منذ يومها الأول يتجلى التسامح في صورة رفع علم الاتحاد لأول مرة وقد التفّ حول سارية العلم من فئات العالم من يمثلون أقطاره، وليس ذلك بمحض الصدفة ولكن بواقعية تعكس التسامح والتعايش في دولة يقف علمها شامخاً مرفرفاً ومعبراً عن حرية وعطاء وخير لا يعرف نهاية. وكما تجانست كلمات النشيد الوطني مع موسيقاه فقد تجانس البشر فيه بلا فروقاتٍ أو مقارنات، وأصبحوا جزءاً لا يتجزأ من تاريخه المجيد. إنه ببساطة شديدة «وطنٌ لا يعرف إلا الخير».
وكما حرصت الحضارة الإسلامية والثقافة العربية على نشر التسامح، وكان عنصراً رئيساً في تعاملها مع الآخر لجذبه واحتوائه، هكذا هي الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي لا يشبهها في ذلك سوى الحضارة الأندلسية التي أقامها المسلمون، حيث تعايشت الثقافات والأديان والهوِّيات لترسم لوحة مُشرقة يَسترشد بها البشر. ويمثل مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة واقعاً مستداماً للتسامح والتعايش، فقد اختارت أكثر من 200 جنسية أن تتلقى تعليمها وتربي أبناءها وتعمل وتعيش في الإمارات؛ لما وجدته من تآلف وقبول، ففيها يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات، ويتلاحم أفراد المُجتمع بإيجابية كفلت مناخاً مِن الوئام والأمن والأمان.
هذا هو الوطن المثالي الذي لا يعرف إلا الخير والجمال والإنسانية، وعلينا أن نحافظ على مكتسباته ونرسخ قيمه بل وننشرها كنموذجٍ لاستدامة الموروث الذي حرص على حفظه شهود العصر والمخضرمون. إنهم من يفتح لنا صفحة الماضي لننهل من معارفها، كما تحفزنا تضحيات الآباء والأجداد لتقديم كل ما هو أجمل وجدير بحفظ «كنوز الإمارات» وذاكرتها الحية، وقد أصبح توثيق تلك المرويات والمشاهدات من الأولويات القصوى التي نقيس بها مدى التأثير والتأثر والتغيير والتغير.
للعارفين أقول: أطلب من أبناء الجيل الجديد أن يزُورُوا الماضي في حلته الجديدة؛ فكبار المواطنين، وقد مروا بالطرق الوعرة، يصوغون لنا من تجاربهم ما يجعلنا أكثر جسارة وشجاعة وفخراً بإنجازاتهم، وما تحليلاتهم ومقارناتهم ومقارباتهم للأجيال إلا وسيلة من وسائل طرحهم الذكية التي تجعل المستقبل أكثر جمالاً.