في مدينة خليفة، تسير في المماشي، وتسمع أصواتاً مثل تغريد البلابل، وتسمع صدى من بين العشب القشيب، فتطرب، بعذب الشجو، وألحان المساء، يعززها بريق النجوم، ووجوه تألقت بالملامح الزاهية، ومحسنات البديع الطبيعي، ورقة البديهة، ورقرقة الخطوات على مسارات تحتضن كعوب فناجين الهوى، وهواء المساءات الأنعم من وهج الأقمار، الأفخم من الأبدية في ضمير العشاق، والناس الأولين، والذين سكبوا في وجدان الوطن أجمل الابتسامات، وأزهى العيون، وجعلوا من المكان أيقونة الزمان، ونحن الذين نقرأ في التفاصيل نشعر أن هذه المدينة تمضي في الحياة وهي تحمل على كتفها اسماً على مسمى، وتلون وجداننا بالجمال، وهي الطلعة البهية، هي الهيئة الندية، هي السمات الرخية، هي الصفات الأرضية، هي الحلم بين رموش، أهدابها من عشب الرخاء، وخيوطها من سلسال ذهب المرحلة.
مدينة خليفة بإيعاز من القيادة الرشيدة، برؤية الاستدامة العتيدة، تختال المدينة ضاحكة، مستبشرة بمستقبل تشرق شمسه في الصباح الباكر، في حقيبتها قلم يسجل للتاريخ ملحمة النهوض، وقيثارة لأغنيات ترفع النشيد عالياً.
العالم يصفق، ويقول إننا الأجمل في العالم، لأن الأفكار الجميلة، لا بد وأن تنتج جمالاً يخلب اللب، ويكسو الروح جلباباً من حرير، ومعطفاً من مخمل جملة شعرية أهدتها النجوم، لأجمل الحسان، وأروع البلدان، وأنبل الأوطان.
هذا الوطن، يبدو اليوم في العالم زهرة الرمان، يفوح عطرها، من رونق، وذائقة، وشفافية الورد، وهو يحاكي الطير، والفراشات تصفق، مُبهَرة ببراعة من فكروا فأنجزوا فعبروا، ثم مروا من دون عرقلة، لأن مدينتا مغسولة بماء، وذهب، وعشب، وخصب، ولغة لها في الأبجدية سر شعاع الكواكب والشهب.
عندما تقف عند ناصية أو زاوية، أو تعرج إلى جادة أو منعطف، يشدك الوميض في العيون التي في طرفها حور، ووجنات لمعت كأنها السر في ضمير السرايات في وضح الليل، وتحت ضوء القمر.
يشدك هذا الحفل البهيج، لعطور تنفحك، فتمنحك الوعي بأهمية أن يكون للعطر لسان وشفتان، وقمر ونجمتان، وحلم طفولة يرقص على صفحة القلب ويغني للوجود، وهي الأغنيات التي صدحت منذ فجر التاريخ، مسفرة عن ورطة الوجود اللذيذة وعن فصاحة الحب عندما تفصح الأرض عن ملكات الجمال، وكل ما جاشت به طبيعة الناس النبلاء، وأصحاب القلوب الرهيفة، والنفوس العفيفة.
تسير في المدينة، فيشدك هذا النسيم في ربيع لم يزل يرتع في ريعانه، ولم يزل الصيف لم يرتد جلبابه الدافئ، ولم يملأ دلوه بماء الليالي المغبشة.
لم تزل مراوح السماء تحرك هفهفاتها بتأن وتؤدة، وتلامس القلوب بخفة الطير، وتمنحك أنت المتيم بحب مدينتك، جذوة التألق، وشعلة التدفق باتجاه فضاءات الثريا.