الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

خبراء ومحللون سياسيون لـ«الاتحاد»: الاتفاق إنقاذ لـ «حل الدولتين»

خبراء ومحللون سياسيون لـ«الاتحاد»: الاتفاق إنقاذ لـ «حل الدولتين»
14 أغسطس 2020 02:48

طه حسيب (أبوظبي)

أكد الدكتور رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة اللبنانية، أن إعلان دولة الإمارات عن البدء بإقامة علاقاتٍ مع إسرائيل مقترناً بشرطٍ مسبق وهو وقف ضمّ أراضي المستوطنات وغور الأردن الذي كان نتنياهو قد أعلن عنه مراراً، خطوة تؤكد شرطين لاحقين: تواصُلُ دعم حلّ الدولتين، واستمرار الانتظام في الإجماع العربي والدولي الذي يتضمن السعي لإنفاد قرارات الشرعية الدولية، والمبادرة العربية للسلام (2002).

وحسب د. رضوان السيد، علّق على ذلك القرار كلٌّ من الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. ولم ينكر أيٌّ منهما وقف قرار الضمّ رغم شدة حاجة ترامب إليه بسبب الانتخابات الرئاسية وأصوات اليهود الأميركيين، وشدة احتياج نتنياهو إليه في وجه الضغوط الداخلية التي يتعرض لها، وكذلك حاجته لأصوات المستوطنين. ويرى الدكتور السيد أن ترامب مضى في المقارنة بين سياساته وسياسات «الديمقراطيين» خصومه تجاه السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وكيف أنه بالضغوط الشديدة المتنوعة تجنّب الحرب، ووقف إلى جانب إسرائيل، وفي وجه المحاولات الإيرانية لزعزعة الاستقرار في المنطقة والعالم. ويرى السيد أن الولايات المتحدة لم تعد محتاجة لبترول الخليج، وإنما هي تريد حفظ الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الاستراتيجية، ومن ضمن ذلك أمن إسرائيل وأصدقاء أميركا في الخليج. ودولة الإمارات دولةٌ مهمةٌ في الخليج والمنطقة، وعندها جيش قوي، وهي تبني نظاماً حديثاً ومتطوراً، وتعرف قيمة السلام لعمليات التنمية والتقدم؛ ولذلك فهو مسرور لإسهامه في تقريب وجهات النظر بين هذه الدولة المهمة وإسرائيل.
وأكد د. السيد أن تصريحات ترامب مهمة وتزيد من أهميتها اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. وميزة اكتساب دولة الإمارات الاستراتيجية لمعسكر السلام والاستقرار أمرٌ لا يُستهانُ به.

جبهة للحق الفلسطيني
ويقول د. السيد: إذا كان نتنياهو يتنكر لأصول الحق الفلسطيني الوطني والعربي والدولي، ويتنكر للدولة الفلسطينية المستقلة، فإن هذين الأمرين أكَّد عليهما الإعلان الإماراتي في الحديث عن استمرار الضغط بفاعلية أكبر من أجل حلّ الدولتين، واستمرار الانتظام في الإجماع العربي (المبادرة العربية للسلام) والدولي (قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة).
ولدى السيد قناعة بأن القرار الإماراتي قرارٌ سيادي. وإلى جانب مصر والأردن صارت هناك جبهةٌ عربيةٌ فيها دولة الإمارات، تعمل ومن مواقع التأثير المختلف الأسلوب سواء في الولايات المتحدة، أو في الداخل الإسرائيلي، من أجل الحق الفلسطيني، والسلام العربي، والعلاقات الأُخرى بالغرب والعالم.
هو قرارٌ مهيبٌ، هكذا يقول د. السيد مؤكداً أننا مع العالم نسعى على الدوام للسلام والعدل.

