السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مبادرات رائدة للإمارات في تعزيز الأخوة والسلام

محمد الضويني أمين هيئة كبار العلماء في مصر
13 مايو 2020 21:40
حوار: إبراهيم سليم
أكد فضيلة الدكتور محمد الضويني أمين هيئة كبار العلماء، بجمهورية مصر العربية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة بلدُ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومعدنُ المجد، دولة رائدة في مجال إعلاء قيم وحقوق الإنسانية، وتنبذ كل أسباب الفرقة والخلاف؛ ولذا فهي دائماً في سلام، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، ودائماً ما تقدم المبادرات القوية على مختلف الصعد، وفي المحافل الدولية والإقليمية بجسارة وكفاءة، لافتاً إلى أن الإمارات اهتمت بإنشاء منتدى تعزيز السلم والذي عمل على تقديم الصورة الصحيحة للإسلام والرؤية السليمة للسلم، من خلال معالجة ثقافية شاملة، وتجديد فكري كامل، مرتكز على محورية قيم السلم والتسامح، ثم كانت حاضنة لوثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، والتي تم توقيعها على ترابها الطاهر من قبل فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، كما تدعم الدولة أمر تفعيل تلك الوثيقة، وتحويلها إلى واقع يجمع بين الإنسانية كلها باختلاف دولها وأعراقها لتلتف حول هدف واحد ومصير مشترك يحقق السعادة للجميع، فالآمال مشتركة، وكذلك الآلام، وهو ما يستدعي أن تتكاتف جهود الجميع إلى تخفيفها والتخلص منها. ومن ثم كانت الدعوة إلى وحدة التوجه إلى الله بالصلاة والدعاء برفع البلاء والوباء عن الإنسانية كلها، أياً كانت الديانة التي يتبعها الفرد، لتسمو الإنسانية عن اختلافاتها لتلتف حول تحقيق هدف مشترك، يجمع بينهم ولا يفرق، وهي الدعوة التي لاقت ترحيباً دولياً واسعاً من جانب عدد كبير من القيادات والمؤسسات الدينية والسياسية والشعبية حول العالم.

عمود الدين

وأشار فضيلته إلى أن اللجوء للخالق والتضرع إليه وقت الأزمات، يكون بالصلاة، وهي عمود الدين، وركن الإسلام الثاني، وتتجلى مظهر العبودية في أدائها على أعظم صورة، حيث يضع العبد أشرف أعضائه على الأرض تعظيماً لربه، ولا يضعها لأحد سواه، فكان «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد»، موضحاً أن للصلاة أهمية كبرى في حياة المؤمن، فهي عنوان المسلم الطائع، وطريق الوصل للمؤمن الخاشع، لا يحافظ عليها إلا مؤمن، ولا يتهاون بها إلا متكاسل أو منافق فاسق، ولعظيم أهمية الصلاة لم تسقط عن المريض، وإنه رخّص له بالصلاة حسب حاله؛ لأنه بالصلاة ينصر المرء في الحرب، وبسببها يوفّق إن كان في السلْم، وبنورها يخفف عنه الكرب، فهي قرينة الصبر في طلب الاستعانة.
وأكد أن الصلاة هي عون العبد عند نزول الابتلاء، إذ إنّه يلجأ إلى الله سبحانه لتفريج كربه، وكشف الشدّة عنه، فاللهُ - تعالى - هو الملاذُ في الشدة، والأنيسُ في الوَحْشَة، والنصيرُ في القلة. ومن عَرَفَ اللهَ حقاً ناجى ربَهُ إذا أمسى وإذا أصبح ألا يتولاه أحدٌ إلا الله، ويسألُ ربَهُ وهو يُناجيه أنه جل وعلا يتولاه بولايته، ويكشف عنه ضره، فالصلاة هي أجل ما يتقرب به العبد إلى الله لرفع الكرب والبلاء، فالنبيّ - صلّى الله عليه وسلّم- كان إذا نزلت به نازلةً يفزع إلى الصلاة، فبها يُستعان على أمور الدنيا والآخرة، لافتاً إلى أنه لمّا نال الألمُ من أيوب -عليه السلام، وزادَ البلاءُ عليه في مالِهِ وولدِهِ وجسدِهِ، واستمرَّ به البلاءُ سنين، فلجأ إلى الله واتجه إلى مولاه كشف عنه البلاء، فالدعاء وصيّةٌ ربانيةٌ ونبويّةٌ؛ تعني التذلل لله سبحانه، والافتقار والاستكانة إليه.

