الإثنين 13 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

وكيل دائرة الصحة - أبوظبي لـ«الاتحاد»: تجاوزنا تقديم «الرعاية الصحية» إلى المساهمة في بناء اقتصاد المعرفة

َ
21 ديسمبر 2021 01:30

منى الحمودي (أبوظبي) 

أكد الدكتور جمال الكعبي، وكيل دائرة الصحة في أبوظبي، أن القطاع الصحي في إمارة أبوظبي شهد تطوراً كبيراً على مختلف المستويات على مدى الخمسين عاماً الماضية، بعد أن تشكلت ملامحه مع إعلان الاتحاد بفضل التوجيهات الحكيمة من قبل الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث بدأ قطاع الرعاية الصحية في ذلك الوقت بالنمو ليواكب الزيادة المتنامية في أعداد سكان الإمارة، مراعياً احتياجات أفراد المجتمع والتركيبة السكانية.
وقال في حواره مع «الاتحاد»: «في هذا العام لم يتوقف طموح وإنجازات القطاع الصحي لتوفير خدمة صحية متميزة عالمية المستوى لأفراد هذا المجتمع، ولكن تجاوز ذلك ليكون وجهة طبية رائدة على المستوى العالمي، ويساهم بشكل فعال في بناء اقتصاد مبني على المعرفة، عالي الاكتفاء والتنافسية».
وأضاف: «إن إنجازاتنا في القطاع الصحي تحققت بسبب رؤية القيادة الرشيدة الداعمة لهذا القطاع، والاستثمار في تطوير الكفاءات الوطنية، وجذب أفضل الكفاءات والممارسات العالمية، مصحوبة بخطط علمية وفعالة تطبق من خلال فرق إدارية مؤمنة بطموح هذا الوطن ومكانته العالمية. واليوم، نرى قطاعاً صحياً يمتلك مستلزمات ومنشآت وآليات وأنظمة ‏وكوادر استطاعت التصدي لجائحة عالمية بمستوى عالٍ من القابلية والحرفية، لتتصدر أفضل المدن العالمية بتقدير العديد من القوائم التنافسية مثل DKG بلوم برج وغيرها».

مقومات التنافس 
ولفت إلى أن هناك الكثير من ‏المقومات التي تجعل إمارة أبوظبي متميزة، وعلى مستوى تنافسي الآن وفي المستقبل، كون أبوظبي اليوم هي المكان الوحيد عالمياً الذي تجد فيه ستة من أفضل عشرة مقدمي خدمة عالمياً في مكان واحد: مثل كليفلاند كلينك، مايو كلينك، كجز كولدج، امبريال كولدج، مودزلي ومورفيلد. بالإضافة إلى العديد من المنشآت الأخرى التي بدأت في أبوظبي وانطلقت إلى العالمية منها مجموعات أن أم سي، في بي أس، ‏الشرقية المتحدة، مبادلة للرعاية الصحية وغيرها. 
وأشار الدكتور جمال الكعبي إلى أن نجاح القطاع الصحي في أبوظبي لم يقتصر على توفير الرعاية وحسب، بل تجاوز ذلك إلى مجالات أخرى منها التعليم الطبي، حيث يعتبر برنامج تنسيق هو الأفضل على مستوى المنطقة، ووجود كلّيتين للطب، والصناعات والخدمات اللوجستية لعلوم الحياة من خلال التطوير والتصنيع المحلي واستخدام أبوظبي كمركز إقليمي، إضافة إلى مجالات كثيرة أخرى مثل الأبحاث، حيث تم نشر أكثر من 400 بحث، منها أكبر تجارب سريرية عالمية للقاحات «كوفيد-19».
وقال: «عملنا لا يتوقف هنا، حيث ما زلنا مصرون على تمكين قطاع الصحة في أبوظبي من مواصلة مواكبة متغيرات المستقبل والصحة الرقمية والنماذج المستقبلية لتوفير الرعاية، وكمثال على ذلك توظيف الذكاء الاصطناعي الذي سيتم بناء تطبيقاته مستنداً إلى برنامج ملفي ‏وبرنامج الجينوم، وإطلاق مركز أبوظبي للصحة العامة، مركز أبوظبي للصحة الرقمية، مركز أبوظبي للابتكار والأبحاث الصحية، وإطلاق برنامج مؤشر الأول من نوعه إقليمياً، وأحد أفضل برامج قياس جودة الخدمات الصحية عالمياً». 
وأضاف: «خلال 50 عاماً تم بناء نظام صحي عالي ‏الجودة حاصل على ثقة الجمهور وينافس بقوة ‏على المستوى العالمي، وفي الخمسين سنة القادمة سيكون تركيز هذا القطاع على الانتقال، ليكون محركا من محركات الاقتصاد الرقمي والمعرفي في الإمارة وعلى مستوى الدولة».

