لكبيرة التونسي (أبوظبي)
عندما يدخل الزائر إلى جناح سنغافورة بـ «إكسبو 2020 دبي»، يجد نفسه وسط خضرة ونباتات، في خطوة تستهدف التأكيد على حقيقة أن الزراعة ممكنة في كل مكان وزمان، حتى في الظروف الأكثر صعوبة، وهذا ما عبر عنه مدير الجناح، تنغ جوو تشونغ، مؤكداً أن المكان يضم آلاف النباتات و44 أصيصاً و51 مروحة لتبريد الأجواء ليمنح الزائر تجربة مريحة وممتعة ومفيدة، حيث وضع الجناح قبل التصميم العمارة الخضراء على رأس أولوياته، ليعكس روح التنمية المستدامة، لمساعدة الزوّار على تقدير مزايا وإمكانات دمج الطبيعة في بيئاتنا الحضرية، ويترجم الجناح أيضاً فلسفة سنغافورة في التعاطي مع المجال الأخضر في دمج واضح بين هذه المساحات والحلول الذكية، وفي عرضه لنظام متكامل لإدارة المساحات الخضراء وأنظمة المياه والطاقة.
قال، تنغ جوو تشونغ، إن سنغافورة من بين أكثر الدول استدامة في العالم، وواحدة من 3 مدن دول في العالم، حيث يعيش 85% من السكان في مساكن عامة عالية ضمن مساحة تقع فيها 8 من بين 10 منازل، على بعد 10 دقائق سيراً على الأقدام من حديقة، ومن بين هذه الحدائق حديقة سنغافورة النباتية، وهي أول موقع في سنغافورة مسجّل ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتقع على بُعد 5 دقائق فقط من حزام التسوق الشهير في شارع «أورشارد»، الذي سمي على اسم المشاتل المصطفة على جانبيه في حقبة الأربعينيات.
رحلة الاستدامة
وأشار جوو إلى أن جناح سنغافورة الذي يجسد شعار «الطبيعة..الرعاية.. المستقبل»، بمثابة إنجاز ذات نظام بيئي أخضر قائم على مبدأ الاكتفاء الذاتي، حيث يمثل صورة مصغرة نحو النمو والاستدامة والمرونة، ويعكس في الوقت نفسه صورة الاستعداد الكامل لمواجهة بعض التحديات الحضرية الأكثر تعقيداً في عصرنا الحالي.
حماية الحياة
ويؤمن القائمون على الجناح أن إعطاء الأولوية للحفاظ على الطبيعة في مخططاتهم وتصاميمهم يمكن أن يكافئهم بالمثل على نطاق قابل للقياس لإفادة جميع أشكال الحياة من مساحاتها الطبيعية ونباتاتها وحيواناتها، حيث يعد جناح سنغافورة من الأمثلة الحية على كيفية دمج الطبيعة في نسيجنا الحضري لإنشاء مدن مرنة مكتفية ذاتياً، من خلال حماية الطبيعة وإعادتها إلى مدننا نتخذ خطوات حاسمة لمكافحة تغير المناخ، وبذلك فإننا نحمي بقاءنا وبقاء الحياة بشتى أشكالها على سطح الكوكب.
واحة خضراء
ويعد جناح سنغافورة في «إكسبو 2020» مثل واحة في الصحراء، للدلالة على أن جميع البيئات صالحة أن تكون خضراء مستدامة عبر دمج أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في تحسين الحياة من زراعة وماء وهواء وطاقة شمسية، حيث قال جوو: تم تأسيس الجناح انطلاقاً من شغف عميق بفن العمارة الحية، حيث الهواء أكثر برودة، والشمس أقل قسوة، والألوان خضراء ورائحة الطبيعة طاغية، مما يجعل الجناح يشكل دعوة للانغماس في الطبيعة، ويجتمع التصميم والطبيعة يشكلان نظاماً بيئياً واحداً، حيث تم تصميمه وبناؤه وتشغيله بأقل أثر ممكن على البيئة، كما يعمل الجناح على زيادة المساحات الخضراء، ودعم الحياة، ويدير نظام تكافلي في الطاقة والمياه، موضحاً أنه بعد اختباره في واحدة من أقسى البيئات على كوكبنا يعرض هذا الجناح إمكانية أي مدينة في العالم أن تصبح أكثر لطفاً وأكثر خضرة، وبالتالي أكثر مرونة وطبيعة وعناية ومستقبل، هذه العناصر التي تعكس رؤية سنغافورة المتمثلة في أن تكون مدينة في الطبيعة، حيث الرعاية تطال الناس والبيئة على حد سواء.
مدينة المستقبل
وعندما يتجول الزائر بهذا الجناح الذي يجمع بين جمال الطبيعة وفن العمارة والمنظومات التكنولوجية الذكية، سيدرك فلسفة الاستدامة في هذه الدولة، كما سيلامس ملامح مدن المستقبل المستدامة الصالحة للعيش، لا سيما تلك التي سنراها في عالم ما بعد الوباء، رحلة تجريبية مبهرة يتيحها جناح سنغافورة عبر المساحات الخضراء المورقة التي تضع الزائر وسط أيقونة خضراء باردة، عبر آلاف الأقماع المعلقة في شكل هندسي متفرد، تجسد رؤية سنغافورة في أن تصبح مدينة وسط الطبيعة، بحيث إن الجناح يطمح أن يكسب الزوار المعارف الجديدة وتكوين وجهات نظر إيجابية حول كيفية دمج الطبيعة والتكنولوجيا في مساحات بلدهم الحضرية الخضراء، بالإضافة إلى الاضطلاع على قدرتهم الهائلة على إمكانية التصميم لمدن مستدامة صالحة للعيش.
المظلة العلوية
وأكد جوو، أن الجناح يعزز الاستفادة من التكنولوجيا، في عملية تصميم وتطوير المناظر الطبيعية النادرة، حيث تنتشر آلاف النباتات لتجعل الجناح خصباً من الداخل، حيث تشكل مظلة علوية من آلاف النباتات المحفوظة في أصص يتم ريها بطرق تكنولوجية حديثة، بينما توجد فوقها أنابيب تلتقط أشعة الشمس ومن ثم تعكسها عليها لتغمرها بطبقة خفيفة من ضياء الشمس بشكل يومي، كما توفر إضاءة النمو لتعزيز النمو المتوازن الليلي. ويخطف الأنظار في الجناح قسم زهور الأوركيد بجمال ألوانها وتنسيقها، حيث صمم هذا القسم ليبرز للزائر كيفية صناعة وتهجين هذه الزهرة، كما يضم أربع مخبرات صغيرة تبرز طريقة العمل على إكثار وتهجين هذه الأزاهير، ويضم القسم أصنافاً فريدة من نوعها بعضها يزهر في الداخل، ويتم الحفاظ عليها عبر مادة هلامية ونباتية تحتفظ بكل قطرة ماء.
رحلة استكشاف
يشكل الجناح دعوة للزوّار للتفكير مليّاً في علاقتهم بالطبيعة، من خلال رحلة استكشافهم للمنظومة الرقميّة الخضراء للجناح وعرضه لنظام متكامل لإدارة المساحات الخضراء وأنظمة المياه والطاقة، ومن خلال القيام بهذا، يتمكّن الزوّار من تقدير أهميّة التخطيط وحجم التحديات لبناء جناح سنغافورة، والطرق التي تمكننا من التعايش مع بيئتنا الطبيعيّة والمبنيّة دون إلحاق الضرر بكليهما، حيث يتم الاعتناء بكلٍ من الناس والبيئة على حد سواء.