة الفيلسوف جوارديولا..
لا أريد أن أسترسل في جرد الأرقام الدالة على مناعة برج «السيتي» الجديد، وعلى الحصانة التي بلغها النادي في إدارة مرفقه الاقتصادي، بحكمة وحوكمة أبناء الإمارات، إلا أنني أقف عند الذي قاله معالي خلدون خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة نادي مانشستر سيتي، معلقاً على هذه الأرقام المبهرة، لأكشف عن الوجه المبدع والخلاق في إدارة نادٍ رياضي إنجليزي بعقلية استثمارية، قوامها الحلم على أرضية صلبة.
عندما أقدمت مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار على شراء نادي مانشستر سيتي في أغسطس من عام 2008، حددت هدفاً أول لها تجاوز المعايير التي وضعها الآخرون لكرة القدم، وتجاوز المعايير التي يفترض أن تكون الأندية الرائدة أوروبياً قد اشتغلت عليها، ليأتي بعد ذلك الهدف الثاني، وهو أن يصبح «السيتي» هو المرجع العالمي في وضع المنظومة الاقتصادية، والحال كما قال معالي خلدون المبارك، إن المجموعة بدأت بالفعل في تحقيق طموحات المدى البعيد، وتلك قصة نجاح مبهرة، تظهر نواحي كثيرة في العبقرية الإماراتية التي وضعت فلسفة جديدة، لا تقوم على الاستحواذ، ولا على تحصيل المنفعة المالية بطرق مخربة للكيان وللهوية، ولكن بالتنزيل القيمي لمفهوم رابح رابح.. وعندما يدرك «المعترضون» قيمة وأبعاد الفلسفة الإماراتية، في بناء الصرح المتين لـ «المان سيتي»، سيزول عندهم العجب من تتويج هذا الفريق بجائزة الأفضل.