الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

السلام.. خيار الإنسانية المستدام

السلام.. خيار الإنسانية المستدام
15 سبتمبر 2020 03:01

تقرير‎ يكتبه لـ«الاتحاد»: إميل أمين

تمر‎ هذه الأيام ذكرى انقضاء 75 عاماً على نهاية الحرب العالمية الثانية، التي آلت إلى هزيمة النازية والفاشية، وظهور عالم من السلام الذي دام لنحو ثمانية عقود، وكذا مرور ثلاثة عقود على نهاية الحرب الباردة، تلك المواجهة التي استعرت فيها نيران الصراع الأيديولوجي، الذي كاد يفتك بالعالم في حرب نووية لا تبقى ولا تذر. 
وفي هذه الأوقات يتساءل المرء: هل بات على البشرية أن تؤمن أكثر وأكثر بأن الاعتزاز بثقافة السلام، ورفض فكر الهيمنة والسيطرة المرتكزة على القوة العسكرية المسلحة ورفض الحرب والعدوان، هو الدرب المؤدي إلى حياة أكثر أنسنة كما يقول الفلاسفة؟
الجواب‎ عن علامة الاستفهام هذه يقتضي الكثير من التفكيك والتحليل المرتبطين بحال العالم في الآونة الأخيرة، والخبرات المطروحة أمام البشرية، عطفاً على الرجوع إلى الوراء عبر القرنين الماضيين، للتأكد من أن السلام هو الترياق الوحيد لوقف بلاء الحروب، وبه وحده تغيَّر شكل الحياة في الأماكن الملتهبة، وانطفأت نيران الخصومات المشتعلة عبر قرون بين بني البشر.

الإنسانية‎ في مفترق طرق
الحال أن البشرية تبدو اليوم بملياراتها الذين تجاوزوا السبعة أمام خيار حتمي بين إدراك السلام الكامل والشامل، ولاسيما بعد أن اختبرت أهوال الحرب ورعبها، وعاشت ألم العوز وضيقة، والهلع ومراراته، من جراء تشبثها بأنماط الرغبة في الانتقام، والثأر للماضي، وكافة الأشكال التي تقادمت بفعل الزمن، وبين الوصول إلى عالم أكثر أريحية، طريق السلام فيه معبدٌ بالنوايا الحسنة، وذلك بفعل الإرادة المنبثقة عن التلاقي والتشاور، والحوار والجوار، والتخلص من إرث الهاوية السحيق، أي الحروب وويلاتها الكثيرة وشرورها المستطيرة.
وتبدو‎ الإنسانية اليوم عند منعطف تاريخي كبير وخطير يتعلق به مصيرها من الأساس، فالمعضلات والتحديات لم تعد تواجه دولة بذاتها، أو إقليماً بعينه، بل تجابه الأمم المختلفة، وتخيّم على سماوات الكرة الأرضية كلها، ولهذا يبقى التحدي الشغل الشاغل للبشرية، وعند هذا المنعطف يصبح الإخفاق في القضاء على موجات الصراعات وتسونامي الحروب والاضطراب مخالفاً لكل ما يمليه الضمير الإنساني الصالح، وتقصيراً في تحمل المسؤوليات.

المعنى الفلسفي للحرب
ما‎ الذي تعنيه الحرب من الناحية الفلسفية؟ حكماً هي انسداد تاريخي وعدم مقدرة على حل الإشكاليات عقلياً، ولهذا يجيء منطق القوة ليذكرنا بصيحة «ثراسيماخوس» السفسطائي، في محاورات أفلاطون حين علا صوته بأن «القوة هي الحق»، الأمر الذي يجعل العالم غابة أكثر وحشية من غابات الوحوش نفسها.
وأثبتت‎ التجارب التاريخية أن التعصب يقود إلى الكراهية، والأخيرة تشعل الضغائن، لتولد الحرب في عقل الإنسان أول الأمر، وعلى الأرض ثانية، ما يعني أن مراحل انعدام النضج في المجرى الواسع لأحداث التاريخ لا تزال قائمة وربما قادمة.
وبعد‎ حربين عالميتين وعشرات من الحروب الإقليمية يعنُّ لنا أن نتساءل: هل بلغت الإنسانية سن الرشد الجماعي، الأمر الذي يمكنها من تجاوز معضلات الحاضر بآليات السلام، عوضاً عن نار ودمار الحروب؟
والشاهد‎ أن الاضطرابات التي تحلق فوق سماوات الخليقة، ونحن على عتبات العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، يجب ألا تكون أبداً سبباً لليأس، بل حافزاً لأن نأخذ على عواتقنا المهمة الهائلة، مهمة بناء عالم يعيش في سلام.