جدية في عملية السلام
من جانبها، أكدت نجاة السعيد، الباحثة السعودية في الإعلام السياسي، أن الاتفاق على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل انتصار للدبلوماسية الإماراتية. وأشارت السعيد إلى أن الاتفاق اتضحت بوادره في مقال يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، الذي نشر في صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقالاً بعنوان «ضم أو تطبيع»، فالمقال تضمن عدة رسائل، فكون المقال تم نشره في «يديعوت أحرونوت» أكبر صحيفة يومية في إسرائيل ليتم توجيهه إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور هناك، يثبت أن دولة الإمارات جادة في عملية السلام، وهذه الأخيرة مشروطة بالتحذير من ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية. ويبدو أن هذه الرسالة وصلت لإسرائيل. 
وترى السعيد أن الاتفاق يكتسي أهمية كبيرة كونه دليلاً واضحاً على سياسة الإمارات الرامية دوماً لاستقرار المنطقة وتعزيز السلام والدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وضمن هذا الإطار، أكد رئيس الولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب، أن «الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل لحظة تاريخية»، وأعلن أن «إسرائيل والإمارات ستطبعان العلاقات رسمياً»، وشكر الإمارات وإسرائيل على القيادة الشجاعة. ومن جانبه غرد السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، قائلاً: «يوم عظيم من أيام السلام! تشيد إسرائيل بشجاعة محمد بن زايد والقرار التاريخي للإمارات العربية المتحدة والتحاقها بمصر (1979) والأردن (1994) في الدخول في السلام مع إسرائيل، وتقدر إسرائيل كل الجهود التي بذلها ترامب من أجل تحقيق هذا التقدم تقديراً عميقاً..».

الإمعان في الأمل
ويؤكد الكاتب البحريني عبدالله الجنيد أننا كلنا نرجع إلى إبراهيم عليه السلام، فإنْ عجزت الصراعات عن طي الملفات، فيتعين علينا الإمعان في الأمل واستذكار قواسمنا الإنسانية المشتركة، ومن هنا يأتي قرار الإمارات العربية المتحدة البدء في أولى خطوات الاعتراف «المشروط» والمتدرج مع دولة إسرائيل بوجود الولايات المتحدة طرفاً ضامناً لما اتفقت عليه جميع الأطراف. 
وحسب الجنيد، فإن الانخراط الإماراتي في الكثير من الملفات، ليس وليد اللحظة، وقرارها السيادي في بدء علاقات ثنائية مع إسرائيل هو ركن أصيل من أركان السيادة الوطنية. والتذكير بذلك هو بقصد عدم الانجرار إلى مشادات عبثية سواء الإعلامي منها أو عبر وسائط التواصل الاجتماعي. وما قدمته الكتلة الخليجية بقيادة المملكة العربية السعودية للفلسطينيين وقضيتهم هو واجب، ونملك أن نقدم المزيد، وتراجع نتنياهو عن ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة وغور الأردن هو جزء من ذلك الممكن إنْ فطن الجميع إلى أن السياسة هي «فن الممكن».
ويلفت الجنيد الانتباه إلى أنه عندما نشر سفير الإمارات في واشنطن معالي‏‏ يوسف العتيبة، مقالته الشهيرة في 12 يونيو الماضي، بما معناه «كُلَف الخيارات»، فإن قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو مصادرة الأراضي في الضفة وغور الأردن، فإنه بذلك يحرق ما تبقى من جسور مع دول عربية كثيرة. هذا الدبلوماسي غير العادي تعمد -يقول الجنيد- مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي بقصد تغيير الصورة النمطية للعربي الخليجي وليس الإماراتي فقط. فإنْ كان أمر صناعة السلام ممكناً، يتساءل الجنيد: هل يجب أن تُحجم الإمارات عن الإقدام؟ بالطبع لا، فها هي اليوم عبر دبلوماسيتها الاستباقية تسجل سبقاً، أتاح فتح آفاق للحل السلمي على أساس «حل الدولتين». ولدى الجنيد قناعة بأن ما حققه الإماراتيون منذ أن وضع المؤسسون حجر الأساس لهذه الدولة هو كثير إنسانياً وعلمياً، ونسورها تحرس سماوات قريبة وبعيدة، وأقدامها لن تتراجع يوماً، لأنها لم تولد تقليدية، وروح قائد لوائها ومؤسسها لا زالت حاضرة. وأكد الجنيد أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، سار اليوم على نهج المؤسسين في طلب الصعاب، وحاز للإمارات موضعاً ومكانة، كان زاده عزم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

