السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

في ختام الملتقى التاسع لـ«أبوظبي للسلم».. نداء إنساني لإنهاء الأزمة الروسية الأوكرانية

جانب من الحضور
11 نوفمبر 2022 01:34

إبراهيم سليم (أبوظبي)

وجه القادة الدينيون والعلماء والمثقفون نداءً باسم الإنسانية لإيقاف الحروب أو التهديد بها في النزاعات العالمية، وخاصة إيقاف الحرب الدائرة بين جمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية أوكرانيا، وإيقاف الاقتتال بين البلدين، صوناً لدماء الشعبين ومحافظة على السلم العالمي، واستجابة لتمنيات العالم ودعواته واللجوء إلى الحوار والوسائل السلمية لحل المشاكل والإشكالات بين البلدين الجارين، والاحتكام إلى العقل والحكمة والمصلحة. جاء ذلك في البيان الختامي والتوصيات الصادرة في ختام أعمال الملتقى التاسع لـ«منتدى أبوظبي للسلم» الذي عقد برعاية كريمة من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، بعنوان تحت شعار «عولمة الحرب وعالميّة السلام: المقتضيات والشراكات»، والذي تلاه الدكتور خليفة الظاهري المدير التنفيذي لمنتدى أبوظبي للسلم. 
عبر المشاركون، في بيانهم الختامي، عن صادق شكرهم وجزيل ثنائهم لدولة الإمارات على رعايتها ودعمها المتواصل للمنتدى، كما أعربوا، في ختام أعمال الملتقى، عن امتنانهم إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى أصحاب السمو حكام الإمارات، كما توجهوا بعظيم الامتنان إلى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، على كريم عنايته وجميل رعايته لأعمال المنتدى، داعين الله له جميعاً بالتوفيق والسداد والعون، وأن يحفظ دولة الإمارات قيادة وشعباً ويديم عليها سابغ نعمه وأفضاله. وأشاد العلماء والمفكرون والسياسيون الذين شاركوا في أعمال المنتدى، في البيان الختامي الذي تلاه الدكتور خليفة الظاهري، المدير التنفيذي لمنتدى أبوظبي للسلم في ختام أعمال الملتقى، بنموذج دولة الإمارات في التسامح والتعايش، إذ إنه على أرض هذه الدولة المباركة تتعايش عشرات الأديان والثقافات والأعراق المختلفة، ومئات الجنسيات في أمن وأمان ومودّة واحترام.

العمل المشترك
وأوصى المشاركون باعتماد الحوار وسيلة وحيدة لحل النزاعات والصراعات في العالم، والاستناد إلى قوّة المنطق لا إلى منطق القوّة، كما أوصى البيان بالدعوة إلى المزيد من التفكير والعمل المشترك لوضع خريطة طريق، وتقديم مبادرات علميّة وعمليّة للخروج بـ «خطة أبوظبي التنفيذية للسلم العالمي»، كما أوصى بأن تخصص القيادات الدينيّة والنخب الأكاديميّة أقرب فرصة قادمة للكلام أو الكتابة بعد هذا المؤتمر، سواء كانت تلك الفرصة خطبة للجمعة، أو عظة للسبت أو الأحد، أو مقالاً صحفيّاً، أو برنامجاً تلفزيونياً، أو غيرها من المناسبات؛ للكلام والكتابة عن السلم وجهود السلم، وإيصال رسالة السلام إلى مجتمعاتنا في مختلف القارات وبجميع اللغات.
ودعا البيان إلى التواصل مع شركات الإنتاج السينمائي لإنتاج أفلام حول السلم والتعايش السعيد للوصول بجهود السلام إلى شرائح واسعة من المجتمعات حول العالم، كما اقترح القيام بسلسلة من الندوات والورش الأكاديمية مع الجامعات المرموقة حول العالم لتعميق البحث العلمي في مفاهيم السلام والتعايش بين البشر.
كما أوصى البيان بتعزيز الشراكات والتعاون، وتنسيق الجهود بين الهيئات والمنظمات العاملة في صناعة السلم والتسامح والعيش المشترك حول العالم.