حال‎ العالم وخطر الانفجار
قالوا‎ قديماً إن الأضداد هي التي تبيِّن عمق المعاني، ولهذا إن أردنا فهماً عميقاً للسلام، لابد من البحث في الحرب، ما يجعلنا نتساءل: أيهما أقرب اليوم إلى البشرية، السلام أم الحرب؟ باختصار‎، يبدو عالمنا المعاصر ماضياً قدماً في طريق منافٍ ومجافٍ لبناء سلام حقيقي، وبات هناك خوف من صراعات كونية كبرى في الطريق قد تشهد استخدام أسلحة الدمار الشامل.
ولعل‎ المتابع لما يجري من انسحاب من معاهدات الأسلحة النووية بين موسكو وواشنطن، ورفض أطراف دولية كبرى أخرى الانضمام إلى تلك المعاهدات، ومع احتمال سعي شبكات الجريمة العالمية المنظمة للوصول إلى مثل تلك أسلحة المريعة، يضحى احتمال الحرب هو الأقرب من سيادة السلام.  وليت الأمر توقف عند منطق تبادل الردع النووي، ذلك أن البشرية المعاصرة وفي العقدين الأخيرين تسرب إليها فيروس الكراهية على أسس من العرق والدين واللغة، وبات العالم يمور بعد سبعة عقود ونصف العقد من نهاية الحرب الكونية الثانية، بالعنصريات والشوفينيات، ويعج بالحركات القومية ذات التوجه أحادي الرأي، وعليه فإن الصراعات البينية بدأت تطفو من جديد، والعداوات التي خيل إلينا أنها قد ولت عادت لتطل برأسها من الشباك من جديد، ما يهدد أمن وطمأنينة العالم، ليقودنا المشهد للمقاربة بين سلامَين، إيجابي وسلبي، وأيهما تشتد الحاجة إليه في حاضر أيامنا أكثر من الآخر.

المفهوم‎ التقدمي للسلام
هناك‎ في واقع الحال مفهومان لعملية بناء السلام في حاضر أيامنا، الأول هو السلام الذي يتوقف حده عند مسألة تعزيز عدم انطلاق حروب بين أطراف دأبت على القتال لسبب أو لآخر، وغالباً ما كانت مسألة الحدود في القرون السابقة وحتى القرن العشرين هي الذريعة الأساسية لانطلاقها، على العكس من أوقاتنا الآنية، إذ ربما تقود الثروات الطبيعية والخيرات الأرضية في البر والبحر، ولاحقاً في الجو، ومسألة اقتسامها، إلى اشتعال تلك الحروب، وهذا يطلق عليه «السلام السلبي»، أي الذي يكتفي بإطفاء حرائق الصراعات من غير مقدرة حقيقية أو إيجابية على مراكمة أسس السلام الآخر.
أما المفهوم الآخر‎ فهو السلام الإيجابي، الذي يعرف في أحيان أخرى من خلال مفهوم السلام التقدمي، ذاك الكفيل بتغيير شكل العالم المعاصر، وتجاوزه أنماط الصراعات المتأصلة، والقفز على العداوات التاريخية التي رسخت في بعض العقول والقلوب لعقود وآجال طوال، وجعله عالماً يسوده التعاون ويعمه الانسجام، عالم من بناء الجسور، وهدم الجدران.
ويقتضي‎ السلام العادل والشامل الوعي الراسخ بوحدة النوع البشري، تلك الوحدة التي تؤكدها العلوم الإنسانية كافة، بدءاً من علم الإنسان، وعلم وظائف الأعضاء، وعلم النفس، وكلها تعترف بانتماء الإنسان إلى أصل واحد، رغم المظاهر الثانوية المتعددة.
وهنا‎ ليس شرطاً أن تكون مبادرات السلام بين دول عرفت حروباً أو تصارعت على حدود بينها وبين آخرين، ذلك أن مفهوم السلام الإيجابي يدعو للتخلي عن التعصبات بكل أنواعها، عرقية كانت أم طبقية، دينية أو وطنية، متصلة باللون أو الجنس، أو مستوى الرقي المادي، وبمعنى آخر كل ما قد يوحي إلى فئة من البشر بأنها أفضل شأناً أو أسمى مرتبة من سواها.
غير‎ أن السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه ونحن في مسارات ومساقات البحث عن السلام الأممي المفقود والمنشود: كيف غيرت اتفاقيات ومعاهدات السلام أحوال كثير من الأمم التي عرفت الحروب والصراعات، وبدلت عناءها إلى راحة، وشقاءها إلى اطمئنان، ما كان يستبعده أغلب المتفائلين على جبهات الصراع المختلفة؟

