منذ 8 سنوات لم يحقق منتخب الإمارات لكرة القدم إنجازاً حقيقياً وملموساً، وبدأت نتائج الفريق تشهد تراجعاً واضحاً منذ عام 2019.. وهذا يعني أن هناك خللاً في بناء المنتخب وتجديده، فهل خرج «الأبيض» من كأس الخليج بنقطة وحيدة بسبب عدم مشاركة لاعب، أم بسبب المدرب رودولفو أروابارينا، أم بسبب الأداء الجماعي للفريق وافتقاده مقومات القوة في الكرة الجديدة والجيدة؟
الإجابة على هذا السؤال الطويل يجب بحثها بعمق، فالمنتخب الإماراتي تولى قيادته وتدريبه أكثر من مدرب خلال السنوات الماضية، وهنا أتوقف عند طريقة اختيار المدرب واعتمادها على «شهادات الخبرة» كأساس اختيار، لكنني أذكر أن العديد من المدربين الذين نجحوا عربياً وأفريقياً وآسيوياً، تميزوا أولاً بالشخصية القيادية وأسلوب التعامل المعنوي مع اللاعبين، مثل برونو ميتسو، ومثل هيرفي رينارد ومثل كلود لورا.
الواقع أن الفريق يعاني من غياب قواعد المنافسة القوية، وهي شاملة وتتضمن قوة الهجوم وصلابة الدفاع، والسرعة في الأداء والحركة بالكرة أو دون الكرة، ويبدو في كثير من مبارياته، مكوناً من مجموعة تدافع ومجموعة تهاجم، وهذا لا يمثل جماعية فريق يلعب كرة القدم الجيدة، التي تفرض تنظيماً جماعياً كاملاً للمهام والواجبات الدفاعية والهجومية، وهنا يختصر الخلل في غياب الشخصية، بجانب غياب الروح القتالية وهو ما يكشف عدم وجود إعداد معنوي للاعبين قبيل البطولة وقبيل المباريات، خاصة أن المنتخب خسر نقاطاً في اللحظات الأخيرة لعدم التركيز وخسر نقاطاً أيضاً بإهدار الفرص.
كما في الحياة، هناك دورات لفرق كرة القدم ولأبطال اللعبات، وهناك منتخبات عربية وخليجية وعالمية، تمر بتلك الحالة الآن، وقد يطول زمن المرحلة أو يقصر، والمهم هو دراسة أوجه الخلل دون اختصاره في غياب لاعب أو سوء تشكيل أو قدرات مدرب فقط، ومنها شخصيته القيادية بالطبع، كما لا توجد علاقة ثابتة بين قوة الدوري المحلي وقوة المنتخب، والشواهد موجودة في عالم كرة القدم، ولعل أشهرها مسابقة «البريميرليج» والمنتخب الإنجليزي، وبعد الدراسة العميقة يبدأ البناء، على أساس قواعد كرة القدم الجديدة، ومنها الضغط العكسي والمتقدم، والدفاع المركب، والذي يبدأ من مقدمة الفريق بخط هجومه ويقوده أولاً خط الوسط الذي يحدد بدوره اتجاهات اللعب ومحاوره، ويتضمن البناء أيضاً دراسة سرعات اللاعبين المختارين للمنتخب في المسافات القصيرة، فكيف يقطع اللاعب المهاجم سبعة أمتار جرياً بسرعته القصوى وهو خارج الصندوق المنافس ليدخل منطقة الخطر ويسجل، فلم يعد كافياً معدلات الجري الكبيرة التي قد تصل إلى 14 كم في المباراة.
** تستمر بطولات كأس الخليج التي صنعت اللعبة في المنطقة وطورتها، وتقترب خليجي 25 من نهايتها، وقد عادت البصرة، وعاد العراق وعادت جماهير الفريق مؤازرة ومتحمسة، وعاد السندباد، مسافراً ومغامراً بما حمله في الأسطورة من خيال.