السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد قرأ الأرض فتغلب على تحديات المناخ مبكراً

زايد قرأ الأرض فتغلب على تحديات المناخ مبكراً
4 ابريل 2021 00:48

شروق عوض (دبي)

في الوقت الذي بدت فيه الحلول لتغير المناخ وآثاره السلبية على العالم حلماً بعيد المنال، بالنسبة للمجتمع الدولي، أدرك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، برؤيته الثاقبة مبكراً الاتجاه السائد والقلق المتزايد في أنحاء العالم من الخطر المحدق بالبشرية، جراء هذا التغير المناخي المتفاقم، حيث أيقن ضرورة تحدي العلماء لأنفسهم باستمرار لمواجهة تحديات العصر ورأى مسألة «إنكار تغير المناخ»، بينما هي جليّة للعيان، فأطلق مقولته الشهيرة آنذاك: «لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض وتعايشوا مع بيئتها في البر والبحر، وأدركوا بالفطرة وبالحس المرهف الحاجة إلى المحافظة عليها وأن يأخذوا منها قدر احتياجهم فقط، ويتركوا فيها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً للخير ونبعاً للعطاء».
المتابع لمقولة المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يلمس إصراره على استشراف المستقبل وبناء الإنسان وتمكينه بالعلم والوعي وتوفير مناخ صحي آمن يضمن النمو والازدهار في ظل التحديات والتهديدات الراهنة وتعاظم تأثير المتغيرات المناخية، ومع تطور العلوم والتقنيات تبدلت النظرة إلى الإيجابية بكل ما يتعلق بالمناخ، وبات المستقبل ليس شيئاً مقرراً سلفاً، بل يمكننا التأثير فيه، وعلينا المساهمة في بنائه وتشكيله وصياغته ليكون ملائماً لنا وليس معرقلاً.

قراءة الأرض
لقد كان الشيخ زايد «طيب الله ثراه»، مؤسس دولة الإمارات، زعيماً ألهمته تربيته وثقافته أن «يقرأ الأرض» منذ نعومة أظفاره، وعلى الرغم من أنه أصبح رئيساً لدولة فتية نابضة بالحياة، مترفة بنعمة الإيرادات النفطية والمدن الشامخة التي وقفت شاهدة على بريق عصر التطور الحديث، فإن شعوره بهذا الجانب من الحياة لم يخبُ البتة، فقام الشيخ زايد ببناء دولة بامتياز، وفي الوقت نفسه تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه جميع أنحاء الدول النامية من خلال مشاريعه التنموية المستدامة في كافة المجالات.
 كما لعب فكر الشيخ زايد الخاص في استشراف مستقبل المناخ، والمشاركة في صياغة الأحداث وتحقيق التغيير المرغوب، إلى دعم الانتقال النوعي من الخضوع للأحداث المستقبلية، حيث ركز على توفير المعلومات والمؤشرات والخيارات المتاحة لفهم أعمق وتعامل أفضل مع التغير المناخي، الأمر الذي دفع المؤسسات الحكومية آنذاك لتنفيذ رؤيته من خلال المبادرة والتحرك المسبق للسيطرة على التحديات، وتعزيز مفهوم الأمن المناخي وإعادة توزيع المدخلات، بما يحقق للإمارات الاستعداد الأمثل لمواجهة هذا التغير وتحدياته، وتعزيز القدرة التنافسية والإبداع والتميز.

بروتوكول كيوتو
كانت الإمارات من أولى الدول الرئيسة المنتجة للنفط المصادقة على بروتوكول كيوتو لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي، ولعبت دوراً محورياً في المصادقة عليه، وبالعودة إلى تتبع دور أبوظبي في مجال الطاقة الشمسية والوصول إلى مضخات المياه التجريبية التي طورها الشيخ زايد (طيب الله ثراه) وفرق من طلاب الهندسة من جامعة الإمارات في العين في ثمانينيات القرن الماضي، لتكون بداية لاستعمال الطاقة الشمسية، ومع تقدم التكنولوجيا، قام المغفور له بتطبيقها في مشاريع لتوليد الكهرباء في الدول النامية والري في إريتريا، ومضخات المياه في تشاد وغيرها.

