- مجاورة بعض الناس ما تخلى من فائدة، ولا من الخدمات التي يقدمونها لك دون أن تدري، وبطريقة مجانية، ولا هم يشعرونك بها، تلقاهم دائماً يتصدون لأي طارئ، ويراجعون البلدية عنك، عطل في «بايب» الماء العمومي، تجده قد أجرى اتصالاته من الفجر، وأمّن لجيرانه «فوزة ماي» ببلاش، مستعد يدخل على أي أحد من أجل مشكلة بسيطة، أنت تتحرج أن يدري عنها الناس، باسكو توزعه البلدية بالمجان سراً، تجده أول العارفين، ويجلب ما ينفع «حويّه»، و«حوّي جيرانه»، وفي حزّة النزاع تلقاه موجود، مثل هذا الجار لو تسافر، وتخلي باب بيتك طلقاً، ما أحد بيتقرب حذاه، أي مشكلة تلقاه ينهيها في لحظتها، مب مثلنا نحن أصحاب «أعتقد»، وجماعة أن هناك مشكلة شائكة، علينا إيجاد الحل الناجع لها أو أمهلني ريثما أتدارس الأمر، معناه بيبطون جيرانك ينتفعون بك!
- بعض الأجنبيات الفاهمات إذا ما لبسن عباءة شرقية ملونة، وليست سوداء مثل جماعتنا، تطيح عليهم، ويصبحن أغوى من قبل، وأشعرك أنها آتية من ليل الحكايا في ألف ليلة وليلة، ومرات يذكرننا بلوحات فناني الاستشراق، وهوسهم بالشرق الساحر، ومفاتن البيوت، ونظل مبهورين فيما يقلن ويطرحن، ومعظم آرائهن تجدنا موافقين عليها مسبقاً، ونحب أن يطول بنا النقاش، بصراحة.. ليس مثل العباءة تأثيراً على العقل العربي، وخاصة المتقاعد.
- هناك أشخاص تتمنى على الله أن يمد في أعمارهم طويلاً، لأنهم لا يتكررون كثيراً، مقبلهم مثل نسمة هواء مريف، وشوفتهم تسر النفس، خفاف والبِشر في وجوههم الطلقة، والله ما بيغثّونها بالشكوى، وقلة العين، وفلان عنده، وليتكم شاورتوني قبل ما تسوون ذاك الشيء.
- في ناس تلقاهم يعرفون أسماء السفراء، وفي أي البلدان استقر بهم النوى، ومتى تم تغيير بعضهم أو نقل بعضهم الآخر، طبعاً هذيلا ما وراهم إلا الربكة وخربطة جدول سعادة السفير، ويخلونه يتجمل، ويعثر عمره، ويوفر لهم سيارة في تنقلاتهم، ويعزمهم على غديات.
- لأن المثقفين وخاصة الذين تستهويهم العلوم الفلسفية وعلم الأخلاق والاجتماع، يحبون الكلام كثيراً، والكلام المعقد وصعب الفهم، مثل؛ المستنقع التاريخي، والعدمية، الأفق البيولوجي والراهن والديماغوجية، لا أدري من أرى مثل تلك الكوكبة مجتمعة، وهم يلوكون ذلك الحديث الذي لا يسمن، ولا يغني من جوع، وأتخيل لو كانت أمام أولئك المنتدين المحاضرين والمحتد نقاشهم صينية «قلاية بندورة» مع أرغفة خبر تنور ساخن، وعلى جنبها كأسات شاي أحمر بالنعناع والميريمية طيّب، كيف سيتحول الحديث ويتلون النقاش، وتهدأ نفوسهم المتوثبة.
- بخبركم.. ينلامون العرب في الفلاسفة! اللي تلقاه «مبوّه»، واللي مرتبك ويشعى الجلوس إذا مر أمامهم، والذي تجده تائهاً لوحده في فضاء متخيل، والذي يمر جنبك تقول مار بجانب عمود الإنارة دون التفاتة أو نظرة وابتسامة كاذبة، تقول ما كأننا متعارفين ومتريقين صباح اليوم، وأكبر سؤال عندهم يبدأ بلماذا؟ مع اكفهرار واضح، وتعقيد الجبين، ورفع الحاجب الأيسر، فتخاف منهم قبل السؤال.