يتعبنا هذا الأمل الذي نطارده منذ زمن بعيد، في أن نرى «الأبيض» يخرج من «جحر التواضع»، ليعلن فينا عودته إلى المشهد الكروي الخليجي والآسيوي، جسوراً وحاسماً وجديراً بلبس ثوب البطل، وفي كل مرة يجهز علينا التعقب والسفر، فلا نرى في الأمل غير خيط دخان يتبخر في الهواء، وغير سراب هو مثل الماء الذي ينفلت من أصابع اليد. 
انتظرنا أن ينبلج من البصرة فجر جديد، أن ترسو أخيراً مراكب الحلم في الميناء، لتصبح حقيقة ماثلة أمام العيون، فما كان يصل إلى البصرة وشط العرب سوى منتخب منهك، ومرهق من فرط المخاضات التي لا تأتي بأي شيء، أو إن هي تمخضت ولدت لنا وجعاً نجتره إلى ما لا نهاية.
إلى كأس الخليج الخامسة والعشرين جاء «الأبيض» حاملاً لكثير من الإشارات، على أنه سيخرج من جلباب البطولة معافى من كل الإنكسارات والأعطاب التي أصابته في الفترة الأخيرة، لم نكن نريد بأي حال من الأحوال، أن ننغص على المدرب رحلته المخملية إلى بصرة الأمل، ونطارده بقساوة بسؤال تغييب رمح هجومي في قوة وحدة علي مبخوت، فقد أجلنا نزق السؤال إلى ما بعد نهاية البطولة، إلا أن ما شاهدناه في مباراتي البحرين والكويت، أنبأنا بأن أروابارينا المدرب الأرجنتيني لـ «الأبيض»، إن كان قد اتخذ قرار استبعاد مبخوت لأسباب فنية، فإنه عوقب على ذلك أشد ما سيكون العقاب، فلا المهاجمون الذين شاهدناهم أنسونا في مبخوت، ولا منظومة اللعب بتنشيطها الهجومي أعطت لأروابارينا الحق في ما فعل.
مطلقاً، لا أقول إن علي مبخوت هو «الأبيض»، فلا وجود لمنتخب ولا فريق يضع مصيره كاملاً بين قدمي لاعب واحد، ولو أن مبخوت بالنسبة لـ «الأبيض» هو لاعب «غير»، وقطعاً لا أختصر أزمة منتخب الإمارات التي كانت البصرة فاصلاً جديداً من فواصلها الموجعة والمؤلمة، في غياب «الجوليادور»، فهناك بالفعل حالة من التوهان الفني الذي يصيب بالدوار، فإن قلنا إن دوافع النجاح الرياضية موجودة ومنذ وقت بعيد، وهي مجسدة في الإمكانات المرصودة، وفي المعسكرات المتواترة، قلنا أيضاً إن الخصائص الفنية التي هي عماد النجاح الكروي لم تتحقق بالكامل، قد يكون المدربون والناخبون المتعاقبون هم السبب، وقد تكون منظومة التكوين المتقادمة هي السبب لأنها لا تنتج جيلاً جيداً، وقد يكون من أسباب هذا التأخر في إجلاء الغمة والهم، أن عملية إعادة البناء بطيئة بطء السلحفاة.
هذا الإخفاق الخليجي، ولو أن «الأبيض» ما زال يملك في مباراة قطر بصيصاً من الأمل، لا يفاجئ ولا يجب أن يحبط، على العكس يجب أن يتواصل العمل في العمق، فإن تغيرت الاستراتيجية لا تتغير طبيعة العمل الشاق.