أهمية التضامن

وأكد فضيلته أن التّعاون يُعد من القيم الإنسانيّة العظيمة، ويتحقق بأنْ يُساعد الفردُ الآخرين، ويُسهّل الطّريق قدر المُستَطاع أمامهم إن كان في الأمر خير، وأن يمنعهم ويُحذّرهم قدر ما استطاع إنْ كان الأمر شرّاً، ويترتّب عليه ضررٌ قد يلحق بهم. فلم تكن أفراد الإنسانية وَحدات يستقل بعضها عن بعض، وإنما هي بطبيعة ما خُلِقت عليه، وما تحتاج إليه في الحياة - وحدات تتبادَل المنافع، وتتعاون على المصالح، وبهذا التعاون الضروري للحياة يتحقَّق المجتمع الإنساني، وقد حث الإسلام عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ففي التضامن تعاضد وقوة، وهو من أنبل وأجل القيم التي نصت عليها وثيقة الأخوة الإنسانية.
وقال إن الصلاة معراج رباني يصعد المسلم فيه بروحه إلى ربه وقت صلاته، فالصلاة زاد رباني. وهي تجدد الاتصال بالله سبحانه وتعالى، وتنير القلب وتشرح الصدر، وتوثق الصِّلاتِ بين العبد وربه، وتبعد العبد عما يغضب ربه، وتنهى عن الفحشاء والمنكر.

تعزيز قيم التسامح

وأكد فضيلة الضويني: «أن الصلاة في حد ذاتها لجوء للخالق جل وعلا، ودخول الإنسان في الصلاة وإحاطته بالسكينة وشموله بالعفو والمغفرة، يعزز عنده قيمة التسامح، فيبدو متسامحاً مع غيره، ولِم لا وهو قد عاش لحظة صفاء ونقاء مع خالقه، فأصبح أكثر إقبالاً على الله، فتمتلئ نفسه بشاشة وسماحة؛ ولذا فإن التسامح في الإسلام يشكل ثقافة متكاملة لها قيمها ومظاهرها ومجالاتها، كما أن له أسساً منهجية عليها ينبني ومن خلالها يتجذّر، فالإسلام يعتبر البشر جميعاً إخوةً، فيسد الباب أمام الحروب الكثيرة التي عرفها التاريخ الإنساني بسبب الاختلاف العرقي.
وأشار إلى أن الآخر في رؤية الإسلام ليس عدواً ولا خصماً بل هو على حد عبارة الإمام عليّ رضي الله عنه: «أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخَلْقِ»، فالآخر هو كما تقول العرب الأخُ بزيادة راء الرحمة والرأفة والرفق، إنه الأخ الذي يشترك معك في المعتقد أو يجتمع معك في الإنسانية، ويتجلى هذا واضحا في تقديم الإسلام الكرامة الإنسانية بوصفها أولَ مشترك إنساني؛ لأن البشر جميعاً على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم كرّمهم الله عز وجل بنفخة من روحه في أبيهم آدم عليه السلام، ولهذا فإن الكرامة الإنسانية سابقة في التصوّر والوجود على الكرامة الإيمانية، وهو مما لا شك فيه أساس متين للتسامح.

الإنسانية تتحد

أكد فضيلة الدكتور محمد الضويني أمين هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الدعوة إلى التوجه إلى الخالق جل وعلا بالصلاة والدعاء من أجل الإنسانية كلها في يوم واحد بل وفي وقت واحد، لتلتف الإنسانية كلها حول الابتهال والتضرع إلى الله بأن يرفع عنها كلها البلاء والوباء، إنما هي دعوة تشكل تطبيقاً عملياً لوثيقة الأخوة الإنسانية، فالالتفاف حول هدف واحد والعمل على تحقيقه بوسيلة واحدة، إنما يعكس رؤية مشتركة وقبولاً للآخر، وهو ما يعني التعارف المتبادل وإعلاء قيمة الأخوة الإنسانية والعيش المشترك، ومن شأن الاستجابة إلى ذلك أن يحقق أرضية مشتركة للتعامل والتحاور بين مختلف الأجناس والأعراق والديانات، وهو ما يسهم مستقبلاً في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي وقعت الإنسانية فريسة لها.
وقال: «هذه الدعوة بلا شك تعد جهداً مخلصاً من اللجنة العليا للأخوة الإنسانية نحو السعي الحثيث لتفعيل الوثيقة ومخالطتها لواقع الشعوب والإنسانية بمختلف أعراقها وأجناسها، حيث استطاعت اللجنة بالفعل أن تروج لدعوتها، وهو ما يتضح من الصدى الواسع والاستجابة الكبيرة لدعوة اللجنة».
وأضاف: «إن الصدى الواسع لدعوة اللجنة العليا من أجل الصلاة والدعاء في وقت واحد من قبل الإنسانية كلها للتوجه إلى الخالق جل وعلا بالصلاة والدعاء لرفع البلاء وكشف الكرب وزوال الغمة، لهو مؤشر طيب على إمكانية الالتفاف حول الأهداف المشتركة، وتجاوز الخلافات والمشكلات، وأن هناك دوماً ما يمكننا الاجتماع حوله، وأن التقارب ممكن، وما على اللجنة العليا لوثيقة الأخوة إلا أن تستثمر تلك الحالة الإيجابية، لتبني عليها نحو تطبيق فعال ومثمر لبنود الوثيقة، من خلال الحكومات وكذلك الشعوب».
 
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©