  • جمال الكعبي
    جمال الكعبي

الاستراتيجية والأهداف 
وحول استراتيجية دائرة الصحة ـ أبوظبي، أكد الدكتور جمال الكعبي التركيز على عدد من الأهداف الطموحة التي تسلط في مجملها الضوء على المجتمع واحتياجات أفراده، حيث تتطلع الدائرة إلى مواصلة ضمان توافر الخدمات الصحية لجميع أفراد المجتمع من خلال منصات رقمية مبتكرة، كما ستعمل على تحقيق قطاع صحي شامل يقدم خدماته من خلال شراكات متميزة، منوهاً بأن ما تم الاستثمار فيه على مدى العقدين الأخيرين جعل القطاع الصحي أفضل الأنظمة عالمياً واستراتيجياً يتركز على التعامل بمرونة وفاعلية.

خريطة البحث العلمي
أوضح الدكتور جمال الكعبي، أن البحث العلمي في مجال الرعاية الصحية يعتبر من أوجه التركيز في استراتيجية دائرة الصحة ـ أبوظبي، حيث تواصل الدائرة إطلاق مبادرات تدعم مشروعات البحث العلمية في الإمارة، لا سيما خلال جائحة «كوفيد-19»، فقد أطلقت الدائرة «سجل أبحاث كوفيد-19»، ليكون منصة موحدة لدعم الأبحاث العلمية وتسريع وتيرة الاكتشافات والابتكارات التي من شأنها المساهمة في رفد الجهود العلمية المبذولة لمواجهة الفيروس. واستقبل السجل 322 بحثاً علمياً حتى الآن، تم الموافقة على 258 بحثاً والانتهاء من نشر 37 بحثاً، حيث يتم تقييم المشاريع البحثية من قبل «لجنة أخلاقيات البحث العلمي» في الدائرة.  وأضاف: «بالتعاون مع الدائرة، أطلقت (جي 42) برنامج الجينوم الإماراتي، الأول من نوعه على مستوى المنطقة والأكبر عالمياً، الذي يهدف إلى استخدام البيانات الجينية الوراثية للمواطنين، لتحسين الصحة العامة. ويقوم هذا البرنامج الفريد من نوعه على مستوى العالم على عملية تزويد المواطنين بجينوم مرجعي وخاص بهم كحجر أساس، ودمج البيانات الجينية بقاعدة البيانات الخاصة بإدارة الرعاية الصحية. كما سيستخدم البرنامج تقنية متواليات متقدمة لإيجاد قاعدة بيانات جينوم».

المستجدات والمتغيرات
وفيما يتعلق بتعامل «صحة أبوظبي» مع المستجدات والمتغيرات التي تطرأ في مجال الصحة عالمياً، أفاد الدكتور جمال الكعبي بأن دائرة الصحة ـ أبوظبي ومركز أبوظبي للصحة العامة يتبوأان مكانة قيادية على المستوى العالمي والإقليمي في مجال الصحة العامة، وتواصل دائرة الصحة أبوظبي التنسيق مع منظمة الصحة العالمية ومختلف المؤسسات العالمية ذات الصلة لضمان متابعة آخر المستجدات الصحية على المستوى العالمي، وتبادل الخبرات والمعارف مع نظرائها. وبرز هذا التواصل المستمر خلال جائحة «كوفيد-19»، حيث عززت الدائرة قنوات اتصال منتظمة مع الشركاء الدوليين حول العالم للاطلاع على أحدث التطورات وأبرز السبل العلاجية والوقائية وأفضل الممارسات المتبعة لضمان اتساق الجهود المحلية مع التوصيات العالمية. 
كما شاركت إمارة أبوظبي في الجهود العالمية لرفد استجابة العالم لجائحة «كوفيد-19»، وذلك من خلال المشاركة في التجارب السريرية للقاحات وتقديم خدمات الفحص المخبري لـ«كوفيد-19» لعدد من البلدان الصديقة، إضافة إلى تأسيس ائتلاف الأمل لنقل وتوزيع اللقاحات حول العالم، لافتاً إلى الحرص على الوجود والمشاركة في مختلف المبادرات والمؤتمرات الإقليمية والعالمية للالتقاء بالشركاء والنظراء للتعرف على أبرز المشروعات والمبادرات الواعدة واستعراض تجربتنا الرائدة في أبوظبي، وكذلك عقد وتوطيد شراكات جديدة تسهم في المضي قدماً بقطاع الرعاية الصحية في الإمارة. 

