الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات والسعودية.. شراكة وتوافق

الإمارات والسعودية.. شراكة وتوافق
22 سبتمبر 2020 03:47

أحمد مراد (القاهرة)

عبر روابط تاريخية ممتدة، ومصير واحد، ومستقبل مشترك، شكلت العلاقات «الإماراتية - السعودية» تحالفاً استراتيجياً، أسس دعائمه الأولى المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود «رحمهما الله»، وعلى مدى أكثر من نصف قرن، ترسخت الشراكة الاستراتيجية التي جمعت الإمارات بالسعودية، من خلال حرص القيادات المتعاقبة في البلدين على توثيق العلاقات الثنائية، إقليمياً وعربياً ودولياً، وخلال السنوات الخمس الماضية، شهدت العلاقات «الإماراتية - السعودية» نقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ البلدين، حيث جسدت هذه العلاقات «صمام أمان» للأمن القومي الخليجي.
تجلت متانة وعمق العلاقات «الإماراتية - السعودية» في مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق «السعودي - الإماراتي» الذي عقد في أبوظبي خلال شهر نوفمبر من عام 2019، حينما قال: «إن العلاقات بين الإمارات والسعودية ليست علاقات تاريخية واستراتيجية فحسب، وإنما علاقات دم ومصير مشترك».
وأسست الإمارات والسعودية لجنة عليا مشتركة في مايو من عام 2014 برئاسة وزيري الخارجية في البلدين، بهدف تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب من التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، فضلاً عن مواجهة التحديات التي تتعرض لها المنطقة العربية، وذلك من خلال كيان قوي متماسك يدعم قضايا العمل الخليجي المشترك.

مجلس التنسيق
ومنذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حكم المملكة العربية السعودية، في مطلع 2015، حرص على تعزيز العلاقات مع الإمارات، فبعد عام واحد فقط من توليه الحكم، وبالتحديد في مايو من عام 2016، وقعت «السعودية والإمارات» على اتفاقية إنشاء مجلس التنسيق الإماراتي - السعودي، وذلك بحضور الملك سلمان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.ويهدف مجلس التنسيق «الإماراتي - السعودي» إلى تعزيز أوجه التعاون والتنسيق بين أبوظبي والرياض في جميع مجالات العمل المشترك، ووضع رؤية مشتركة تعمل على استدامة العلاقات بين البلدين، وتعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بينهما، وبناء منظومة تعليمية فعالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميز بها الدولتان، وتعزيز التعاون والتكامل بينهما في المجال السياسي والأمني والعسكري، ويضم المجلس في عضويته 16 وزيراً من القطاعات الحيوية في كلا البلدين.

استراتيجية العزم
وفي يونيو 2018، عُقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق «الإماراتي - السعودي»، وخلاله أعلنت الإمارات والسعودية عن استراتيجية العزم، وهي رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً، وعمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية خلال 12 شهراً.
وعبر استراتيجية العزم، اتفقت الإمارات والسعودية على تنفيذ 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً، خلال مدة 60 شهراً، وتهدف هذه المشاريع إلى بناء نموذج تكاملي استثنائي بين البلدين في شتى المجالات، ومن بين هذه المشاريع تم الاتفاق على استراتيجية موحدة للأمن الغذائي، وخطة موحدة للمخزون الطبي، ومنظومة أمن إمدادات مشتركة، واستثمار مشترك في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات، وخطة لإنشاء شركة للاستثمار الزراعي برأس مال 5 مليارات درهم، وصندوق استثماري مشترك للطاقة المتجددة، وصندوق آخر للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن بناء قاعدة بيانات صناعية موحدة.

تعاون اقتصادي
شهدت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والسعودية خلال السنوات القليلة الماضية طفرة غير مسبوقة، الأمر الذي تؤكده لغة الأرقام، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 72 مليار ريال سعودي.
وبحسب معلومات وردت في محاضرة ألقاها سفير السعودية لدى الإمارات، تركي الدخيل، في أغسطس 2019، فإن حجم استثمارات السعودية بالإمارات تجاوز 35 مليار درهم، وبلغ عدد المشاريع الإماراتية في السعودية نحو 114 مشروعاً، مقابل 206 من المشاريع السعودية في الإمارات، ويعمل في الإمارات نحو 23 ألف شركة سعودية و66 وكالة تجارية.