مشاريع الطاقة المتجددة 
وثمة مشاريع طويلة الأمد أولاها الشيخ زايد لمصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك مشروع حقق نجاحاً ملحوظاً في مدينة باندونغ بمقاطعة جاوة الغربية في إندونيسيا، تم من خلاله إدخال محطات الطاقة الحرارية الأرضية باستخدام البخار من خزانات المياه الساخنة الموجودة على بعد بضعة أميال تحت سطح الأرض لتوليد الكهرباء، وقدم صندوق أبوظبي في العام 1977 قرضاً ميسراً لتطوير وتوسيع شبكة توزيع الكهرباء، ما أسهم في نمو باندونغ لتصبح ثالثة كبرى مدن البلاد. ودخل الشيخ زايد في شراكة مع شركة بيرتامينا، وهي وكالة الطاقة الحرارية الأرضية في إندونيسيا، بخطة شهدت عمليات حفر في كاموجانغ ودينغ، وتم افتتاح محطة كاموجانغ للطاقة الحرارية الأرضية في عام 1983 بقدرة 30 ميغاوات.

منحة لمنغوليا 
في العام 1988، أتاحت منحة من الشيخ زايد لمنغوليا إجراء دراسة جدوى لواحد من أكثر مشاريعها الطموحة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والطاقة المستدامة، والمتمثل بمشروع الطاقة المائية الذي يقع على بعد نحو 1.100 كيلومتر غرب عاصمتها أولان باتور، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، عانت البلاد تعثر الاقتصاد ومحدودية توليد الطاقة، حيث أقيم مشروع تايشير للطاقة الكهرومائية على نهر زافخان، وفي العام 2002 قدم صندوق أبوظبي قرضاً ميسراً لتغطية ربع تمويله تقريباً، وتألف المشروع من بناء سد، تبلغ قدرته الإجمالية المركبة 11 ميغاوات، ولبى عند اكتماله نحو 90% من الطلب في مقاطعتي غوفي ألتاي وزافخان.

مشاريع مستدامة
ضمن مشاريع التنمية المستدامة التي دعمها الشيخ زايد في الدول النامية، مشروع الشيخ زايد في ساحل العاج الذي قدم نموذجاً للنمو المستدام في العالم النامي، حيث وظف المشروع الملايين، ودعم اقتصاد ذلك البلد، بالإضافة إلى مشاريع زراعة الكاجو في غينيا بيساو، والفول السوداني في السنغال، ومصائد الأسماك في بوروندي والرأس الأخضر وجزر المالديف وسريلانكا، والقطن في بنين وبوركينا فاسو ومالي والسودان وأوغندا، والسكّر في أفغانستان وبوروندي والصومال وتنزانيا، فضلاً عن مشاريع زراعية ومائية ومشاريع ري واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم النامي.

استصلاح الصحراء
كما ارتكزت مشاريع الشيخ زايد أيضاً على استصلاح الصحراء لما يصب في خدمة المناخ بالمقام الأول، ومنها مشروع مدينة النوبارية التي تقع شمال غرب مصر، وتحظى بإمكانات وافرة لاستصلاح الأراضي، حيث أطلق الشيخ زايد (طيب الله ثراه) في هذه البقعة ما يعد على الأرجح أكبر جهوده التنموية الخارجية، وهي خطة اقتضت جر مياه النيل إلى الجزء الشمالي الغربي من الدلتا من خلال قناتين رئيسيتين، بما في ذلك تطوير قناة النوبارية البالغ طولها 150 كيلومتراً، بدعم من شبكات القنوات المائية ومحطة ضخ هائلة في قرية زاوية البحر.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©