مثل مباريات أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي، أخذ ليفربول في الشوط الثاني يوجه الضربات لغريمه التاريخي مانشستر يونايتد.. أخذ يلعب، ويحوم، ويدور كما الفراشة، ويضرب ويلسع كما النحلة، وقدم عرضاً مذهلاً في فنون كرة القدم، وحقق نتيجة غريبة لم يصدقها تن هاج، ولم يصدقها أيضاً يورجين كلوب، ولم يصدقها جمهور المشاهدين في ملعب أنفيلد وحول الشاشات في أرجاء الكوكب.
أعتقد أن الهدف الثالث الذي سجله جاكبو في الدقيقة 50، أصاب فريق يونايتد باليأس، لدرجة أنه بدا أن الجميع استسلموا، لم يكن هناك كبرياء، ولا قتال، ولا محاولات حثيثة ومستمرة، ولا رد فعل، لقد مزقهم ليفربول وسجل انتصاراً سوف يحيا إلى الأبد في قلوب مشجعيه.
في أكتوبر 1895 حقق ليفربول نتيجة تاريخية على حساب نيوتن هيث، وهو اسم مانشستر يونايتد في ذاك الوقت، حين هزمه 7-1 في دوري الدرجة الثانية، أما الفوز الأخير على ملعب أنفيلد، فقد عادل أسوأ هزيمة ليونايتد 0-7 أمام بلاكبيرن في عام 1926، وأمام أستون فيلا عام 1930 وولفرهامبتون في عام 1931. كيف حدث هذا الكابوس، لمانشستر يونايتد الذي لم يهزم سوى في مباراة واحدة في 22 مباراة، وتوج بطلاً لكأس كاراباو منذ أيام؟ إنه سؤال ليس له أي تفسير، سوى أنها دراما كرة القدم، وظروف المباريات، واستغلال أخطاء المنافسين، واللعب بمهارات فردية عالية ورفيعة المستوى في سياق الأداء الجماعي.
ليفربول لم يكن في أفضل حالاته قبل المباراة ومنذ الموسم الماضي، حين مني بهزائم ثقيلة، وكان الفريق على ركبتيه، وكان يتوقع أن يحدث له شيء فظيع سوف يصيبه، وهو الانهيار، إلا أن ذلك لم يحدث، وفجأة بعد الانتصار الكبير الذي حققه الفريق على يونايتد، أصبح الحديث الآن يدور حول «وصول مستقبل هجوم ليفربول إلى أنفيلد ممثلاً في محمد صلاح وجاكوب ونونيز». حقق صلاح رقماً قياسياً، وأصبح الهداف التاريخي لليفربول في بطولة الدوري بنظامها الجديد «البريميرليج»، منفرداً، برصيد 129 هدفاً في 205 مباريات، متفوقاً بفارق هدف على النجم المعتزل روبي فاولر.. والأرقام مهمة، ولها دلالات، ويحتفل الإنجليز بها، لكن عندما يحقق لاعب أرقاماً قياسية نتيجة لإبداعه ومهاراته الفردية، فإن قيمة تلك الأرقام تتضاعف، بمعنى أن بعض اللاعبين يسجلون أرقاماً خالية في أحيان من هذا الإبداع، الذي ينتزع آهات الإعجاب والدهشة في المدرجات، إلا أن هذا ما فعله صلاح في تلك المباراة فهتف وغنى له جمهور الفريق، ولا يفعل الجمهور ذلك إلا إذا خطف إبداع لاعب القلوب.
 ** حصل لاعبو ليفربول على درجات عالية في تقييمات مختلف الصحف والمواقع الرياضية، وتراوحت درجة صلاح بين 9 و10 من عشرة، وكان رجل المباراة، وأهم لاعبي ليفربول.