السياحة العلاجية
أوضح الدكتور جمال الكعبي أن القطاع الصحي في أبوظبي يمتلك بنية تحتية ومنشآت صحية، وفيه نخبة من الأطباء العالميين، وفق أعلى معايير الجودة العالمية، وذلك ضمن بيئة متكاملة للرعاية والعناية، إضافة إلى تقديم أعلى معايير الخدمات العلاجية، حيث رسخت إمارة أبوظبي موقعها كوجهة للسياحة العلاجية في العالم، وذلك بفضل الثقة الدولية بقطاعها الصحي الذي نجح في استقطاب كبريات المؤسسات الطبية ذات المكانة العالمية المرموقة، حيث استقطبت إمارة أبوظبي 101435 سائحاً علاجياً، وشهدت السياحة العلاجية في أبوظبي نمواً بنسبة 180% في الفترة ما بين 2015 إلى 2020، والجدير بالذكر أن من أهم التخصصات الطبية، التي تستقطب السياح العلاجيين، العلاج بالخلايا الجذعية. 

شراكات عالمية
أفاد الدكتور جمال الكعبي بأن دائرة الصحة أبوظبي استطاعت في ظل توجيهات ودعم القيادة الرشيدة إنشاء وتوطيد شراكات مثمرة مع العديد من المؤسسات والشركاء حول العالم. وكان لجائحة «كوفيد-19» دور في تسريع وتيرة تطوير مثل هذه الشراكات بحكم الحاجة إلى التعاون وتوحيد في مواجهة «الجائحة»، وتعزيز استجابة القطاعات الصحية حول العالم، حيث شهد القطاع الصحي في أبوظبي جملة من الشراكات المهمة التي أسهمت بلا شك في تحقيق الاستجابة المتميزة للقطاع، بما في ذلك الشراكات التي انبثقت عنها المشاركة في التجارب السريرية للقاحات «كوفيد-19». 
وقال: «بالإضافة إلى ذلك، ساهم إطلاق (ائتلاف الأمل) في تعزيز علاقات التعاون مع شركاء من مختلف أنحاء العالم، حيث جاء الائتلاف دعماً للجهود العالمية في مواجهة «الجائحة»، من خلال توفير الخدمات اللوجستية للتعامل مع نقل وتوزيع اللقاحات في جميع أنحاء العالم. كما تدعم أبوظبي الجهود الدولية القائمة لإجراء فحوص (بي سي آر) المرتبطة بـ(كوفيد-19)، حيث خصصت الإمارة مختبرات حديثة لإجراء التحليلات المخبرية للعينات التي يتم استقبالها وجمعها من خارج الدولة».
وتابع: «افتتحت شبكة مختبرات (يونيبلاس) السويسرية للمختبرات التشخيصية فرعاً جديداً في إمارة أبوظبي بطاقة إنتاجية للاختبارات تبلغ 80 ألف اختبار (بي سي آر) يومياً؛ بهدف تعزيز القدرة الإنتاجية العالية للمنظومة المخبرية للإمارة. وبحث مجلس الأعمال الإماراتي الكندي مؤخراً سبل تعزيز فرص التعاون المشترك مع القطاع الصحي في كندا، لا سيما في دعم تنمية القوى العاملة الصحية، وضمان توفير أعلى مستويات الجودة في التعليم الطبي، وبناء القدرات البحثية، والاستعداد لما بعد (كوفيد-19). وعقدت دائرة الصحة ـ أبوظبي اتفاقيات تعاون مع (خدمات الصحة الشاملة) «كلاليت»، أكبر مزوّد للرعاية الصحّية في إسرائيل وثاني أكبر مزود للرعاية الصحية عالمياً، ومركز شيبا الطبي الإسرائيلي واحد من أفضل 10 مستشفيات في العالم، وذلك بهدف حشد الجهود المشتركة في المجال الصحي وتبادل الخبرات والتجارب للارتقاء بتجربة المرضى والخدمات المقدمة لهم».

