تطورت بطولات كرة القدم على مدى عقود، وعدلت خريطة المشاركات، وزادت أعداد المنتخبات، بتأثير الشعبية الهائلة للعبة، والأرباح الخيالية التي تدرها، لاسيما بعد انفجار عصر التلفزيون في خمسينيات القرن الماضي، وقد بات هذا الجهاز الساحر بشاشاته حاكماً حقيقياً لصناعة كرة القدم في العالم.
وشأن كل صناعة أصبحت زيادة الأرباح هدفاً، وتلك هي القصة الحقيقية لكرة القدم ولبطولاتها منذ ميلاد أول فكرة بسيطة لكأس العالم للأندية في عام 1909 بتشجيع من رجل أعمال. لقد حقق «الفيفا» إيرادات كبيرة في الفترة من 2019 إلى 2022 فارتفعت إلى 7.568 مليار دولار، بزيادة مليار دولار عن فترة السنوات الأربع السابقة، وبلغت عائدات حقوق البث التلفزيوني وحدها 5.769 مليار دولار، فيما توقع «الفيفا» زيادة إيراداته خلال السنوات الأربع القادمة إلى 11 ملياردولار. هذا هو الهدف الثمين لإدارة كرة القدم، فلماذا لا تستثمر شعبية اللعبة لزيادة الإيرادات، وهو أمر أثار بعض الاعتراضات من جانب اللاعبين بسبب زيادة عدد المباريات السنوية، وكذلك اعترضت بعض الاتحادات، وبعض الخبراء، وبعض الإعلام، إلا أن «كل هذا البعض» رضخ في النهاية لفكرة زيادة الإيرادات التي تعود على عناصر اللعبة وعلى كل البعض!
وهذا تحقق وفقاً لمشروعات مرسومة ومخططة، ففي عام 2016 في العاصمة الكولومبية بوجوتا، أعلن جياني إنفانتينو، رئيس الفيفا، عن مشروعه بزيادة منتخبات كأس العالم إلى 48 منتخباً في عام 2026، وتحويل كأس العالم للأندية إلى بطولة كبرى، تقام كل أربع سنوات، بتمويل يقدر بـ 25 مليار دولار، يأتي معظمه من شركات آسيوية.
هكذا قبل سنوات، ألقى رئيس الفيفا بالكرة إلى ملعب الاتحادات الأهلية والقارية، على سبيل «جس النبض»، ولكنه لم يكن كذلك، وإنما هي مشروعات توسع من البطولتين، وقد دارت مناقشات في البداية حول التأثير الفني السلبي لرفع عدد المنتخبات المشاركة في المونديال، وزيادة عدد الفرق المشاركة في كأس العالم للأندية، وأيامها قال إنفاتينو إن الهدف هو توسيع عدد المشاركين في البطولتين باعتبارهما من أعياد الكوكب، وصمت الجميع.
وقضي الأمر، بإقرار كونجرس الفيفا زيادة عدد منتخبات مونديال 2026 إلى 48 منتخباً، ثم في ديسمبر الماضي، وافق الكونجرس على زيادة عدد فرق كأس العالم للأندية إلى 32 فريقاً، وأعلن الفيفا قبل أيام توزيع مقاعد القارات في البطولة الأولى التى ستقام في شهري يونيو ويوليو 2025 بالولايات المتحدة، وقد فازت أوروبا بـ 12 مقعداً، و6 مقاعد لأميركا الجنوبية، بالإضافة إلى 4 مقاعد لآسيا، و4 لأفريقيا، و4 لاتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي، وفريق واحد لاتحاد أوقيانوسيا لكرة القدم، بجانب فريق الدولة المضيفة.
** أنت مع من ومع ماذا؟ مع الفيفا وإنفانتينو أم مع تقليل عدد البطولات والمباريات والمنتخبات والمشاركات؟ أم مع «كل البعض» المستفيد من أرباح كرة القدم؟