من‎ يقطع طريق السلام؟
لأن‎ السلام إرادة بشرية، كذا الحروب والصراعات توجه إنساني، وفيما الأول يمهد الطريق للحياة، يفتح الآخر الدروب أمام الموت. وقبل‎ نحو عامين أي في 2018، أصدر معهد هايدلبرغ لبحوث النزاعات الدولية في ألمانيا دراسة إحصائية أشار فيها إلى ارتفاع في عدد «الحروب المحدودة»، وهي تعني عدم استخدام الأطراف المتناحرة جميع الوسائل المتاحة لديها.
وكان‎ السؤال عن السبب أمراً حتمياً، ولهذا توجهت وكالة «دويتشه فيلله» الألمانية، إلى خمسة من الحائزين على جائزة نوبل للسلام، من أجل إيجاد جواب لذلك، وقد فتحت رؤاهم الطريق واسعاً، أمام التفكير المعمق في إزاحة عقبات السلام من طريق البشرية في القرن الحادي والعشرين. ولعل أفضل‎ من قدم وصفاً شافياً وافياً للعائق الرئيس في طريق السلام، كان الرئيس البولندي السابق، «ليش فاليسيا»، الرجل الذي عاش وجيله تحت ثقل النظام الشيوعي وأدواته الحديدية، وعرفت معه بلاده منذ نهايات الحرب العالمية الثانية الآلام والمعاناة المضنية أدبياً ومادياً.
وفاليسيا‎ يرى أن هناك عائقاً في القلوب والعقول والصدور، إنه ثقل الماضي، أي الآلام والظلم، اللذين تمخضا عن التطور الاجتماعي في الماضي، ومن هنا يمضي المستقبل في اتجاهين لا ثالث لهما، إما الصفح والغفران وتقديم نموذج مصالحة عادل وإقامة سلام خلاق حقيقي يراعي كافة المعايير الدولية والنواميس والشرائع الإلهية، أو الاستسلام لأحقاد الكراهية، والغوص من ثم من جديد في بئر الكراهية العميق، عبر تنامي القوميات والشعبويات.
من‎ جهته، يذهب الرئيس الكولومبي السابق «خوان مانويل سانتوس»، إلى أن هناك سببين رئيسيين يقفان في طريق السلام العالمي، الأول متعلق بالتغيرات المناخية والثاني بالتهديدات النووية. والتغيرات‎ المناخية تسبب فيها الإنسان، ولاسيما قادة الدول الكبرى، الذين رفضوا الاستمرار في حماية الطبيعة، ولهذا «ثأرت» الأخيرة منهم، وعرف الجميع تكاليف فاتورة الاحتباس الحراري وموجات التسونامي، ومن هنا، حكماً، ستتوالد موجات الهجرة غير الشرعية بين الأمم والشعوب وتتوالد حروب ويغيب السلام.
 أما الأسلحة النووية فمردها رغبة الإنسان في أن يكون من جديد «ذئباً لأخيه الإنسان»، كما قال الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز في القرن السابع عشر.
ومن‎ فاليسيا إلى سانتوس يطرح تساؤل على قدر كبير من الأهمية.. من المنوط به استنقاذ العالم من دائرة الموت والكراهية، والخروج به من ضيق الإيديولوجيات المتصارعة إلى رحابة الإبستمولوجيات المعرفية، ومن له المقدرة على التحول من عالم المثيولوجيا التي تحمل قصص الماضي الأليم والحزين، إلى دنيا الميثودولوجيا والبحث عن نماذج السلام العادل التي يرغب فيها القاصي والداني في عالمنا المعاصر؟

