مقولة قديمة في الخليج العربي تقول «اللي ما يشوف البصره، يموت حسره». ليست بعيدة هذه المدينة، في ماضي الوقت وإن كان زمن الرحلة إليها عبر البحر، وبوساطة سفن شراعية قديمة، ولكن البصرة قريبة جداً وفي القلب والوجدان، حاضرة دائماً بنخيلها وناسها الطيبين وشطها العذب. كانت زوادة الناس بالتمور والحب والحياة المتجددة، مثل نهر دجلة والفرات، لم تغب أبداً، وإن حدثت في السنوات الأخيرة بعض الانكسارات والحروب ومحاولة البعض أن يسلبوا هذه المدينة من أهلها وناسها في الخليج العربي. صرخت المدينة من أزقتها وشوارعها وناسها، بأن البصرة هي كما كانت، بل أكثر شوقاً لأن ترفع صوتها، بأنها بصرة العرب، هي عزهم، فخرهم، كرمهم وحبهم الكبير.. ولعل دورة كأس الخليج العربي، التي انطلقت من البصرة، بصورتها الجميلة التي تحمل صورة المحبة والود، الذي ساد بين الإخوة المتنافسين في كرة القدم، وسعي الجميع، لأن يكون العراق بلد الحب والخير والسلام. هكذا تأتي البصرة، وهي قادرة على أن تدير الدفة، إلى أن يكون العراق هو البوابة الشرقية للعرب، وقادراً على أن يدحر أصحاب الأفكار التي تفرق ولا تجمع. 
كأس الخليج العربي، صحيح أنها لعبة كرة القدم، ولكنها الآن في العراق صفحة بيضاء للسلام والحب وعودة للعراق بعد أن أنهكته الحروب، ومزقت تماسكه الاجتماعي، من أولئك الذين يطمعون في أن يظل العراق تابعاً لهم وليس ركناً مهماً في الصف العربي. تأتي البصرة عبر ناسها وعشاق الحياة فيها، لتقول لنا، إنها المدينة التاريخية في العطاء، منذ أقدم العصور، والآن تعود بوجهها العربي، وكرم ناسها وزهو نخيلها، ولعله انفكاك من أزمنة سوداء ورمادية، ظن البعض خلالها أنه غنم المدينة وناسها، وهيهات أن يكون العربي في المدينة قد نسي تاريخه وناسه في الخليج العربي، والممتد منذ أقدم العصور. 
البصرة، زهرة العراق قديماً وأشهر وأهم مدينة عند أهل الخليج، والآن تؤكد أنها كما كانت، بل أكثر شوقاً لناسها وأحبابها. كم نحن سعداء بهذه الدورة الكروية وانطلاقها من البصرة، حيث برهنت أن البصرة هي المدينة الجميلة التي تحب الجميع، وليست بعيدة عنا، هي راية السلام والحب المأمول، بأن يرفع ويرفرف فوق العراق ومدنه. وفي القديم، كانت البصرة من أهم مدن وموانئ الخليج العربي، وهي زوادة الغذاء الذي يعشقه ناس الخليج، وهو تمر البصرة، بأنواعه الكثيرة، والجميع يعرف تمر «البصري»، ذلك التمر الجميل واللذيذ، الذي يحمل اسم البصرة. ناس تربوا على أن مدينتهم من مدن الموانئ المفتوح صدرها دائماً لكل الناس، ولذلك لن تكون البصرة إلا مدينة الخير والحب والسلام، وإن حاول البعض سحبها إلى دائرة النزاعات والفتن، وإن عمل على إشعال نار الطائفية. من البصرة وناسها كان الجواب، البصرة عربية ولسانها عربي وقلبها عربي منذ فجر التاريخ. سلام أيتها المدينة العربية الشامخة.