عادت كأس العالم.. عاد الصخب والترقب والتوتر والحماس، وكل تلك المشاعر التي لا تكون سوى هنا، عاد العالم بصفوة منتخباته يتصارع على أرض واحدة، في حرب كروية بمعناها الحرفي والمعنوي، وعاد السائرون على جسر الأمل ينشدون خطوة إلى الأمام، يناطحون فيها أولئك الكبار، حلم التفوق والانتصار.
لا شك أن المنتخب السعودي، ومعه بقية المنتخبات العربية هم أول ما يعنينا، واستحق «الأخضر» بالذات أن يكون في دائرة الضوء، بعد مباراته الأولى أمام الأرجنتين، التي حقق فيها انتصاراً تاريخياً على المنتخب الأرجنتيني، وهو انتصار أثبت أن الإرادة وحدها ما تصنع الكبار، وحتى في مباراته أمس الأول أمام بولندا كان كبيراً ورائعاً، ورغم الخسارة استحق الإشادة، وما زالت هناك بقية للحلم «الأخضر»، حتى وإن تعثر.
رائع «المونديال» دائماً، ويستحق المونديال الحالي بالذات أن يكون استثناء، فيه بقية من أحلام تكتب سطورها الأخيرة، فهو الأخير لعدد من النجوم الكبار، لعل في مقدمتهم الأسطورتين ميسي ورونالدو، والبولندي ليفاندوفسكي، وربما البرازيلي نيمار الذي قال بنفسه، إن البطولة الحالية قد تكون الأخيرة في مسيرته، ومن أوروجواي لويس سواريز، وكافاني، ومن كرواتيا لوكا مودريتش، والفرنسي، أفضل لاعب في العالم كريم بنزيمة الذي يبلغ من العمر حالياً 35 عاماً، والويلزي جاريث بيل، والحارس الألماني مانويل نوير، والنجم الإسباني سيرجيو بوسكيتس.. أسماء كثيرة ستغيب.. قطعاً لكل زمان نجومه، لكن ظني أن غياب هؤلاء النجوم دفعة واحدة.. سيُفقد الكرة الكثير من الضوء.
أيضاً، هذه هي البطولة الأخيرة بمشاركة 32 منتخباً، ومن النسخة المقبلة، ستزدحم البطولة بـ48 منتخباً، وعلى الرغم من أن مشاركة كل هذا العدد يمثل فرصة لأولئك الجالسين دوماً على قارعة الأمل، الذين يكتفون بالفُرجة، إلا أنه في المقابل محفوف بالحذر من تراجع المستوى الفني للبطولة، وعلى القادمين من «غيابات اليأس» أن يثبتوا أنهم يستحقون.
من الملاحظات الجديرة بالاهتمام في البطولة الحالية، التقدم النسبي الذي تحققه الكرة الآسيوية على نظيرتها الأفريقية، بعد عقود من سيطرة «القارة السمراء»، وهو تقدم يمضي «الهوينى»، ومتواصل منذ النسخة الماضية في روسيا، والتي فشلت كل منتخبات أفريقيا في عبور دورها الأول، فيما خرج المنتخب الياباني من دور الـ16 أمام بلجيكا، وهذا التطور في مستوى الكرة الآسيوية، يمثل مؤشراً ودافعاً لكل منتخبات القارة بما فيها «الأبيض».
بقي أن نشيد بالبطولة المقامة على أرض عربية، وبالمنظمين، الذين أثبتوا للعالم أن بإمكان العرب أن يصنعوا التاريخ.
كلمة أخيرة:
المونديال.. بطولة للكرة وللجمال، والأحلام والخيال.