تتأمل في أناملها المخملية، فتجدها تنسج من التلي عباءة الوطن من حرير الحنين، والتاريخ يحمل في طياته شرشف الذاكرة محملة بوجد عشاق ما نامت أعينهم ولا غفلت جفونهم عن ذلك الذي ترسخ في الأذهان حتى صار أيقونة الزمان، صار في الوعي سبورة المراحل الأولى لصفوف رفعت النشيد الوطني عالياً، كما ارتفعت الأعلام مرفرفة كأنها النسور في طلعتها، كأنها الجسور تفضي إلى مستقبل زاهر بعيون، وفتون، وشجون، وشؤون، والقلوب دفاتر ما ملت من بث اللواعج عند قارعة الزمن ونواصيه، وها هي المرأة النبيلة من «أمهات زمان» تعكف على حياكة قميص الفرح، وترتل مشاعرها آيات لجيل يعتبر ويعتني بالمعطى لأنه السجل في التاريخ، ولأنه التبتل في عمر الناس النجباء، يحملون في أعماقهم صور الولاء لقيادة أسست في ضمائرهم معنى الحب، وعند أعناقهم طوقوا فضيلة الوطن ذاهبين به إلى حيث تكمن الحقيقة، والحقيقة هي أن الإمارات شجرة الخلد تهجع عند أغصانها الرطيبة طيور الحياة الوادعة، حالمة بأيام هي أيام المجد والرفعة والسؤدد والرفاه والعزة، وكرامة الأرض والسماء.
في يومها الوطني جلست تلك المرأة النجيبة، منكبة على خيط وميسم، تخيط للحياة ملاءة الفرح، وتلون القماشة بعرق اليدين، وعند انبلاج الفجر تبزغ شمس النهوض تشيع الأجيال ببريق وطن ما مثله وطن ولا شبيه له إلا هو.
وطن النبلاء، هذا وطن الأنقياء، هذا وطن الأحلام الزاهية، يرسم للآتي صورة أزهى من النجوم، وأرقى من الجبال الشم، وطن أصبح اليوم في العالمين المثال والنموذج، أصبح اليوم في الوجود رواية لملحمة سطرها من عشق التراب، حتى صارت الشجرة الوارفة شرايين قلبه، والسماء سقفاً لأحلام طيوره التي رعاها وغذاها، وسهر على إسعادها، حتى أصبحت الإمارات اليوم موطن الحالمين بالأمن ورفاهية الحياة، حتى أصبحت الإمارات اليوم موئلاً لحياة سحابتها ابتسامة امرأة تخضب الكفين بالأحمر القاني وعند الشفاه تكمن أجنحة المغرمين بالفرح، الهائمين بقصيدة عنوانها الإمارات بلادي.
اليوم ونحن نتابع ما يحدث على أرض الواقع، ونتأمل هذا التلاحم بين القيادة الشعب، نشعر أن ما قدمه زايد الخير، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، تقطف ثماره أجيال اليوم وتسعد بلذة ما لهذه الثمار من رونق الانسجام مع الطبيعة، في وحدة وجودية لا تحدث إلا في الإمارات فقط.