ودّعت الإمارات، أمس، أحد أبنائها البررة الذي رحل عنا مبكراً وهو في ذروة العطاء والبذل، كان لخبر رحيله المفاجئ، مساء أمس الأول، وقع صاعق، فالرجل عرفه الكثيرون ممن تعاملوا معه بدماثة الخلق والتواضع وحب خدمة الآخرين، وقد عم الحزن المجالس ومواقع التواصل الاجتماعي،  والكل يترحمون عليه ويستذكرون مواقف ومناقب «فارس الأسرة»، كما أطلقوا عليه لدوره في ساحات العمل الأسري والاجتماعي.
الدكتور جمال البح، رحمه الله، كان حاضراً دائماً في ذاكرة الكثير من الأسر الإماراتية وأبناء الإمارات لدوره  الفعال في مراحل مبكرة  من تأسيس صندوق الزواج، الذي ظهر للوجود ترجمة لرؤية الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أثناء فترة تولي المرحوم سيف الجروان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حيث كان مديراً عاماً بدرجة وكيل وزارة للصندوق، الذي أسهم في تأسيس مئات الأسر الإماراتية بمنح تتواصل لتمتين قواعد وأعمدة مجتمع الإمارات.
عقب مغادرته منصبه الرسمي، تفرغ لمواصلة رسالته وقناعاته واهتماماته بالأسرة، لتتسع سواء من خلال رئاسته لجمعية الاجتماعيين الإماراتيين أو المنظمة العربية للأسرة وغيرها من المواقع وميادين العمل التطوعي، وكذلك المنابر الإعلامية التي يطل منها ليثري العمل الإعلامي المسؤول، باعتباره من الإعلاميين النجباء في الاتجاه ذاته الذي كان يحرص عليه لإبراز القيم الأصيلة للأسرة الإماراتية  وضرورة غرسها لدى الأجيال. وقد ظل وفياً لتلك القناعات حتى اليوم الأخير من حياته الحافلة بالبذل والعطاء، حيث كان يتدخل عبر برنامج إذاعي صباح أمس الأول حول قضايا الأسرة والمجتمع.
ترجل «فارس الأسرة» مبكراً ونحن في مسيس الحاجة له ولأمثاله من المنافحين والمدافعين عن قضايا الأسرة، وفي زمن يشهد فيه عالمنا العربي ومجتمعاتنا الخليجية استهدافاً ممنهجاً للقيم العظيمة التي قامت عليها بهدف تقويضها والنيل من جوهرها وأساساتها التي عرفت عنها في تربية النشء ورفد المجتمع والأوطان بأجيال تواصل مسيرة البناء متمسكة بهويتها  الوطنية وموروثاتها الأصيلة أمام لجج من الأفكار الغريبة والمخالفة للفطرة السليمة والسوية التي باتت تردنا من مختلف الاتجاهات بغية النيل من بنيان الأسرة الراسخ في مجتمعاتنا، وبحاجة لتعاون ووعي الجميع للتصدي لها.
رحم الله الدكتور جمال البح وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته الصغيرة والكبيرة ومحبيه ومتابعيه على امتداد الوطن الصبر والسلوان، وسيظل باقياً في ذاكرة إمارات المحبة والوفاء، وكل من عمل وتعامل معه وعرفه من قرب.