لم يعد يوم زايد للعمل الإنساني مجرد ذكرى، بل منهاجاً تربوياً وفكراً وطنياً متأصلاً في شخصية أبناء الإمارات، يتوارثه الأبناء عن الآباء، معبرين عن أصالتهم وسموّ ثقافتهم الإنسانية.
بعضنا عاش مع زايد، ومُعظمنا رآه وسمعه، وكان «طيب الله ثراه» ولا يزال جزءاً رئيسياً من تفاصيل بلادنا.. نحفظ ملامح وجهه المرسومة في قلوبنا، ونعي مقولاته عن ظهر قلب.. نراه في المدارس التي شيّدها، وفي الجامعات، وفي المستشفيات، فيما لا يخلو بيت في الإمارات من صورة له.
يعرفنا العالم بأننا «عيال زايد»، ودائماً حين نعرّف عن أنفسنا في العالم العربي، يترحم الناس على زايد، ويذكرون مناقبه، وفضله.. بينما لا نبالغ إن قلنا: إنه لا يوجد مكان في العالم إلا وللشيخ زايد فيه عمل أو بصمة إنسانية.
فلقد كان «طيب الله ثراه» للأيتام قلباً وللمحتاجين وطناً، وللمكلومين سكناً.. فيما لا تزال مواقفه ومبادراته شاهدة على استثنائيته بوصفه رمزاً للحكمة والعطاء، وقائداً توحدت حوله قلوب ملايين البشر، وحظي بتقدير دول المنطقة والعالم.
حين نتحدث عن أسرار المنجز اﻹنساني واﻷخلاقي والتنموي في الإمارات، تكون الإجابة: زايد.. وحينما نُسأل عن سرّ عطاء الإمارات وتسامح شعبها وتواضع قادتها.. فدائماً ما تكون الإجابة: زايد.
في يوم زايد للعمل الإنساني.. نستذكر القيم التي كان زايد حريصاً على أن يتعلمها أبناؤه في بيته، وباتت نهجاً لقيادة الإمارات، سواء في إدارة دولة متقدمة، أو في الأبعاد الثقافية والاجتماعية للشخصية، أو في الطبائع الإنسانية، كالتواضع، والبساطة، والعطاء.
نستحضر المعاني، التي تركها لنا، في عطائه.. في حكمته.. في مواقفه.. في تعامله مع الأحداث والقضايا.. في أسلوب حياته، وفراسته في تقدير الأمور. فقد ترك ميراثاً للإماراتيين، وسيرة إنسانية زاخرة بالأمثلة الحية على القيادة بالنموذج، وعلى الأثر العميق بالقدوة، الأمر الذي ميّز الشخصية الإماراتية، وجسَّد قوتها الناعمة في المنطقة والعالم.
وفي 19 رمضان، تتجدّد ذكرى الرحيل، ويتجدّد معها عزمنا بأن نحافظ على إرث زايد، ونعيش بقيمه، ونعمل معاً وفق رؤيته، متخذين من سيرته العطرة نبراساً يضيء دروبنا ودليلاً تهتدي به الأجيال في بيتنا المتوحد.. رحم الله زايد.