الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد.. باني الدار وصانع نهضتها

زايد.. باني الدار وصانع نهضتها
6 أغسطس 2020 03:12

حسين رشيد (أبوظبي)

في العام 1966 كانت أبوظبي، والإمارات فيما بعد، على موعد مع تحقيق الأحلام، حيث يعتبر هذا العام من الأعوام التاريخية التي غيّرت من جغرافية المنطقة، وتحديداً ملامح المستقبل لإمارة أبوظبي، التي شهدت تطورات كبيرة على كل المستويات.
أبرز هذه التطورات كان في السادس من أغسطس، حيث تولى المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي، وهي خطوة أيقن الجميع حينها أنها ستضع الإمارة على أعتاب مرحلة جديدة لحاضر ومستقبل الإمارة والمنطقة برمتها، حيث أسس «زايد» لمسيرة مباركة ارتكزت على الإنسان، وتوجت بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
كل عام نحتفل بهذه الذكرى المباركة، ويملؤنا الفخر والعرفان للقائد الذي أرسى قواعد النهضة والتنمية والبناء، وجعل الإمارات بفضل سياساته التي وضعها في مرحلة التأسيس تنطلق إلى فضاءات النجاح في مجالات عدة، وهذا التحول التاريخي لم يقتصر على أبوظبي والمنطقة فقط، بل أيضاً بالنسبة للمجتمع الدولي عموماً، وكأنه نقطة بداية لعالم جديد، كانت ملامحه آخذة في التشكل على صعيد السياسة والاقتصاد والثقافة والعلم، وبسبب أحداث كبرى وصغرى لعبت معاً دوراً محورياً في تقويض أركان مؤسسات وأفكار قديمة وتشييد قواعد عالم جديد.

في تلك الفترة كانت الإمارة تعج بالحركة والنشاط، وكان الشيخ زايد، رحمه الله، دائماً على موعد مع شخصيات مهمة من مختلف أنحاء العالم، سواء كانوا من الأشقاء العرب، أو من الشخصيات الأجنبية البارزة، الذين كانوا يتوافدون على أبوظبي لاستكشاف العالم الجديد الذي يتشكل على ضفاف الخليج، أو من أجل مصالح وفرص بدت حينها بازغة وواعدة للغاية.

فاتحة خير
وكان 1966 بمثابة فاتحة خير للإمارة، خاصة وهي مقبلة على مرحلة عظيمة وصعبة، وهي مرحلة بناء أبوظبي، حيث توافدت العديد من الشركات الأجنبية التي بدأت تحصل على عقود مهمة في مختلف القطاعات بالإمارة، أهمها قطاع الطاقة والبنية التحتية والنقل الجوي وغيرها، وبالطبع كان لاكتشاف النفط في الإمارة الصاعدة دور كبير في تنفيذ هذه العقود، حيث شكل النفط ملمحاً أساسياً في أبوظبي منذ البدايات، وكان محور الكثير من الأحداث. 

زايد والمستقبل  
وفي هذا السياق، تم التركيز على عدة قطاعات حيوية في الإمارة، وكان الشيخ زايد «طيب الله ثراه» يتطرق دائماً في أحاديثه وتصريحاته إلى المستقبل، وكيف نخطط له، ونواكب النقلات التكنولوجية والاقتصادية والعلمية التي ستشكل طفرة في مجالات العلوم والطب والزراعة والتعليم والإدارة، وغيرها من المجالات.

ومن المقولات التي صرح بها المغفور له الشيخ زايد: « إن رصيد أي أمة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون، وأن تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره»، وانطلاقاً من هذا الفكر النيّر خططت ونفذت حكومة الإمارات منظومة متكاملة لصناعة المستقبل ومسّرعاته فيما يخص قطاع صناعة الروبوتات والذكاء الاصطناعي، باعتبار هذه القطاعات الرصيد الحقيقي لانطلاق الدولة نحو عام 2071 لتكون الموجة الجديدة بعد الحكومة الذكية التي سوف تعتمد عليها الخدمات والقطاعات والبنية التحتية المستقبلية، كما تطمح الإمارات من استراتيجية الذكاء الاصطناعي أن تكون الأولى في العالم في هذا المجال وتوظيفه في الخدمات، وتحليل البيانات، بمعدل 100% في عام 2031.