الكوادر البشرية
أكد وكيل دائرة الصحة ـ أبوظبي الاهتمام بالاستثمار في رأس المال البشري بالقطاع الصحي، وذلك إيماناً بدور خط الدفاع الأول في الارتقاء بالرعاية الصحية وتعزيز خدماته وجودتها ومخرجاتها، حيث أطلقت الدائرة أول منصة للتدريب الإلكتروني لتطوير مهارات مختصي الرعاية الصحية العاملين في جائحة «كوفيد-19»، والتي تهدف إلى توحيد وتعزيز المهارات والقدرات للمهنيين الصحيين ضمن الجهود لمواجهة جائحة «كوفيد-19»، ومواصلة الارتقاء بمستوى الاستعداد والجاهزية في الإمارة. وأطلقت مؤخراً برنامج «ممرضي الجيل القادم» الذي يستهدف العاملين في المهن التمريضية في الإمارة، ويتطلع إلى الارتقاء بكفاءات الكوادر التمريضية وضمان تقديمهم خدمات رعاية صحية تتسم بأعلى درجات التميز والجودة، وتتماشى مع أحدث الممارسات العالمية. واعتمدت الدائرة برنامج التجسير للأطباء المواطنين في إمارة أبوظبي، والذي يهدف إلى مواصلة الارتقاء بالكفاءات الوطنية في قطاع الرعاية الصحية. 
ولفت إلى مواصلة تعزيز جهود التعليم الطبي في المؤسسات الأكاديمية وإثراء البرامج التدريبية لما بعد التخرج والدراسات العليا. والعمل على حث الابتكار والبحث العلمي بين العاملين في القطاع فضلاً عن الاستمرار في استقطاب الكفاءات والحفاظ عليها في القطاع وفق أطر عمل جديدة وغيرها من المبادرات الهادفة إلى تعزيز استدامة القوى العاملة في القطاع. 
وأشار إلى سعي الدائرة لتحقيق جملة من التطلعات، بما في ذلك مواصلة الحفاظ على صحة وسلامة أفراد المجتمع بدنياً ونفسياً، وأن نرسخ مكانة أبوظبي وجهة رائدة إقليمياً في الرعاية الصحية المتميزة، والارتقاء بكفاءات العاملين في القطاع، وخاصة الكفاءات الوطنية الواعدة. بالإضافة إلى تعزيز مكانة أبوظبي وجهة رائدة إقليمياً في البحث العلمي الطبي، وأن تحتضن الإمارة المزيد من النظم الصحية الرقمية المتميزة عالمياً، وأن تستمر أبوظبي في تعزيز جهودها المشهودة في حوكمة قطاع الرعاية الصحية.

دروس «الجائحة»
وذكر الدكتور جمال الكعبي، ثلاثة دروس رئيسية مستفادة من جائحة «كوفيد-19»، وهي أهمية العمل على الاستعداد والجاهزية بصورة مستمرة، الانفتاح على التعاون في كل المجالات ومع الجميع محلياً وإقليمياً وعالمياً، وجعل الأنظمة الصحية قادرة على ‏التعامل بمرونة وفعالية.
وقال: «يمضي قطاع الرعاية الصحية بخطوات ثابتة نحو تحقيق أهدافه الطموحة بتوجيهات ودعم قيادتنا الرشيدة، حيث نواصل حرصنا على ضمان توافر الخدمات الصحية لجميع سكان الإمارة أينما كانوا، وذلك من خلال الاستمرار في تفعيل جملة من المبادرات التي ترفع القدرة الاستيعابية للمنشآت الصحية، وتعزز دور القطاع الخاص في المنظومة الصحية وتستقطب المزيد من الاستثمارات في القطاع. وتعمل دائرة الصحة على تفعيل دور منصات التطبيب عن بُعد وبرامج الأطباء الزائرين لتلبية احتياجات المرضى وتوفير كافة الخدمات لهم».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©