الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

انطلاق فعاليات مؤتمر «إعلاميون ضد الكراهية»

انطلاق فعاليات مؤتمر «إعلاميون ضد الكراهية»
27 سبتمبر 2021 14:55

إبراهيم سليم (عمان)
انطلقت صباح أمس في العاصمة الأردنية، عمّان، أعمال المؤتمر الإعلامي الثاني لمجلس حكماء المسلمين، والذي يعقد على مدى يومين، بالشراكة مع المركز الكاثوليكي للإعلام، تحت عنوان: «إعلاميون ضد الكراهية»، برعاية صاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد، عضو مجلس حكماء المسلمين، كبير مستشاري جلالة الملك عبدالله بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
وبدأت أعمال المؤتمر بكلمة افتتاحية لصاحب السمو الملكي الأمير غازي بن محمد، ألقاها نيابة عنه وزير الثقافة الأردني الأسبق، الدكتور محمد حسين المومني، وأعرب خلالها عن ترحيب المملكة بالمؤتمر، مؤكداً أن عمّان كانَت ولا زالَت في طليعة الدّول التي تذود عن الدّين الحنيف، وانبرت للدّفاع عن القيم الإنسانيّة والحضاريّة ومكافحة انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي راجت في المجتمعات غير المسلمة، مستهدفة الأقليّات المسلمة المُسالمة التي لا ذنب لها إلا أنّها تنتمي لدينٍ امتطاه البعض وحرّفه ليرتكب باسمه العنف والمجازر.
وقال: «أعلن الأردن مبكراً، بكلّ شجاعة وقوة، أن الحربَ على الإرهاب، هي حربُنا، حربُ العرب والمسلمين، ليس فقط لأن الإرهاب شرٌ على الإنسانية لا بدّ من وقفه، أو لأننا جزء من حضارة إنسانية ندافع عن قيمها، بل لأنّ الإرهاب والمجازر كانت تُرتَكَبُ باسم الدين الإسلامي الحنيف، والإسلام منها براء».
وأضاف:«من هذا المنطلق نرى الذي تعقدونه للبحث في سبل مواجهة خطاب الكراهية، الذي اجتاح فضاءاتنا الإعلامية والاتصالية، فزرع الفرقة والفتن تحت شعار حرية التعبير، وهو ليس كذلك، ولا يمت للحرية بصلة، بل هو خطابٌ طارئ بغيض ووباءٌ يجتاحُ مجتمعاتنا، وأنكم في مسعاكم هذا، إنما تواجهون واحداً من ثلاث تحديات رئيسة تواجه الإعلام في زماننا هذا، وهي انتشار خطاب الكراهية، وبث الأخبار الكاذبة والمزيّفة، والتنمّر وانتهاك الخصوصية من قبل بعض وسائل إعلام غير مهنية، التي استغلّت التطور المطرد في وسائل تكنولوجيا الإعلام والاتصال».
وأشار إلى أن أكثر ما يزيد مهمة الإعلام تعقيداً، هي ندرة الدراسات العلمية التي تؤطر وتعطي الإحصائيات الرقمية حول انتشار ظاهرة خطاب الكراهية في الإعلام، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أو تلك التي تتحدث عن التداعيات السياسية والاجتماعية لهذه الظاهرة البغيضة، داعياً وسائل ورجال الإعلام إلى وضع حدود فاصلة بين حرية التعبير والحق في القول والاعتقاد، وبين خطاب الكراهية الذي يزرع الشر والانقسام، وينال من استقرار المجتمعات وينخر بها، ويستبيح القيم، ومنظومة الأخلاق.
من جانبه أكد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، الدكتور سلطان فيصل الرميثي، أن هذا المؤتمر يعقد ضمن جهود مجلس حكماء المسلمين الراميةِ إلى خلقِ ائتلاف إعلامي يهدف إلى مكافحة خطاب الكراهية والتمييزِ في وسائل الإعلامِ العربيةِ، سواء على شبكةِ الإنترنت أو خارجها، منْ خلالِ تعزيزِ المعاييرِ الأخلاقيةِ، وتفعيلِ المواثيق الصحافية لإعلاءِ كرامةِ الإنسانِ، في عصر اتسم بارتفاعَ صوتِ خطابِ الكراهيةِ متزامنًا مع أزماتٍ حالكَةٍ تجتاحُ العالمَ، من لجوءٍ وتهجيرٍ وتفرقةٍ وأوبئةٍ.
وقال الرميثي: «إن دورَ وسائل الإعلام يعدُّ حاسِماً في إطْلاع الرأي العامِّ على بعض القضايا البالغةِ الأهميةِ، مثلَ الهجرةِ واللجوءِ والتمييزِ على أساس الدين والعرق والجنس، وهي قضايا تَتَصَدَّر أسبابَ انتشارِ خطابِ الكراهيةِ والصور ِالنمطيةِ التي تستهدفُ الأفرادَ في جميع أنحاءِ العالم، وخاصة في منطقتنا العربية».
