الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الأردن.. «مملكة الإبداع»

الأردن.. «مملكة الإبداع»
11 ابريل 2021 06:22

تامر عبد الحميد (أبوظبي)

تشهد الحركة الفنية الأردنية تطوراً كبيراً منذ عقود لاهتمام صناع الفن في مختلف مجالاته بالأعمال التي تتماشى مع ما يتميز به الشعب الأردني من حب للفنون بشكل عام، وعادات وتقاليد أصيلة، خصوصاً أن المملكة الأردنية الهاشمية لديها تاريخ ورصيد كبير من الفنون منذ القدم، وهي بفضل هذه الحركة الفنية المتميزة على مستوى الوطن العربي، استطاعت أن تثبت أن الفن الأردني دائماً في ازدهار مستمر في السينما والتلفزيون والموسيقى والغناء، وأنها بمثابة «واحة إبداع».

وقد أثمر التعاون الفني المشترك الوثيق بين الإمارات والمملكة الأردنية الهاشمية، عن إنتاج وتنفيذ العديد من الأعمال السينمائية والدرامية التلفزيونية، التي حققت نجاحاً كبيراً وشاركت في أهم المهرجانات العربية والعالمية، حاصدة جوائز عدة، من أبرزها فيلم «من ألف إلى باء» مع «توفور فيفتي فور» وفيلم «زنزانة» مع «إيمج نيشن» ومسلسل «سلطانة»، فضلاً عن أن العديد من الفنانين الأردنيين أشركوا في أعمال سينمائية ودرامية وغنائية إماراتية، واستطاعوا تأكيد حضورهم الفني.
«الاتحاد» تستعرض المسيرة الفنية الأردنية والإنجازات التي حققتها في السينما والتلفزيون والموسيقى والغناء، وكانت البداية مع السينما، حيث تتمتع السينما الأردنية بتاريخ طويل في الإنتاج السينمائي، خصوصاً أن السينما كانت جزءاً أساسياً في تشكيل المشهد الاجتماعي والثقافي والسياسي وبلورة الرؤى والاتجاهات للناس كافة.

صراع في جرش
وأول فيلم تم صنعه هو «صراع في جرش» عام 1958، وجرى تصوير أحداث هذا العمل الروائي السينمائي على أرض المملكة الأردنية، ويعتبر هذا العمل أول خطوة فعلية على طريق تأسيس صناعة سينمائية في الأردن، وكان الفيلم حصيلة جهود شخصية لمجموعة من الشباب الأردنيين الطامحين لعمل أفلام سينمائية على غرار الأفلام المصرية والسورية، حيث تم إنجاز المعدات اللازمة للتصوير والمونتاج محلياً، ووضع قصة الفيلم والسيناريو فخري أباظة وسمير مطاوع، وأخرجه واصف الشيخ ياسين، وشارك في بطولته فائق القبطي وغازي هواش وعلي أبو سمرة وأحمد القري وصبحي النجار.
وفي عام 1964، تم إنتاج وتنفيذ الفيلم الروائي الثاني «وطني حبيبي»، الذي كتب قصته وقام بإخراجه عبد الله كعوش، وشارك في بطولته علي هليل ومحمود كعوش وفائق القبطي وعبد الفتاح جبارة وغازي هواش ووليد الكردي.
  
