الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الدبلوماسية الناجحة لدولة الإمارات

الدبلوماسية الناجحة لدولة الإمارات
22 أغسطس 2020 00:36

د. مطر النيادي *

خلال السبعين سنة الماضية سيطرت أخبار النزاعات والحروب والقتل والدمار والتدخلات الخارجية على المشهد الإعلامي وعناوين الأخبار الواردة من منطقة الشرق الأوسط وصنفت المنطقة على أنها من المناطق الساخنة سياسياً، وترتبت على هذا الوضع المؤلم هجرة أعداد كبيرة من الكوادر العربية المتميزة إلى بيئة عمل أفضل وأكثر تحفيزاً الأمر الذي حرم المنطقة من جهود هذه الكوادر وأثر على جهود التنمية فيها. 
ومع بزوغ نجم دولة الإمارات والنجاحات التي تتحقق فيها في قهر المستحيل، والوصول إلى أهداف لم يسبق لأحد الوصول إليها في المنطقة تغير وجه المنطقة، وأصبحت أخباراً مختلفة وأكثر إيجابية تتصدر العناوين عن هذه المنطقة، وتحولت دولة الإمارات إلى قصة نجاح ومنارة للتميز والابتكار والأمل في حياة أفضل. فعلى سبيل المثال في عام 2020 الذي وجد العالم نفسه خلاله في تحدٍّ للسيطرة على وباء كورونا ومنع انتشاره وتحفيز الاقتصاد، نجد دولة الإمارات تنجح في إطلاق مسبار الأمل للوصول إلى المريخ، وتنجح كذلك في تشغيل محطة براكة للطاقة النووية، وإدخال الطاقة النووية في خليط الطاقة تنفيذاً لاستراتيجية الطاقة 2050. 
وهذه الجهود والنجاحات لم تشغل الإمارات عن المساهمة في جهود مكافحة وباء كورونا ومد يد العون لكثير من دول العالم في مشارق الأرض ومغاربها لمساعدتها في احتواء هذا الوباء، ودعم الجهود العلمية لإنتاج دواء ولقاح للقضاء على هذا الوباء. فالإمارات تنشر الخير وتمد يد العون أينما تكون وتطرق أبواباً لم تفتح من قبل وتقدم حلولاً مختلفة لمعالجة تحديات تواجه الوطن العربي، وذلك نابع من حرص الإمارات على مستقبل هذه المنطقة. 
ويعتبر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القضية المحورية في منطقة الشرق الأوسط وأحد أسباب التوتر والخلاف فيها، وهذا الصراع الذي بدأ مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، وإعلان دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية كان بداية مرحلة تاريخية جديدة للمنطقة حولت الصراع من فلسطيني- إسرائيلي إلى عربي - إسرائيلي وقامت الدول العربية بدعم القضية الفلسطينية ودعم دول المواجهة بأشكال مختلفة، وتحملت دول الخليج الجزء الأكبر من هذا الدعم. 
وخلال التسعينيات بدأت ملامح مرحلة جديدة من العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية بالظهور مع الإعلان عن نتائج مفاوضات أوسلو وقبول القيادات الفلسطينية بفكرة السلام والاعتراف بإسرائيل كدولة مستقلة.
 وبدأت فكرة الدولتين تظهر وتتبلور، وأصبح هناك قبول لفكرة التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع وجود أصوات معارضه هنا وهناك وأخرى مؤيدة. ولكن هذا الأمر لم يستمر كثيراً ووقعت للأسف بعض الأحداث المؤلمة التي نسفت كل الجهود، ودخلنا مرحلة من الجمود في المفاوضات خلال السنوات الماضية، ولم يحدث هناك أي تقدم على هذا المسار رغم المطالبات المتكررة من السلطة الفلسطينية. 
واستمر الجانب الإسرائيلي بضم مزيد من أراضي السلطة الفلسطينية والتضييق على حياة المواطن الفلسطيني ومنعه من الصلاة في المسجد الأقصى والتهديد بضم أراض أكثر، وهنا برزت الدبلوماسية الإماراتية لكسر هذا الجمود في الحالة الفلسطينية الإسرائيلية والإعلان عن إقامة علاقات طبيعية كاملة بين الإمارات وإسرائيل في مقابل وقف أي عمليات ضم جديد لأراضي السلطة الفلسطينية وفتح المسجد الأقصى للفلسطينيين والعرب وفتح مجالات التعاون في مختلف القطاعات التي من شأنها أن تساهم في النمو الاقتصادي والازدهار في المنطقة. 
الإعلان عن إقامة علاقات بين الإمارات وإسرائيل يمثل البدء بمرحلة جديدة من العلاقات العربية الإسرائيلية تقوم على أساس التعاون والتآلف وتعزيز الجهود لما فيه خير وازدهار منطقة الشرق الأوسط ليس فقط بين الحكومات وإنما بين الشعوب في البلدين. 
إن هذا الإعلان يمثل فرصة حقيقية للتعايش والتعاون لتحقيق الازدهار للمنطقة ويساهم في خلق ثقافة السلام والتسامح والقبول ويساهم كذلك في تعزيز تطلعات المنطقة لتكون مصدراً للإنجاز والابتكار وصناعة المستقبل وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تعترض هذا النمو والازدهار في المنطقة وتمنع الاستفادة من الموارد البشرية والطبيعية فيها. 
إن الحياة تزخر بالفرص ودولة الإمارات بدبلوماسيتها الناجحة وقيادتها الملهمة وعزيمة الرجال فيها قادرة على اقتناص هذه الفرص. ولذلك يتعرض هذا الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل لهجوم من الكيانات والأشخاص الذين لا يرغبون بنمو واستقرار المنطقة وخروجها من حالة «اللاسلم واللاحرب»، التي سيطرت على استراتيجياتها وحالت بينها وبين النمو والازدهار في العقود الماضية. لقد حان الوقت لتغيير أسلوب التعامل مع الملف الإسرائيلي والبدء بالنظر إلى إسرائيل كشريك في النمو والازدهار للمنطقة وليس كعدو لها. والخلاف يقع بين الدول ولكن لكل خلاف حل وفقاً لأحكام القانون الدولي العام.
إن النظر للمستقبل والتخطيط له يملي على الإنسان اتخاذ قرارات شجاعة واعتماد حلول جريئة لتغيير حالة الجمود التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط حتى نتمكن معاً من مواجهة التحديات التي تعاني منها المنطقة في قطاعات مختلفة، والنظر إلى توحيد وتكامل الجهود كوسيلة لدفع عملية النمو والازدهار في المنطقة من خلال سلسلة من الاتفاقيات وبرامج العمل. 
إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل يمثل نجاحاً لجميع الأطراف في حالة تكاتف الجهود وتوظيفها لخدمة المنطقة، فالدول العربية وإسرائيل تعيش في منطقة واحدة ذات خصائص متماثلة وتكاتف الجهود والعمل معاً سوف يعود بالنفع على الجميع. 
لقد جرب العرب المقاطعة سنين عديدة ولكن لم تنجح في ضمان حقوق الشعب الفلسطيني لذلك بادرت بعض الدول العربية في إقامة علاقات مع إسرائيل. 
إن إقامة علاقات وخلق تعاون في مختلف المجالات من شأنه أن يفتح أبواباً أكثر ومصالح أكثر وقنوات أكثر لحلحلة مسائل لا تزال عالقة بين فلسطين وإسرائيل، وهذا ما تسعى إليه دولة الإمارات العربية المتحدة.  

* مستشار في القانون الدولي العام

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©