تابع العالم العربي برمّته يوم أمس حفل إعلان الفائزين بتحدي القراءة العربي. هذا الحدث الاستثنائي الذي تراكم عبر سنوات قليلة وأصبح شجرة ضوء عملاقة تنير مستقبل اللغة العربية وثقافتنا الراهنة، وأملنا في غدٍ أفضل لأجيالنا القادمة. فاضت المشاعر واختلجت القلوب مع إعلان أسماء من سهروا في النهل من المعرفة واختاروا القراءة طريقاً لتنمية العقل والروح، وتهذيب النفس وتدريبها على الحوار الفكري والجمالي. ويحق لكل لنا كعرب، أن نفخر بهذا الإنجاز الكبير الذي رسّخه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، في نفوس الطلاب والطالبات في جميع مدارس الوطن العربي وفي المهجر أيضاً، ليصبح تحدي القراءة العربي ليس فقط مجرد منافسة على قراءة الكتب بين أكثر من 22 مليون طالب وطالبة من 44 دولة، وإنما أيضاً أسلوب حياة وأنموذجاً مثالياً لما ينبغي أن تكون عليه الشخصية العربية المتسلحة بالمعرفة والإبداع والمنطق وسعة الاطلاع.
في كل عام، تزداد أعداد المشاركين الداخلين إلى حديقة المعرفة عبر بوابة تحدي القراءة العربي. وهؤلاء أصبحوا قدوة ومثالاً لبقية الطلاب في مدارسهم وبلدانهم، ورأينا كيف صارت تطلقُ أسماؤهم على المكتبات وربما غداً على الشوارع، وبعضهم صاروا سفراء سلام في برامج اليونيسكو. وكلنا ثقة بأن هذا الجيل الذي تشرّب قيم الثقافة منذ الصغر، هو الأجدر على قيادة الأمة العربية العظيمة واستعادة مجدها الزاهر، وهو الغاية العظيمة لهذه المبادرة العظيمة.
كنّا على الدوام صنّاع حضارة، وسنبقى كذلك ما دامت شعلة الأمل تُرفع بأيدي رجالٍ رهنوا حياتهم لتحدي المستحيل، وصاروا يكتبون التاريخ بالفعل لا بالقول. ولنا أن نستشرف غدنا وهو يدارُ بأيدي هؤلاء الطلاب والطالبات، ولنا أن نطمئن على مستقبل لغتنا العربية التي توافرت لها كل السبل لتزدهر أكثر ولتحتل مكانتها الحقيقية كأعظم لغة في العالم اليوم بعدد مفرداتها وفنون صرفها ونحوها وقدراتها اللانهائية على التعبير الفني والجمالي والعلمي. كان الحفل صورة مصغّرة لمعنى العروبة والأخوّة والوحدة والتلاحم الجميل. رُفعت الأعلام وعُزف النشيد الوطني لكل بلد وتداخلت الهتافات والوجوه ما بين الصغار والكبار والأمهات والآباء والمعلمين والمعلمات. تعانقت القلوب على الحب، وكان الإبداع العربي حاضراً في جميع التفاصيل. إنها بالفعل أنشودة أمل عالية غناها الجميعُ بلسانٍ عربي فصيح.
شكراً من القلب لكل هذا الجمال والإبداع، ومبروك للفائزين في هذه الدورة السادسة، للطلاب والمعلمين والمدارس الذين يكتبون معاً هذه الملحمة المضيئة في سماء مجدنا.