معاهــدات‎ أحلــت السـلام عالمياًً
يمتلئ‎ التاريخ وأضابيره بالحديث عن المعاهدات السلمية والاتفاقات التصالحية التي غيّرت وجه الإنسانية، والتي قد لا يسمح هذا الحيز بالحديث عنها دفعة واحدة.
 غير أن ما لا يؤخذ كله، لا يترك جله، وهو ما فعلته مجلة ناشيونال «إنترست» الأميركية في عددها الصادر في شهر سبتمبر العام الماضي، حين أشارت إلى خمس معاهدات غيّرت وجه العالم إلى الأبد، نوردها هنا بحسب أهميتها:
1494 معاهدة توردسيلاس
وقعت برعاية الكرسي الرسولي في روما أي حكومة البابا بين البرتغال وإسبانيا، والمعروف أن كلتيهما كانتا تمثلان القوة الاستعمارية الأولى في العصور الوسطى، وكان السباق على امتلاك وبسط الهيمنة على المستعمرات، وبعد عقود طوال من الحروب الطاحنة، وصلتا إلى قناعة بالتعايش السلمي، وتقسيم الأراضي المكتشفة حديثاً خارج أوروبا، ولاسيما في أميركا الوسطى والجنوبية.

1648 صلح ويستفاليا
 عند جمهور المشتغلين بأحوال السياسة الدولية أن تلك المعاهدة هي الأساس المتين لنهضة أوروبا الحديثة والمعاصرة، ويطلق عليها كذلك صلح ويستفاليا، وتتكون من معاهدتين دارت المفاوضات بشأنهما في مدينتي أسنابروك ومونستر في مقاطعة ويستفاليا الألمانية.  والمدهش‎ في هذه المعاهدة أنها تحدت الصراع الديني الذي ضرب أوروبا. وأنهت معاهدة ويستفاليا حرب الثلاثين عاماً (1618 - 1648) التي اندلعت بسبب الصراع الديني بين الكاثوليك والبروتستانت.

1783 معاهدة باريس
هذه المعاهدة هي أساس قيام دولة الولايات المتحدة الأميركية، وقد أنهت الثورة المشتعلة على أراضيها، وخففت من عبء الصراع بين بريطانيا وفرنسا على أميركا، فقد كانت فرنسا تريد لأميركا أن تضحي دولة صغيرة وضعيفة تقبع بين المحيط الأطلسي وجبال الأبالاش، في حين رأى البريطانيون أن وجود دولة أميركية قوية وناجحة اقتصادياً في صالحهم وضد مصالح الفرنسيين.

1814 معاهدة فيينا
أرهق نابليون بونابرت أوروبا بحروبه الكثيرة ومغامراته الخطيرة، غير أن هذه المعاهدة التي أسفرت عن إعادة رسم الخريطة السياسية للقارة الأوروبية حالت دون نشوب حروب أوروبية كبيرة لمئات السنين، ولعل من أهم البنود الجيدة التي حملتها تلك المعاهدة، الحد من مستوى الإجراءات العقابية بحق الأطراف المهزومة. 

1919 معاهدة فرساي
 أسدلت تلك الاتفاقية الستار على الحرب العالمية الأولى بين الحلفاء الغربيين وألمانيا، وإلى جانب هذه المعاهدة، أبرمت معاهدات منفصلة مع الدول الخاسرة وهي النمسا والمجر وبلغاريا وما تبقى من الإمبراطورية العثمانية.

الأجيال‎ الشابة وانتصار السلام
تُعقد الآمال في أن تعرف البشرية سلاماً يحلها من عُقد إرث الماضي الأليم، ويخلصها من خطوط العرق وخيوط العزف السيئ على وتر الدين، تعقد هذه الآمال على الشباب، والأجيال الجديدة. ويمثل‎ الشباب اليوم أكبر شريحة بين سكان العالم، وهو أكبر عدد من الشباب في تاريخ العالم، فحسب إحصائية عام 2015 بلغ عدد الشباب 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 عاماً على الصعيد العالمي، وهو ما يمثل واحداً من كل ستة أشخاص في جميع أنحاء العالم، ولذا لابد من النظر للأمر ليس باعتباره مسؤولية، بل فرصة للتغيير.