وأضاف:«وسط هذا المشهدِ المتشابكِ والمعقَّدِ، ودعمًا لجهود ِمؤسساتٍ كثيرةٍ في مجالاتٍ أخرى، تظهرُ الحاجةُ الماسَّةُ إلى إنتاج خطابٍ إعلاميٍّ متوازنٍ وعادلٍ، يعمل على تغييرِ الأنماطِ السلبيةِ السائدةِ، ونزعِ فتيلِ الكراهيةِ بما يترتبُ عنها من أزماتٍ، كما يعملُ في الوقتِ نفسِهِ على فتحِ أبوابِ الحوارِ العقلانيِّ والدائمِ، كأفضل سبيلٍ لمواجهةِ خطابِ التَّفرقةِ والتمييزِ والكراهيةِ، حوارٌ نأملُ أن يُعِيدَ الإعلامَ إلى جوهرهِ النقيِّ ويَبْعَثَ فيه -ومن خلالهِ- رسالَتَهُ الإنسانيةَ النبيلةَ، بعيدا عن الحسابات السياسية والحزبية والطائفية».
وتابع الرميثي:«لا شك أن المشهد الإعلاميَّ العربيَّ زاخر ٌبالممارساتِ الصحفيِّةِ الجيِّدةِ، والقصص الإيجابيةِ التي تصبُّ في صالحِ قضايَا التعايشِ ونَبْذِ الكراهيةِ، ولكننا نرى أن هناك مجالًا أكبرَ للمزيد من التقدم عبر تقديم المواردِ اللازمةِ، والتدريبِ الإضافيِّ للصحفيين والمؤسسات الإعلامية، وذلك للعمل على الارتقاء بمعايير البثِّ والنشرِ في القضايا المتعلقة على سبيل المثال: (بالهجرة، واللجوء، والدين، والعرق، والفئات المهمشة بشكل عام..) من أجل تمكينِ الصحفيينَ والإعلاميين من الوسائلِ اللازمةِ لمواجهةِ خطاب الكراهيةِ والتعصبِ والعنصريةِ والتمييز».
ودعا الرميثي إلى أهميةِ إدراكِ المؤسساتِ الإعلاميةِ والعاملينِ فيها لخطورةِ الجهلِ وعدمِ تقديرِ الثقافاتِ والتقاليد ِوالمعتقداتِ المختلفةِ، الأمرُ الذي يقودُ إلى تشكيلِ الصور ِالنمطيةِ وتعزيزِ خطابِ الكراهيةِ والعنصريةِ والتمييز، وهو الأمرُ الذي يظهر مدَى أهميةِ اعتناءِ الإعلاميينِ بكلماتهم وصورِهمْ، التي عادةً ما يكون ُلَها تأثيرٌ عميقٌ في الأفرادِ والمجتمعاتِ على حدٍّ سواء.
وفي كلمته قال مدير عام المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الأب د. رفعت بدر: «إن الإرهابَ البَغِيضَ الذي يُهدِّدُ أمنَ الناسِ، سَواءٌ في الشَّرْقِ أو الغَرْبِ، وفي الشَّمالِ والجَنوبِ، ويُلاحِقُهم بالفَزَعِ والرُّعْبِ وتَرَقُّبِ الأَسْوَأِ، ليس نِتاجًا للدِّين، حتى وإنْ رَفَعَ الإرهابيُّون لافتاتِه ولَبِسُوا شاراتِه، بل هو نتيجةٌ لتَراكُمات الفُهُومِ الخاطئةِ لنُصُوصِ الأديانِ وسِياساتِ الجُوعِ والفَقْرِ والظُّلْمِ والبَطْش والتَّعالي، لذا يجبُ وَقْفُ دَعْمِ الحَرَكاتِ الإرهابيَّةِ بالمالِ أو بالسلاحِ أو التخطيطِ أو التبريرِ، أو بتوفيرِ الغِطاءِ الإعلاميِّ لها».
وأكد بدر أنه بمستطاع أدوات التواصل أن تعود إلى كونها أدوات بناء جسور المحبة لا جدران الفصل والتمييز والكراهية، وهذا ما عزّزه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظّم في مقاله الشهير «أدوات تواصل لا تناحر»، في 20102018، حيث قال: «بدأت أرى مؤخرًا على منصات التواصل الاجتماعي، محاولات لخلخلة ثبات هذه المرساة، وهو ما دفعني لمخاطبتكم اليوم. فحين نتصفح منصات التواصل الاجتماعي نصطدم أحيانا بكمٍّ هائل من العدوانية، والتجريح، والكراهية، حتى تكاد تصبح هذه المنصات مكانًا للذم والقدح، تعج بالتعليقات الجارحة والمعلومات المضللة، والتي تكاد أحيانًا تخلو من الحياء أو لباقة التخاطب والكتابة، دون مسؤولية أخلاقية أو اجتماعية أو الالتزام بالقوانين التي وجدت لردع ومحاسبة كل مسيء».
واقترح بدر ضرورة إعادة تدشين مدونة سلوك أخلاقية إعلاميّة تحث أبرزها على إبراز روابط التقارب والتواد بين الناس أجمعين، والالتزام بالابتعاد عما يثير النعرات العنصرية أو الطائفية وما يفرّق، وكذلك الالتزام بدعم المناخ الذي يعمل على تعزيز العلاقة التشاركية لتطوير مفهوم الوطن النموذج الذي يتساوى وينعم فيه الجميع، بمواطنة صالحة، تتمتع بذات الحقوق والواجبات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©