جريدة سينمائية ناطقة
وجاءت أول مساهمة رسمية في سبيل خلق سينما أردنية عام 1965 بتأسيس دائرة السينما والتصوير التابعة لوزارة الإعلام، حيث بدأ عملها بإنتاج الجريدة السينمائية الناطقة، واستطاعت إنجاز أكثر من 40 عدداً مصوراً، ومع ظهور التلفزيون الأردني تم إلحاق دائرة السينما به عام 1969، واستمر عملها في إنتاج الجريدة السينمائية، وكذلك في تحقيق عددٍ من الأفلام التسجيلية.
ظهرت الأفلام التسجيلية الأردنية في فترة السبعينيات، وشارك منها في عدد من المهرجانات، مثل فيلم «هجرة 1967» و«عام بعد النكسة»، و«مصانع الرجال»، و«زهرة المدائن».
 وفي أوائل السبعينيات، نفذ المخرج عبد الوهاب الهندي فيلمين روائيين: الأول بعنوان «الطريق إلى القدس» والثاني بعنوان «كفاح حتى التحرير»، وشارك فيهما الفنانون عادل عفانة وسهام مناع وغسان مطر، وكان لقدوم بعض المخرجين الأردنيين الدارسين في الخارج والتحاقهم بالتلفزيون الأردني دور ملحوظ في زيادة الإنتاج للأفلام السينمائية الأردنية، حيث حقق المخرج جلال طعمة أول عمل درامي طويل بعنوان «وعد بلفور»، الذي كتب قصته والسيناريو أحمد العناني عام 1970، ثم حقق فيلمه الروائي الثاني بعنوان «الأفعى» 1972، وكان فيلمه الثالث بعنوان «الابن الثاني عشر»، وهو فيلم ذو صبغة كوميدية روائية، أما المخرج محمد عزيزية فقد أخرج فيلمه السينمائي الروائي الطويل «الشحاذ» عام 1972.
للتوالي بعدها تنفيذ الأعمال السينمائية الأردنية التي حققت رواجاً ونجاحاً كبيراً، وشاركت في العديد من المهرجانات السينمائية، من أبرزها «المشهد» و«ذيب» و«زنزانة».

دراما
شهدت الدراما التلفزيونية تطوراً ملحوظاً مع بداية تأسيس التلفزيون الأردني عام 1968، وكان الاتجاه وقتها من قبل التلفزيون والمنتجين والمخرجين نحو آفاق مشرقة لخلق وتنفيذ العديد من المسلسلات الأردنية التي تحقق الانتشار المطلوب، نظراً لطبيعتها الخاصة، لا سيما أن أغلبها غلب عليه الطابع التاريخي والبدوي، فقد تم تنفيذ عددٍ من أهم وأشهر الأعمال التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الدراما العربية والبدوية والاجتماعية، منها «غوار الطوشة» و«قطار منتصف الليل» و«فندق باب العامود» و«هبوب الريح» و«جدار الشوك» و«رأس غليص» و«سلطانة» و«حنايا الغيث» و«نمر بن عدوان».

موسيقى وغناء 
تميزت المملكة الأردنية الهاشمية بالعديد من الألوان الغنائية، التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بدورة حياة الإنسان الأردني منذ ولادته وحتى وفاته، حيث تشهد كل مرحلة من مراحل حياته لوناً معيناً ونمطاً خاصاً، وسمات تُميز كل مرحلة منها عن الأخرى، معتمدة في ذلك على الأصالة، ومُستمدة تكوينها الفني من تراث الشعب الأردني الذي ينتقل شفاهة من جيل إلى جيل، معبراً عن روح الشعب وعن مختلف تقاليده، فالأغنية الأردنية لازمت الإنسان الأردني الذي يعبر من خلالها عن أفراحه وأتراحه بمشاعر صادقة جياشة، إذ يساهم اللحن المصاحب للأغنية في تكوين تلك الأغنية. وإلى جانب التميز الإيقاعي لأغاني التراث الشعبي الأردني، فإن ألحانها أيضاً تتميز بقصر جملها الموسيقية، وتسلسل نغماتها الموسيقية، ووضوح وأصالة مقاماتها الموسيقية، وتغنى بها العديد من الفنانين الأردنيين أمثال: توفيق النمري وإسماعيل خضر وعبده موسى وسهام الصفدي، ونقلها العديد من الفنانين العرب عبر حناجرهم وجولاتهم إلى بلدانهم ومختلف أنحاء المعمورة، حيث تغنى بها كل من: سميرة توفيق وفؤاد حجازي ودريد لحام ووديع الصافي، ونجاة الصغيرة، كما ظهر عدد من الفنانين الأردنيين الشباب الذين أكلموا المسيرة وحققوا انتشاراً عربياً كبيراً، مثل المطربين عمر العبدلات وديانا كرزون وعريب حمدان. وقد انتشرت أغاني التراث الشعبي الأردني عن طريق مجموعة متميزة من الفرق الموسيقية والغنائية الأردنية، التي قامت بجولات فنية إلى مختلف بلدان العالم، ومن أهم هذه الفرق:
فرقة الإذاعة الأردنية وفرقة الملكية الأردنية، وفرقة الفحيص، وفرقة الرمثا للفنون الشعبية، وفرقة معان للدبكة الشعبية، وفرقة إربد للموسيقا العربية، وغيرها من الفرق الأردنية والعربية والعالمية، كما يساهم مهرجان جرش الدولي السنوي للثقافة والفنون في نشر الغناء الأردني، من خلال الفرق المحلية والعالمية، التي قدم العديد منها أغاني أردنية في صور جميلة ومعبرة عن الترابط بين الشعب الأردني ومختلف شعوب العالم.
يعتمد الغناء التراثي الأردني على اللهجة العامية، فهو يصاغ بشكل نصوص شعرية شعبية أو زجلية، تروي قصص وملاحم الحياة التي مر بها الإنسان الأردني بشكل خاص والإنسان العربي بشكل عام، مؤكدةً على نظرة الإخاء والتسامح بين أبناء العالم العربي بمختلف ألوانهم ودياناتهم، وتحتوي أغاني التراث الشعبي الأردني على ألوان أساسية مختلفة من الغناء أهمها: الغناء البدوي، الغناء الريفي، الغناء البحري.