الطاقة
وفي مجال الطاقة، شكلت صناعة الطاقة في الإمارات ركيزة أساسية في مسار التنمية المستدامة منذ تأسيس الدولة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار الأبناء على طريق الآباء، محققين تجربة رائدة ومتفردة في مختلف القطاعات، وفي مقدمتها الطاقة التقليدية والنظيفة، استناداً لرؤية ثاقبة وإرادة مستمرة بتحقيق أعلى معايير جودة الحياة. 
وشهد عام 1958 اكتشاف حقل باب «مربان» كأول حقل نفطي، وتم تطويره في عام 1961 ليبدأ الإنتاج وصولاً لتصدير أول شحنة نفط من جبل الظنة في أبوظبي في ديسمبر من عام 1963. وعلى مدى عقود مضت قامت شركة بترول أبوظبي الوطنية بجهود رائدة في قطاع الطاقة التقليدية إنتاجاً واكتشافاً لتتبوأ الإمارات بنهاية العام الماضي المركز السادس عالمياً من حيث أكبر بلدان العالم امتلاكاً للاحتياطيات النفطية. واقتحمت الإمارات قطاع الطاقة النظيفة عبر تأسيس شركة أبوظبي لطاقة المستقبل مصدر عام 2006 الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، لتستكمل منظومتها في مجال الطاقة بالإعلان مطلع الشهر الجاري عن تشغيل أول مفاعل نووي سلمي لإنتاج الكهرباء بالدول العربية والمنطقة، وذلك في محطة براكة بأبوظبي.

الفضاء
أما في مجال الفضاء، فإن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» كان شديد الاهتمام بعلوم الفضاء والرحلات الاستكشافية، واستقبل العديد من رواد الفضاء، بل وصرح خلال استقبالاته رواد الفضاء أن الإمارات سيكون لها شأن كبير في مجال الفضاء، وبالفعل تحققت هذه النظرة الثاقبة لزايد، فدولة الإمارات تمتلك اليوم القطاع الفضائي الأكبر في المنطقة، من خلال إطلاق 10 أقمار اصطناعية، ووجود 8 أقمار أخرى تحت التصنيع، إضافة إلى أنها أحد 9 دول حول العالم تمتلك مشاريع ومهام فضائية للاستكشاف الخارجي بعد الإطلاق الناجح لمسبار الأمل، كما تعد الدولة العربية الوحيدة التي لها برنامج متخصص لتأهيل رواد الفضاء. ويصل حجم استثمارات الدولة في قطاع الفضاء إلى 22 مليار درهم، كما وصل عدد المراكز البحثية المتخصصة في علوم الفضاء إلى 5 مراكز بحثية، فيما تقدم 4 جامعات درجات علمية في الفضاء، ويصل حجم العاملين في 50 جهة مرتبطة بقطاع الفضاء إلى نحو 3100 موظف. ونقلت دولة الإمارات نجاحاتها الفضائية إلى المستوى العربي، من خلال المساهمة في تأسيس المجموعة العربية للتعاون الفضائي وتمويل وتصنيع القمر الاصطناعي العربي 813 وإطلاق برنامج نوابغ الفضاء العرب، والذي يعد أول برنامج لاستكشاف المواهب العربية.

القطاع الصحي
وفي القطاع الصحي وخدماته، فقد أولاها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اهتماماً كبيراً، إذ عمل مبكراً، رحمه الله، على وضع أسس لتوفير خدمات صحية حديثة ومتطورة للجميع، وبناءً على طموح الوالد المؤسس، وضعت قيادتنا الرشيدة أهدافاً استراتيجية، أبرزها أن تكون دولة الإمارات ضمن أفضل 10 أنظمة صحية في العالم في كفاءة الرعاية الصحية، وهو ما حققته دولتنا بالفعل، وفقاً لمؤشر كفاءة الرعاية الصحية العالمي 2018.
وتجلت إمكانيات الإمارات، وما وصلت إليه من تقدم كبير صحياً، في التعامل مع تداعيات الأزمة العالمية المتعلقة بانتشار فيروس «كورونا» المستجد، حيث صنفت منظمات دولية، الإمارات ضمن أفضل دول العالم مواجهة للفيروس، ومن بين أكثر الدول عالمياً في مجال فحوص «كورونا» للسكان، بالإضافة إلى توفيرها مجاناً. كما تميزت الإمارات بإنشاء المستشفيات الميدانية لتقديم الرعاية الصحية المجانية للمصابين بكورونا، وتطبيق أرقى المعايير العالمية في توفير الخدمات للمرضى.

