اليوم هو يوم فيه تشرق شمس الطفولة،  كما تشرق الفرحة في قلوب الآباء،  كما تسفر الأقمار في السماء، كما يغرد الطير على الايك،  ويهدل الحمام.
اليوم هو يوم تحتفل فيه الأمم بطفولة رخية،  زاهية بالفرح،  تحميها سقوف دافئة،  من برد،  ومن سغب،  ومن تعب.
اليوم ونحن نقرأ أخباراً عن طفولة معذبة، في مختلف البلدان، التي ابتلاها الله بالمرض،  وسوء الحظ.
اليوم في أمكنة متعددة يعتصر القلب على طفولة لم تعرف لون الابتسامة،  ولا شكل البريق،  ولا ذاقت طعم الفرح،  نشعر بأن العالم بحاجة إلى إعادة صياغة لوجدانه،  لتغيير أثاث أحزانه،  وتحويل غضون الجباه إلى خيوط لأشعة السعادة،  وهي تمضي باتجاه المضغة،  بومضة،  تحض على الفرح،  وترفض أن تعيش الطفولة حياة الفقر، والعازة في زمن يبذل العالم مليارات الدولارات لتصنيع أسلحة الدمار،  وبذل الغالي والنفيس، من أجل حروب عبثية،  وصراعات عدمية لا تسر الصديق، ولا العدو.
اليوم في زمن استطاع الإنسان أن يهبط على ظهور الكواكب والنجوم، ولكنه لم يستطع الهبوط على صهوات السلام بوئام، كل ذلك يحدث،  والهيئات الدولية والمنظمات العالمية تحذر من هذا الهوس،  وهذا الانفجار الكوني الذي أصاب المشاعر وحولها إلى نشارة خشب متفحمة.
كل ذلك يحدث،  ويحدث بفجور،  ولا من يعي،  ويفهم بأن الأرض للجميع، وسلامها يعني الجميع،  والطفولة التي تكابد مرارة الحرمان،  هي طفولة بشرية في نهاية المطاف،  وجميع أطفال العالم هم أطفالنا، فلذات أكبادنا،  وعندما يئن طفل من الفقدان فإنه يصرخ في داخلنا،  إنه يفجر معاناته في ضميرنا،  ويقول لنا جميعاً، استيقظوا، فإنه من لحم ودم، كما أنكم من لحم ودم.
عندما تذرع عين طفل دمعة،  فهي تطفئ شمعة في حياتنا وعندما ترتفع صرخة طفل، فإنها تطلق رصاصة الرحمة على كل ذي قلب، وكل ذي مشاعر إنسانية لم يلوثها دخان المعارك،  ولا يغيبها ضجيج هواجس القوة المزعومة.
الطفولة هي، النبراس،  وهي القوة الحقيقية، لبناء مجتمع إنساني متكامل الأضلاع، فان بوغتت الطفولة بالحرمان من الأمان،  ضاعت عن بوصلتها الجهات الأربع،  وصار العالم مجرد غابة تهيم فيها المفترسات،  فلا حياة،  ولا حياء، بل حيات تأكل بعضها بعضاً،  وزجاجات تتصادم عند الرأس فتملأه ضجيجاً،  وتملأه عجيجاً.
عندما شاهدت الفلة شام وهي توزع «حق الليلة» على الأطفال،  شعرت بأن ما يحدث في الإمارات، شيء من المستحيل،  وما يحدث هو القيمة الزكية التي زرعتها القيادة الرشيدة في الضمير الإماراتي، وهي الآن تبرز في الوجود، الشعلة التي توزع نورها في كل مكان،  وأول الأمكنة، هي قلوب الأطفال،  هؤلاء هم الرصيد،  وهم البوح السديد، وهم الفعل المجيد، هم شعار دولة التاريخ التليد،  والعقد الفريد.