نادٍ سينمائي
تم تأسيس النادي السينمائي الأردني عام 1979 للتعريف بالسينما كثقافة ووعي فني رفيع لم يتوقف، وكان من أبرز نجومه الناقد السينمائي حسان أبو غنيمة الذي أثري الثقافة السينمائية بجهوده المتواصلة، من خلال تنظيمه للعروض السينمائية المتميزة للسينما العالمية بكافة اتجاهاتها، وكذلك من خلال إصدارات النادي السينمائي من المنشورات، وتفعيل النقد السينمائي من خلال نشاطاته الصحفية في الصحف الأردنية واستقطابه للعديد من الكفاءات المهتمة بالسينما، مثل ناجح حسن وحسن الدباس.

نقلة نوعية 
«ذيب» هو فيلم دراما أردني صدر عام 2014 من تأليف وإخراج ناجي أبو نوار، يركز الفيلم حول فتى من البدو يدعى «ذيب»، والذي عليه النجاة في صحراء وادي رم، تم استخدام ممثلين غير محترفين من مجتمع البدو في جنوب الأردن، وتم ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار 2016 عن أفضل فيلم بلغة أجنبية، وأتت فكرة الفيلم للمخرج أبو نوار من مغامرة قام بها في صحراء وادي رم جنوبي الأردن استمرت عاماً كاملاً للتعرف على مفاصل الحياة البدوية وسحرها، وما تتضمنه من مخاطر ومشقة، وحقق الفيلم نقلة نوعية في السينما الأردنية كأوّل فيلم روائي طويل للمخـرج الشاب، ليحقق ما يشبه المعجزة الفنية بوصوله مباشرة إلى ترشيحات الأوسكار، وهو ما اعتبره النقاد نقطة تحول كبرى في السينمـا الأردنية تحديداً.

أفلام هوليوود 
بفضل ما تتمتع به الأردن من مناطق جاذبة للتصوير، والبنية التحتية المؤهلة والمناخ المعتدل والدعم الفني، استقطبت الأردن عدداً من منتجي أفلام هوليوود والدول العربية الأخرى للتصوير فيها، وعلى مدار السنوات الماضية تم تصوير عشرات الأفلام التي نالت جوائز عالمية، ومن أبرز هذه الأفلام  «المريخي» (The Martian) للنجم العالمي مات ديمون حيث تم تصوير بعض مشاهده في وادي رم، على مدى خمسة وخمسين يوماً، وشاركت أكثر من عشرين شركة أردنية في صناعة الفيلم، إلى جانب أفلام «حرب النجوم: الجزء التاسع» و«ديون» لدينيس فيلنوف، و«روغ وان» لجاريث ادواردز، و«ذي مونك أنت ذي ديمون» لـ نيكولاي دوستال  و«علاء الدين».

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©