النماذج الإيجابية
ودعا البيان إلى التعريف وتسليط الضوء على النماذج الإيجابية، والقصص الملهمة، والمبادرات الناجحة في مجالات السلم والمصالحات وميادين البيئة والأمن الغذائي والصحة على مستوى العالم، وأوصى بضرورة إسهام القيادات الدينية والفاعلين المجتمعين في التوعية، والحث على تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. كما دعا  إلى تعزيز وتفعيل دور الشباب والنساء في بناء السلم المحلي والعالمي، وفي الإسهام في رسم السياسات، وبناء الشراكات لتعزيز استقرار المجتمعات وحفظ السلم فيها، وأوصى بإدراج قيم السلم والتسامح في مناهج التربية والتعليم على المستوى العالمي، والتعاون مع المؤسسات الدوليّة ذات الاختصاص، كما دعا إلى تعزيز الشراكات بين المنظّمات العاملة في مجال السلم والمؤسسات الإعلامية العالميّة، وإلى تعاون متعدد التخصصات لإعطاء العناية اللازمة للتعامل مع التحديات النفسية والروحيّة التي تسببها النزاعات والحروب.
جاء انعقاد الملتقى السنوي التاسع لـ «منتدى أبوظبي للسلم» تحت شعار «عولمة الحرب وعالميّة السلام: المقتضيات والشراكات» من 14 إلى 16 ربيع الثاني سنة 1444هـ الموافق لـ 08 إلى 10 نوفمبر 2022م برعاية كريمة متواصلة من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وبإشراف من معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وبرئاسة معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى أبوظبي للسلم، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.
وشارك في أعمال الملتقى مئات المشاركين ما بين وزراء وممثلي منظّمات أممية، ومسؤولي منظمات إسلاميّة، وسفراء وممثلي هيئات حكومية ومراكز ومنظمات دولية، ومفتين، وعلماء، وقضاة، وقيادات دينية، ومفكرين، وشخصيات أكاديميّة، ونواب برلمانيين، وغيرهم. كما حظي الملتقى بمتابعة الآلاف لجلساته وأعماله عبر المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي. 
وارتكز موضوع ملتقى هذا العام على السعي إلى تعميق البحث في التحديات الكبرى التي تواجه البشرية في الوقت الراهن، تحديات الأمن والصحة والغذاء والبيئة، متناولاً بشكل خاص إمكانات وتحديات التعاون والشراكة من أجل بناء عالم أفضل لجميع البشر. كما كان الملتقى فرصة لتبادل الآراء والخبرات بين الفاعلين في حقل السلم والتسامح، ولسبر آفاق التعاون لنشر قيم السلم والتعايش والتضامن حول العالم.
وشهد الملتقى في أيامه الثلاثة، من خلال جلساته وورشه المتعددة، مناقشة موضوعات، من أبرزها: «التحديات الأمنية الجديدة في ظل التطورات الحاصلة في النظام الدولي، التحديات الوجوديّة للسلم العالمي على مستوى الغذاء والصحة والبيئة، دور القيادات الدينيّة في تحقيق السلم العالمي، وأهمية الشراكات والتحالفات في حفظ السلم العالميّ، وعولمة الحروب وتحديات الأمن الروحي والنفسي».
كما أُقيم على هامش الملتقى معرض للمنظّمات العاملة في حقل السلم والتعايش، شاركت فيه نخبة من المنظمات والهيئات من مناطق مختلفة من العالم.

أهمية الحوار
أشار البيان إلى أن عقد المؤتمر هذا العام أُقيم في وضع دولي مضطرب يزيد من مستوى التحديات التي تواجه البشرية، وأن الأزمات الراهنة والتوترات الحاصلة أكدت أن السلم كل لا يتجزأ، وأن أي إخلال به ستنعكس آثاره على البشرية في كل مكان، وبينت الحروب الدائرة في أجزاء من العالم أن شياطين الحروب لا تزال كامنة في النفوس؛ ولذا فإن من مسؤولية القيادات الدينيّة، كما رجال السياسة معالجة هذه الأفكار في النفوس والأذهان قبل أن تخرج إلى العيان.
وذكر الظاهري في البيان، أن النزاعات الحاصلة نبهت إلى أهمية الحوار لحل المشكلات البشرية ليكون اللسان بدل السنان، والكلام بدل الحسام، أداة لفصل الخصومات وفض النزاعات، وأضافت الآثار السلبية للجائحة الصحية إلى العوامل المختلفة المسببة لعدم الاستقرار العالمي لينعكس أثرها ارتفاعاً في أسعار الطاقة، وأسعار الغذاء على المستوى العالمي، فزادت بذلك معاناة الدول الفقيرة، وتضاعف خطر المجاعة في كثير من دول العالم. 
وأكد البيان أن هذه التحديات الخطرة التي تواجه البشرية تطرح تساؤلات ملحة من قبيل: «كيفية درء خطر الحروب والنزاعات المسلحة، وكيف يمكن لسفينة البشرية أن تتفادى الاصطدام بجبل الجليد وترسو على مرفئ الأمان؟ والدور الذي يجب أن تقوم به القيادات الدينيّة والروحيّة للإسهام في مواجهة هذه الأزمات وفي معالجة هذه التحديات، وكيفية الوصول إلى حلول مبتكرة فيما يخص الغذاء والدواء وخصوصاً توفيرهما للدول النامية في ظل التحديات الاقتصادية والتغيرات المناخية، وكيفية زيادة الوعي في التعامل مع التحديات النفسية التي تحتاج إلى خبرة المتخصصين النفسيين، وعناية القادة الدينيين ورعاية وتخطيط صناع القرار والمنظمات الدولية، وكيفية إبلاغ رسالة السلام وتعزيز جهوده ليشمل شرائح واسعة من العالم ويشارك الجمهور العريض في أعماله الخيّرة.