حركة  السياحة
شهدت الحركة السياحية المتبادلة بين الإمارات والسعودية قفزة هائلة خلال السنوات القليلة الماضية، وفي عام 2018 جاء السوق السعودي في المرتبة الثانية، ضمن أهم الأسواق السياحية للإمارات، فيما يخص عدد نزلاء المنشآت الفندقية من خارج الدولة مليوني نزيل، وفي العام نفسه وصل عدد السياح الإماراتيين الزائرين للوجهات السعودية إلى 740 ألف سائح، قضوا ما يقرب من 4 ملايين ليلة، وأنفقوا 2.9 مليار ريال سعودي.
وخلال النصف الأول من 2019، بلغ عدد السعوديين الذين زاروا دبي وأبوظبي نحو 827 ألف زائر، بحسب البيانات الصادرة من دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، ودائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي.
ويقدر عدد الرحلات الجوية بين الإمارات والسعودية بنحو 600 رحلة أسبوعياً، موزعة بين الناقلات الإماراتية والسعودية، منها أكثر من 140 رحلة أسبوعية عبر «فلاي دبي» إلى 10 وجهات في المملكة، و84 رحلة لـ «طيران الإمارات» إلى 3 مدن رئيسة، وأكثر من 100 رحلة لـ «طيران العربية»، والباقي للناقلات السعودية.
وفي العام 2018، شغلت «الاتحاد للطيران» 8049 رحلة جوية لنقل 1.3 مليون مسافر بين السعودية والإمارات، وتشغل «الاتحاد للطيران» 77 رحلة أسبوعية من وإلى السعودية، ومنها 3 رحلات للذهاب والعودة يومياً إلى الرياض، و3 يومياً إلى جدة، و4 يومياً إلى الدمام، إضافة إلى الرحلات اليومية الموسمية إلى المدينة المنورة.

المملكة أهم مستقبلي صادرات الإمارات
بحسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإماراتية عن وزير الاقتصاد الإماراتي، في سبتمبر من العام 2019، وصل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والسعودية خلال السنوات الخمس  الماضية إلى 417.6 مليار درهم، حيث وصل التبادل غير النفطي بين البلدين في العام 2018 إلى 107.4 مليار درهم، بنمو 35% عن العام 2017 البالغ 79.2 مليار درهم.
وبحسب ما ورد في وكالة الأنباء الإماراتية، تمثل السعودية الشريك التجاري الأول عربياً والثالث عالمياً لدولة الإمارات، وتستحوذ على نحو 7% من تجارة الإمارات غير النفطية مع العالم، و25% من التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات مع الدول العربية، حيث وصلت المملكة إلى قائمة أهم مستقبلي الصادرات الإماراتية خلال العام 2018، وحلت في المركز الأول، متقدمة من المركز الثالث خلال العام 2017، وتستحوذ المملكة على 15% من إجمالي صادرات الإمارات غير النفطية.
وفي المقابل، تستحوذ الإمارات على 10% من إجمالي تجارة السعودية غير النفطية مع العالم، وما يقرب من نصف تجارتها مع الدول العربية، وتأتي الإمارات في المرتبة الثانية عالمياً والأولى عربياً في صادرات السعودية غير النفطية، مستحوذة على 13% من صادراتها للعالم، و40% من صادراتها للدول العربية. كما تأتي الإمارات في المرتبة الثالثة عالمياً والأولى عربياً في جانب واردات السعودية من السلع غير النفطية، مستحوذة على 8% من وارداتها من العالم، و59% من وارداتها من الدول العربية.

مكانة كبيرة
تحظى الإمارات بمكانة كبيرة في قلب خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتجلت هذه المكانة بوضوح خلال جولته الخليجية الأولى التي قام بها في نهاية العام الثاني من توليه الحكم، وبدأها بزيارة الإمارات في الثالث من ديسمبر العام 2016. كما تجلت مكانة الإمارات الكبيرة في قلب الملك سلمان لدى استقباله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في قصر منى بمكة المكرمة في 12 أغسطس عام 2019.
ويحظى الملك سلمان بمكانة كبيرة لدى الإمارات، قادة وحكومة وشعباً، وتقديراً لهذه المكانة، قرر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إطلاق اسم الملك سلمان على أحد الشوارع الرئيسة والحيوية في مدينة أبوظبي.

ملفات
جاءت المواقف الإماراتية والسعودية تجاه العديد من أحداث وقضايا وملفات المنطقة العربية متقاربة ومتوافقة، ففيما يتعلق بالأزمة الليبية دعمت أبوظبي والرياض الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة بشكل سلمي يحفظ أمن واستقرار ليبيا ووحدة أراضيها، ورفضتا الوجود العسكري التركي في ليبيا، فضلاً عن موقفهما الصارم ضد الميليشيات والجماعات المسلحة التي تخدم أجندات خارجية، ودعمهما للجيش الوطني الليبي.
وأيدت الإمارات والسعودية إعلان القاهرة، بشأن ليبيا، الذي دعا إلى حل سياسي للأزمة الليبية، ووقف إطلاق النار وحقن الدماء، والمحافظة على وحدة الأراضي الليبية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©