لو علم الإرهاب كم هو العالم جميل عندما يرسم صورته إنسان يقدم روحه كما هي زخات المطر ليغسل شجون الكون، ويطهر الحياة من رواسب وخرائب.
لو علم الإرهاب أن القتل المجاني ليس إلا من شيم المخلوقات الكريهة وقيم النفوس الممتلئة بغبار التاريخ وما خلفته الذاكرة الملوثة من سعار وحقد، لو علم الإرهاب أن القتل ليس إلا وسيلة الأفكار الخائبة والثقافة المضطربة والعقول التي مست بمعتقدات لا دين لها إلا إراقة الدماء وزهق أرواح الذين يذهبون إلى أقصى وأدنى الكرة الأرضية من أجل إعادة بناء حضارة السلام وتنقية الحياة من شوائب الغث والرث وكل ما علق بالإنسان من صدأ السنين وكوابيس الحاضر.
في الإمارات، عقدت القيادة العزم على تبوُّؤ الدور الريادي في إعادة ترميم مشاعر الذين اصطدموا بحضارة السلام ولم يتمكنوا من تجاوز إرث الأحفاد، وقد ذهب أبناؤنا وفلذات الأكباد إلى تلك البلدان ومنها الصومال لكي يؤدوا الأمانة التي أنيطت بهم، ويقدموا أرواحهم فداء لكرامة الوطن وتضحية من أجل أن يبقى العالم نظيفاً من طموحات التعالي على الحقيقة، والحقيقة هي أن تظل أوطان الإنسان حرة وبلا نواقص ولا أوهام الأنا المريضة.
أبناء الإمارات في مواقع النضال قدموا المثال والنموذج في التفاني والدفاع عن جمال الحياة ورونقها وبريق نجومها، وهذا بطبيعة الحال يزعج كثيراً كل من في نفسه فيروس القتل، وكل من يشم برائحة الدم الزكي مبلغ النشوة، الأمر الذي يجعل هذه الوحوش البشرية تقتل بدم بارد حتى الذين جاؤوا لكي يرفعوا من همتهم وينهضوا بأوطانهم.
إنها الأوهام المتقلبة على الحقيقة، إنها الضغائن التي تدفع بالتي هي أسوأ وأنكى، إنه الخيال المريض الذي يسيطر على الأذهان فتتغطرس وتتزمت وتتعنت، وتصبح صخوراً صماء لا تملك مشاعر الحب للحياة ولا للآخر، بل هي هكذا تعيش في الحياة كأنها أسراب طيور جارحة لا تعرف غير الفتك وسفك الدماء.
ومهما يكن الأمر ومهما كلف من دماء زكية، فإن إرادة أبناء الإمارات أعظم صلادة من أحافير العصر الحديث وأقوى عزيمة من كل أولئك الذين لا يعرفون سوى طريق العنف والتدمير، وتحويل أوطانهم إلى مرابض لآلات خربة.
ولكن القافلة مستمرة في المشي على الجمرات لأجل إخماد نيران الحقد في هذا العالم، الموبوء بثقافة العدمية، المبتلى بأفكار العبثية، هذا الحقد الذي شل حركة التاريخ في أوطان كثيرة، وأعمى بصيرة الحاقدين، وصاروا في المكان الإنساني أنياباً ومخالب من زمن عاد وثمود، صاروا أفكاراً لا تصلح إلا لصناعة أدوات زينة مقلدة، لها بريق ولكنها خاوية من الجوهر، خالية من المعنى.
ونسمع اليوم أبواقاً تطل من ثقوب ذاكرة خربة وتنعق كما هي الغربان، وتظن أنها فاهت بالحقيقة، والحقيقة من هؤلاء براء، وليسوا إلا شواذ جلسوا على قارعة التصريح الأخير لضفادع تنق وترفع العقيرة مستقيلة من الحياة مستسلمة للكذب والافتراء وليست نادمة على شرف ولا كرامة.
هذه نماذج توجد في كل مكان وكل زمان، ولكن وجودها لا يشكل قلقاً للشرفاء، لأن الحقد والكذب سيان، ليست إلا فقاعة تتورم ثم تنطفئ وتذهب إلى زوال.
حفظ الله هذا الوطن من شر كل حاسد وحاقد، وكل ذميم، وكل مشاء بنميم، وأسكن شهداءنا الأبرار جنات النعيم.