القادة التاريخيون
من جانبه، أكد الكاتب والباحث السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي أن قدر دولة الإمارات العربية المتحدة أن تكون رائدة وقائدة منذ تأسيسها وحتى اليوم، والقادة التاريخيون في المنطقة هم من أحسنوا صنع السلام، وأوضح الأمثلة على ذلك هو الرئيس المصري الأسبق الراحل محمد أنور السادات، حيث كان يتمتع ببعد الرؤية والهدف. 
ويرى العتيبي أن الإمارات تخطو اليوم خطوة تاريخية نحو المستقبل ونحو بناء السلام، تعتمد فيها الإمارات على عدة اعتبارات أولها الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن أراضي الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغور الأردن، بالحصول على التزام إسرائيلي معلن بعدم التعرض لهذه الأراضي وأيضاً لبناء وصنع السلام والتسامح التعايش بين الأديان والأعراق والشعوب والأمم، وهذا ما تتبناه الإمارات في سياستها الداخلية والإقليمية والدولية شعاراً معلناً منذ سنوات. وحسب العتيبي، تعبت المنطقة من الحروب والصراعات والنزاعات السياسية والعسكرية والاقتصادية، بينما ينعقد الإجماع العربي وإجماع العقلاء في العالم على صنع السلام، وأن السلام هو المستقبل، فمن دون سلام لا توجد تنمية ولا تعليم متميز ولا خدمات أساسية للشعوب. وعندما أخذت الإمارات هذا القرار التاريخي الذي سيبقى طويلاً في ذاكرة الإمارات والعرب والعالم أجمع، فهي تعي، على حد قول العتيبي، أن الرهان على المستقبل هو الرهان على السلام لدولتها وشعبها ومحيطها العربي، وفي الوقت نفسه هي لن تتنازل عن أي شيء يتعلق بالفلسطينيين، أصحاب الشأن في قضيتهم، فهي تقدم الدعم الأساسي لهم من خلال الاتفاق التاريخي بين الإمارات وإسرائيل برعاية أميركية. ويؤكد العتيبي أن هذا الاتفاق بكل رسائله السياسية والتاريخية يصب في إعادة توازن المنطقة بعد الاختلالات التي تعرضت لها خلال العقود الماضية.

سلطان النعيمي: خطوة جريئة تعكس قوة الدبلوماسية الإماراتية
جمعة النعيمي (أبوظبي)

أكد الدكتور سلطان محمد النعيمي، المدير العام لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة موقفها ثابت في دعم القضية الفلسطينية منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث تؤكد مواقف الدولة الدائمة وقوفها إلى جانب كل ما يحقق حلم الفلسطينيين في تحقيق دولة مستقلة، مشيداً بالاتفاق بين الإمارات والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.
وقال النعيمي في تصريح لـ«الاتحاد»: «حينما نأتي الآن لنرى البعد الجديد للإمارات في مسألة التعاطي مع القضية الفلسطينية والطرف الإسرائيلي، نجد أن دولة الإمارات لم تنطلق إلى مسألة العلاقات مع إسرائيل بشكل مباشر، بل بدأت بالتدرج في هذه العلاقات بشرط جازم وهو وقف ضم الأراضي الفلسطينية». 
وأضاف أن «اتخاذ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هذه الخطوة الجريئة يعكس قوة الدبلوماسية الإماراتية»، مؤكداً أن «هذا الاتفاق سيسهم في عودة حل الدولتين إلى طاولة المفاوضات، وذلك في رأيي إنجاز كبير لدولة الإمارات».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©