تسوية الصراعات
لعل‎ من أعظم العقليات التي يمكنها أن تكون مصدراً لثراء الأجيال الباحثة عن السلام في كوكبنا الأزرق المضطرب، هو عالم الاجتماع النرويجي «يوهان غالتونغ»، المؤسس الرئيس لدراسات السلام والصراع، والذي قام بوضع تصور لمفهوم بناء السلام من خلال الدعوة إلى أنظمة من شأنها أن تخلق سلاماً مستداماً. ويؤكد‎ غالتونغ أهمية معالجة هياكل بناء السلام للأسباب الجذرية للنزاع، وأن تدعم القدرة المحلية على إدارة السلام وتسوية الصراعات.
ويرى‎ غالتونغ أن القضية والحل يتمحوران بيد الشباب، ولاسيما أنهم يبحثون عن أفكار جديدة إبداعية وليست اتباعية، أفكار ابتكار، للقفز على إرث الماضي السحيق، على العكس من بعض البالغين الذين شكلوا بالفعل خطاباتهم العقائدية من خلال تجارب الماضي التي تنسحب إلى ما يشبه عالم التراجيديا الإغريقية.

«شباب من أجل السلام»
تدفعنا‎ قراءة كتابات عالم الاجتماع النرويجي «يوهان غالتونغ» إلى القطع بأنه من أجل بناء عالم يعرف كيف يعيش السلام، فلابد أن يتبوأ الشباب مقاعد القيادة، مع الاستعانة ولاشك بحكمة المسنين، فالشباب موجهون إلى المستقبل، وهم الأكثر ميلاً إلى نسيان الماضي أكثر من أولئك الذين شاركوا مباشرة في لحظات الألم وأيام المعاناة، وإن شئنا الدقة قلنا سنوات الحروب. 
سيكون‎ مصير السلام ولاشك مرهوناً بإرادة الشباب في أي بقعة أو رقعة حول العالم. وفي‎ هذا الإطار وقبل عامين، أي مع الذكرى المئة لنهاية الحرب العالمية الأولى، ومع المخاوف المتصاعدة من اشتعال حروب إقليمية أو أممية جديدة، ابتكر الأوروبيون فكرة «شباب من أجل السلام»، حيث توجه إلى برلين نحو خمسمائة شاب وشابة بين 15 و22 سنة من 47 بلداً شاركوا في ورشات عمل يطورون من خلالها أفكاراً من أجل السلام.

دروس معاهدات السلام
ما‎ الذي يمكن للقارئ أن يستنتجه من فكر معاهدات السلام من معاهدة قادش إلى صلح فرساي إن جاز التعبير؟
 المؤكد هو أن الإنسانية حين تريد السلم، فلا عائق يمكن أن يقف أمامها، فالمهم فقط توافر الإرادة الحقيقية، وعليه تظهر في طريقنا علامة استفهام، ما الذي يجعل السلام في حاضر أيامنا بعيد المنال بصورة، أو بأخرى عن عالمنا المعاصر، ولماذا تطفو على السطح صراعات متجددة تحمل مخاوف انتشار الحروب وغياب السلام؟

أول معاهدة في التاريخ
عرفت الإنسانية طريق الانتصارات الدبلوماسية من خلال معاهدات السلام التي أنهت كثيراً من الحروب منذ زمن بعيد جداً، ويرجع المؤرخون أول معاهدة سلام عقدت في التاريخ إلى العام 1258 ق.م، وقد عرفت بمعاهدة قادش، وأنهت الحرب بين المصريين بقيادة الملك رمسيس الثاني أعظم القادة الحربيين في تاريخ مصر الفرعونية، وبين مواتللي الثاني ملك الحيثيين، وتقع قادش على الضفة الغربية لنهر العاصي في سوريا جنوب بحيرة حمص بعدة كيلومترات.








 

 

 

 

 

 

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©