المتسوق السري مجس الاختبار والاعتبار هو المسبار، وهو المدار حول ما يفضي به الضمير الوطني، وهو السكن بالجوار لمعرفة ما تبديه النفس، وما تعيده، وما يختلج في القلب، وما يعتلج في العقل.
هكذا تبدو المسيرة المظفرة، مجدولة بخصلات من حرير الوعي بأهمية أن نكون حاضرين في المشهد، أن نكون ممسكين بطرف الوعي، وما يدور في الدوائر المغلقة أو كما يتصوره المسؤول، وما يدور في خلده.
عندما تكون العيون مجاهر وتكون الآذان مخابر، وتكون الحياة مشروحة بحبر، وخبر، فلا يمكن للمياه أن تتسلل من بين الأصابع، ولا يمكن للحياة العملية أن تمر من دون حسيب، أو رقيب، الأمر الذي يجعل السفينة تمضي بسلام، وأن المواطن يعيش بوئام مع مستقبله وأمنياته وطموحاته، وتطلعاته وحقوقه المصانة والمضمونة، ومن دون تسرب أو فرار من عين الحقيقة.
هذه هي رؤية القيادة وهذا هو قبس القصيدة عندما تتحول إلى مصابيح في الوعي، وهذا هو نبس الفراسة، عندما يكون الفارس في المشهد، سمعاً وبصراً، يلاحق ما يحدث، وما يجري خلف الأبواب، المغلقة، فلا خوف على المصير، ولا قلق من زلة ضمير.
المتسوق السري، هو السر في نجاح دبي، وهو الأصل في كشف الحساب من دون رهط، ولا غلط.
هكذا يفهم كل من أنيطت به مسؤولية العمل الوطني في الدوائر، وما يعنيها، وما يشملها، لأنها دوائر مفتوحة على الواقع، دوائر مثل بيان المحيطات، مثل بنان الأشجار مرفوعة إلى السماء، تتهجى أسرار الغيمة، وكيف تغزل قطرات المطر، وكيف تهطل على الأرض، ليصبح الوطن شجرة عملاقة، أثمارها عناقيد النمو والتطور والنهوض بالواقع نحو غايات ورايات وساريات، تحمل عنوان الصدق والتفاني والإخلاص والتضحيات، من أجل إنسان لا يقلق على لقمة، لا يخاف من مباغتة.
هذه هي حكمة المتسوق السري، وهذا هو سر التفوق في دبي، وهذا هو أساس البهجة في شوارع دبي، وأزقتها، المضاءة بالحياة، والحيوية، ونشاط المشاعر، التي لا تعرف كأداء، ولا تتوقف عند كبوة، لأن الطرق مصانة بالوضوح، والمسالك متجهة نحو إرادة لا تعرف اليأس، ولا تتفق مع البؤس، لأن الابتسامة هي العنوان، ولأن المواظبة على تسيير العجلة اليومية هي الطريقة المثلى في مفهوم المسؤول.
المتسوق السري وظيفة السياسة الحكيمة لأي عمل وطني يهم الإنسان ويعنيه، ويحقق مطالبه، من دون عناء ولا انتظار رضى هذا أو تفرغ ذاك بعد استراحات لا تتوقف كؤوس الشاي فيها أو مجات السجائر.
كل شيء يسير على ما يرام، عندما تتخلص النفوس من البيروقراطية، والرتابة والتلكؤ والتأجيل وحفظ المطالب لأجل غير مسمى.
المتسوق السري، منع كل هذه الاختلاجات المريرة، وأنقذ العمل اليومي من المبررات، والحجج الواهية، فسارت الأمور كما هي الجداول في عروق الشجر، وكما هي الأنهار في ضمير الوجود.
عمر بوشهاب مثال ونموذج، وعبارة مجللة بوميض البروق التي تجعل الليل نهاراً، والنهار بيتاً تسكنه نجمة الحب، والطمأنينة.
هذا الشاب من هذا الوطن، وغيره كثيرون تمتلئ بهم جعبة الوطن، وتزخر بهم هذه الأرض الطيبة، والإمارات ولادة، وسخية في المعطى والمنجز.