- عندي صديق يحب أبوظبي، وإذا رأى اثنين لابسين بدلاً في غير وقتها ومكانها من هالشباب الناهض، والذي يرطن بالإنجليزية، بجانب سيف البحر، ويتشاوران ويؤشران يمنة ويسرة، صاح: الله يستر بكرا بيسوون صندقة أو كتلة إسمنتية للإيجار، وبيغطون هذا الأزرق، ضمن مشاريع استثمارية بخطط سداد ميسرة، وأكثر ما يخاف غياب الأخضر عن أبوظبي، وظهور العمارات الغاضبة التي تشبه علب الكبريت، وأكثر ما يزعجه أسوار «الجينكو» التي تحيط بأي منطقة حيوية منها، وحينما ظهرت صورة الغزلان السارحة والوادعة في السعديات، قال: بكرا بيخمون ذيك الغزلان وبيزربونها في حوش أو بيطلقونها في محمية، وبتترك مكانها الطبيعي التي تربت فيه، وكانت المؤنسة له، بصراحة.. صديقي قلبه تعبان، وأخاف عليه!
- لا أدري لِمَ بعضهم من العرب إن كان لك حق، وأنت غير منتبه له، لن ينبهك عليه، وسيحاول أن يصمت كشيطان أخرس لأنه يصمت عن الحق، رغم أن ذلك من واجب وصميم عمله، لكنه يعد ذاك الحق، وكأنه يقتطع من جلده أو يؤخذ من جيبه؟ ويعتقد أنه بذلك يوفر على مؤسسته أو يرضي مديره، في حين الأوروبي تتطلب منه الأمانة والمهنية وكسب الآخر لمؤسسته، لأنه يمثل المؤسسة لا نفسه أن ينبه الغافل، وينصح الزبون، ويذكر الناسي بكل حق له، ولو كان صغيراً، ولو قال له مديره خلاف ذلك، لعده مخالفاً للمهنية، وانتقاصاً من حقوق الزبائن، وغشاً يعاقب عليه القانون، وثقلاً على النفس والضمير.
- هناك حرب وضرب تحت الحزام بين شركات التأمين الصحي وبين الأطباء في المستشفيات، والضحية المرضى، يدخل المريض على الطبيب، فيفرح بحضوره، ويظل يقلبه ويفتشه، ثم يفحصه ويغربله، والمريض الذي يمكن طبابته خلال أيام، تمتد زياراته لأسابيع، مرة أشعة عامة، وأشعة مقطعية، ومرة «سكانر»، وأشعة حمراء، وأشعة فوق البنفسجية، والمريض في حالة نفسية مضغوطة، لكنه لا يعصي أمراً، ولا يخالف توصية طبية، وخلال تلك المراجعات التي لا تخلو من أكياس حبوب وأدوية ومسكنات ومضادات حيوية، ينتفخ المريض وتزيد العلة علتين، فما يكاد أن يشفى من هذه، إلا ويلتقط تلك، الطبيب يرسل أوراقاً ويطلب تفويضاً بالعلاج، وشركات التأمين تشك في مسألة التمريض والتمارض، وطلبات الأطباء التي لا تتوقف، المشكلة بين الأخذ والرد والقبول والرفض في تلك اللعبة بين الأطباء وشركات التأمين يحضر مريض حقيقي، ومحتاج لكل تلك الإجراءات والأدوية والمتابعات وربما المبيت في المستشفيات، ويظهر التعنت والمساومة من قبل شركات التأمين الصحي، وتزيد طلبات الطبيب هذه المرة لصالح المريض الحقيقي، لا نريد أن ننعى المهنية، ولا نريد أن نحاسب على النيات، ولا نريد أن تطغى المادة على الرسالة التمريضية، ولا نريد إلا الصالح العام بعيداً عن الحرب والضرب تحت الحزام بين مستشفى خاص وشركة تأمين صحي عام!