لماذا نسيت الاحتفاء بك يا عيد الحب حين مررت بتاريخ 14 فبراير. هل كنت في غفلة عن الأعياد؟ أم لأن أيامي كانت رتيبة. تمر الساعات وأنا سادرة في الملل. تغيم الذاكرة لما أبتغي. أنهض من دون رغبة في النهوض. وبينما أنت أيها الحب. أيها اللهب السري في كيميا الخليقة، احتفى بك المحبُّون في كل أرجاء الأرض، وأنا في موجة النسيان، كأنني ساكنة في خيمة الكآبة. فلم أحتفِ بك وبأحبتي الذين يسكنون في شغاف قلبي على مر الأيام والسنين. على رغم أن روحي كانت تتوق إلى الفرح والبهجة بلقائهم، ونثر ورود المحبة على قاماتهم. لأن الاحتفاء بهم هو نور الحب حين يغمر القلب ويضيء عتمة النسيان. 
وها أنا اليوم على رغم مرور عيدك، أتذكر ما دونته يوماً على صفحات الذاكرة للشاعر المبدع الرائع جبران خليل جبران، الذي أيقظ في روحي شغف الشعر حين كنت صبية أدرج في مراقي العمر. فيقول: حين تحب وتحتفي بالحب يصير مسكنك الفرح وطعامك فاكهة الروح. وغطاؤك فضاء الحب. وسياجك الورد، وحدود بيتك السعة واللانهائي. نهارك نور الحب إذ يغمر القلب، وليلك همس الحب حيث يطيب الهمس. ومتى يناديكم الحب فاتبعوه، ولو كانت طرُقه وعرة ومحفوفة بالمخاطر. وإذا طواكم بجناحيه فاستسلموا له. ومتى يخاطبكم فصدّقوه، ولو بدد صوته أحلامكم كما تبدد ريح الشمال أزهار الحديقة. وكما أن الحب لنموّكم، فهو كذلك لتشذيبكم. وكما يتسلق أعاليكم ويداعب أغصانكم التي ترتعش في الشمس، كذلك ينحدر إلى جذوركم ويهزها وهي تتمسك بالأرض. وكحُزم القمح يجمعكم إلى ذاته، ويغربلكم ليحرركم من قشوركم، ويعجنكم حتى تلينوا. كل هذا يصنعه الحب بكم لتتعرفوا إلى أسرار قلوبكم، وفي هذه المعرفة تصيرون بعضاً من نبض الحب والحياة.
الحب لا يعطي إلاّ نفسه، ولا يأخذ إلاّ من نفسه. الحب لا يملك شيئاً ولا يملكه شيء، لأن الحب يكتفي بالحب. ولا تظن أنك تقدر أن تسيّر طريق الحب، لأن الحب إذا وجدك أهلاً سيّر هو طريقك. الحب لا يطمح إلاّ إلى تحقيق ذاته. أما إذا أحببت وكان لابد لك من مطمح، فليكن لك هذا: أن تذوب وتكون جدولاً يردد أنغامه في أذن الليل. أن تعرف لوعة الحنان المتناهي. أن يجرحك فهمك أنت للحب، وأن ينزف جرحك برضا وفرح. أن تنهض مع الفجر بقلب مجنّحٍ وتحمد الله على يوم آخر من الحب. أن تستريح عند الظهيرة وتتأمل نشوة الحب. أن تعود إلى بيتك في المساء شاكراً، ثم تنام وفي قلبك صلاة لمن تحب، وعلى شفتيك أغنية مديح لمن تحب!