خسائر الحروب
شدد البيان على أن حماية السلام بالحرب مثل تكليف الذئب برعي الغنم، فهذه الحروب والأزمات لا تولد إلا الخسائر في المنتظم الإنساني أجمع، وأظهرت جائحة «كورونا» أهمية التعاون الدولي والشراكات متعددة الأطراف في مواجهة التحديات ذات الطابع المعولم، والتي لا يمكن لبلد بمفرده أو منطقة وحدها معالجتها أو التعامل معها.  ونوَّه البيان بأنه مما لا شك فيه أن درجة التشابك بين مصائر الشعوب وأوضاعها في سياق العولمة المعاصرة فرضت الشعور الواعي بحقيقة الانتماء للبشرية كعائلة كبرى، وللأرض كوطن أشمل، من خلال تجسيد روح ركاب السفينة الذين يؤمنون بالمسؤولية المشتركة، وبالحرية المسؤولة المرشّدة، وبواجب التّضامن والتعاون. وبين المشاركون أن من وسائل عالمية السلام أن نعمل بعقلية الإطفائيين، فنسعى إلى إطفاء الحريق قبل السؤال عن من أشعله أو الحكم عليه أو وصفه أو وصمه بأي جرم، فالمهم أولاً هو إطفاء الحريق وإيقاف القتل والقتال قبل الحكم على الأعمال والأفعال، وأن المنظومة القيميّة المشتركة بين الأديان تشكل منطلقاً قويّاً وطاقة فريدة للإسهام في تحقيق الخير العام، فالأديان تدعو إلى الرحمة والمحبة والعفو والصفح والغفران والإصلاح بين الناس. 

مخاطبة العقول والقلوب
أكد البيان أن القيادات الدينية تخاطب العقول والقلوب وطموحها أن يؤثر هذا الخطاب في الساحة، وتتلقاه آذان واعية، وقلوب مصغية؛ ليتحول إلى إدراك يجعل الحكمة أساساً، والتواضع منطلقاً، والمصلحة هدفاً، والترويج لقيم الحياة مبدأ، والقيم النبيلة قواعد للنظام العام.
وعبر المشاركون، في بيانهم الختامي، عن اعتقادهم بأنه من خلال جهود القيادات الدينيّة مع غيرها بإمكاننا أن نوصل صوت الحياة، صوت الحكمة للأخذ بحجزات الناس عن القفز إلى أتون الحرب والفناء، كما أننا في خضم هذه التحديات القاتمة والأزمات الخانقة، ما نزال نرجو ألا تخبو شعلة الأمل، وأن تؤدي الأزمات الحالية إلى رد فعل معاكس من شأنه خلق معاهدات جديدة، ليس فقط للحد من التسلح، بل لنزع الأسلحة النووية من خلال مواثيق دولية تحمي حقوق الدول وتصون مصالحها من دون الحاجة إلى دخول الحروب واختلاق النزاعات.
ولذا فإن المؤتمرين يعتبرون جميع المشاركين في جهود السلم والتسامح حول العالم رسل سلام، وسفراء فوق العادة لنشر رسالة السلم والوئام، تعلّق البشرية جمعاء على جهودهم وأعمالهم آمالاً عظيمة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©