من القصص المتداولة على نطاق واسع عند الحديث عن مقابلات التوظيف والعمل، ما ذُكر عن شاب تقدم لوظيفة بإحدى الشركات العملاقة في بلاده، وما إن جلس أمام اللجنة المختصة حتى فوجئ بهم يهنئونه على فوزه بالوظيفة. اعتقد للوهلة الأولى في قرارة نفسه أنهم يسخرون منه أو يدبرون مقلباً له، ولكنهم كانوا جادين تماماً. فلم يتردد عن سؤالهم عن سبب ظفره بها واختياره للوظيفة رغم عدم توجيههم أي سؤال، فكانت الإجابة مصحوبة بابتسامات رضا بأنهم اطلعوا على شهادته العلمية، وما حقق من درجات في الجامعة التي درس بها، ولكنهم وجدوا فيه مهارات وسلوكيات لم يجدوها في المتقدمين الذين سبقوه، وكما أبلغوه «فقد كان هناك أنبوب في الحديقة تتسرب منه المياه فأحكمت إغلاقه، وكانت واجهة المدخل مضاءة رغم انتصاف النهار فأطفأت الأنوار، وكانت هناك بقايا طعام وأوراق ملقاة قرب صندوق النفايات فحرصت على ترتيب المكان قبل أن تصعد للمقابلة، مما قدم انطباعاً عن شخصيتك وسلوكياتك»، وكان كل ذلك مرصوداً ضمن الاختبار. تذكر كيف كان يتضايق من إلحاح والده عليه بإطفاء الأنوار عند مغادرته الغرفة وإحكام إغلاق مصادر المياه والتخلص من النفايات في الأماكن المخصصة لها. 
الأمر ذاته مع صاحب شركة كبيرة في الولايات المتحدة عندما أعلن عن وظيفة تنفيذية عليا في مجموعته، تقدم لها العشرات من خريجي أرقى الجامعات الأميركية، واستقر الفرز على شابين يحملان نفس الشهادة الرفيعة من ذات الجامعة المرموقة، فقرر دعوتهما للعشاء في مطعم كبير بالمدينة، وعلى المائدة لم يتحدث معهما عن أي أمر، ولدى مغادرتهم المطعم التفت لأحدهما مهنئاً إياه بالوظيفة، بينما تمنى للآخر حظاً أوفر في مكان آخر.
غادر الفائز المكان ممتناً سعيداً، بينما بقي الخاسر ملحاً على الرجل ليعرف منه سر تفضيله عليه، فرد عليه بأنه «يتميز بحسن معاملته للآخرين، فمنذ جلوسه وهو يتحدث مع النادل الذي يخدمنا بلطف ولا يتوانى عن شكره في كل مرة يقدم له فيها طبقاً أو يملأ كأسه بالماء، مبتسماً في وجهه، مما يعكس حرصه واحترامه للآخرين وإن كانوا أدنى منه منزلة، بينما كنت أنت متعالياً متجهماً معه».
قصص تُتداول ولكنها تحمل بُعداً مهماً بضرورة تحلي المرء بسلوكيات حميدة ومهارات حسن التعامل مع الآخرين، فالمسألة ليست شهادات وحسب، وبالذات في سوق تشهد منافسة ضارية بحثاً عن الأفضل.