التعليم
شهد قطاع التعليم تطوراً مذهلاً تخطى الحدود يسابق الزمن، وليس وليد اليوم، بل سبقه تخطيط منذ عقود، ومع وضع اللبنة الأولى لبنيان اتحاد دولة الإمارات.. من الكتاتيب إلى أن وصلت جامعاتها إلى مراكز مرموقة بين أفضل الجامعات عالمياً، وكان اهتمام المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.. وإخوانه الآباء المؤسسين بالتعليم كونه الركيزة الأساسية لبناء المجتمع القادر على مسايرة ركب التقدم، وعلى مدار العقود المنصرمة تمحور اهتمام القيادة الرشيدة للدولة في بناء نظام تعليمي يضاهي مثيلاته في الدول المتقدمة مسخرة كافة إمكاناتها لتحقيق غاياتها. وتحقيقاً للرؤى المستقبلية التي تخطت الحدود، واعتمادها أفضل النظم لتحقيق مخرجات تعليمية عالية الجودة، وأصبحت الدولة الآن تمتلك بنية تحتية تعليمية متطورة تشتمل على مدارس بمعايير عالمية تتيح بيئة تعليمية متطورة للطلبة تطور من مهاراتهم، وترتقي بها وتصقلها بفضل مرافقها التعليمية المتطورة. كما أصبحت مسيرة التعليم في الدولة تسير بوتيرة متسارعة في ظل التطورات العلمية والتكنولوجية المتطورة التي يشهدها العالم، والتي تستثمرها الدولة كما هو ملاحظ في بناء قدرات أبنائها وتوظيف إمكانياتهم.. وانتقل التعليم لمرحلة جديدة من التطور إذ بدأ التخطيط للاهتمام، والتركيز على الطفولة المبكرة.

الأمن الغذائي
حققت دولة الإمارات قفزة نوعية في مؤشر الأمن الغذائي العالمي للعام الماضي، بالتقدم 10 مراكز، وصولاً إلى المركز الـ21 عالمياً، وسعيها الدؤوب لبلوغ المرتبة التاسعة في العام القادم، وإحراز المرتبة الأولى عالمياً عام 2051، لم يأت من فراغ، بل نتيجة لحرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، منذ البداية على أن تكون الإمارات أكثر الدول حرصاً على الأمن الغذائي في العالم، وقد تبنت القيادة الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، هذه الرؤية فيما بعد، وعملت على تطبيقها كاملة بما يؤدي الى بلوغ الهدف المنشود.

وانطلاقاً من هذه الرؤية سعت الدولة من خلال الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي لتسهيل تجارة الغذاء والأعمال التجارية الزراعية، من خلال تطوير منظومة وطنية شاملة قائمة على أسس تمكين إنتاج وتزويد مستدام للغذاء عبر تطويع التكنولوجيا الحديثة، وتنمية الشراكات الدولية الرائدة، وتفعيل تشريعات وسياسات تحسين التغذية، والحد من فقد وهدر الغذاء، بهدف تمكين جميع المواطنين والمقيمين في الدولة للحصول على غذاء صحي وآمن وكاف ذي قيمة غذائية مناسبة من أجل حياة نشطة وصحية بأسعار مقبولة في جميع الأوقات، بما في ذلك حالات الطوارئ والأزمات. ويأتي ذلك في إطار طموح الإمارات الى تنفيذ رؤيتها الخاصة بتحولها إلى مركز عالمي رائد للأمن الغذائي القائم على الابتكار، من خلال حرصها على تنفيذ تلك الاستراتيجية المستندة إلى 18 صنفاً غذائياً رئيساً موزعاً على الفاكهة والخضراوات والحبوب والبقول والمنتجات الأخرى، مثل الزيوت والمنتجات البحرية والمنتجات الحيوانية.

المرأة وتمكينها
إن التقدم المذهل للمرأة الإماراتية يعود إلى الجهود المخلصة التي بذلها مؤسس الدولة، وباني نهضتها، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في دعم المرأة وتمكينها، حيث كان يقول: «إن المرأة هي نصف المجتمع، وإن أي مجتمع لن يتمكن من تحقيق أحلامه المشروعة وتطلعاته نحو التقدم والتنمية إذا كان نصفه معطلاً لا يساهم بدور في عملية البناء».

وانطلاقاً من هذه الرؤية الثاقبة لزايد، رحمه الله، حققت المرأة الإماراتية إنجازات مهمة على الصعد كافة، وخطت خطوات سريعة نحو التقدم في زمن قياسي، معززة دورها في مسيرة التنمية. وتعود هذه الإنجازات إلى اهتمام القيادة الرشيدة بقدرات المرأة الإماراتية وأهمية تمكينها وتعزيز دورها الفاعل في التنمية المستدامة التي تشهدها الدولة، حيث تشكل المرأة اليوم أكثر من 66% من القوى العاملة في الدولة، كما تمثل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي  50% ما يؤكد النهج المستقبلي لدولة الإمارات، والذي يهدف إلى الاستفادة من الإمكانات الكاملة للمرأة الإماراتية، ومشاركتها الفعالة، وتكافؤ الفرص في المواقع القيادية على جميع مستويات صنع القرار.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©