الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وكوريا الجنوبية.. شراكة استراتيجية وتعاون مثمر في قطاع الطاقة

محطة براكة للطاقة النووية
14 يناير 2023 01:33

سيد الحجار (أبوظبي)

حظيت مسيرة الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وكوريا الجنوبية بتعاون مثمر في العديد من القطاعات المهمة، وفي مقدمتها قطاع الطاقة. وركزت الشراكات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة على قطاعات استراتيجية مهمة شملت الطاقة النووية، والهيدروكربونات، والطاقة النظيفة والمتجددة، والهيدروجين، بالإضافة إلى امتيازات الاستكشاف والتطوير والإنتاج في أبوظبي. وتمثل محطة براكة للطاقة النووية في أبوظبي، بمثابة قصة نجاح بارزة للشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وكوريا، حيث اختارت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في عام 2009، الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو)، وهي أكبر شركة للطاقة النووية في كوريا الجنوبية، لتكون المقاول الرئيسي لمحطات «براكة» للطاقة النووية السلمية، لتتولى «كيبكو» مسؤولية تصميم المحطات وإنشائها ثم المساعدة في تشغيلها، حيث بلغت قيمة العقد نحو 73 مليار درهم (20 مليار دولار). وتقود محطات براكة جهود تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة في دولة الإمارات والعالم العربي، وصولاً إلى تحقيق أهداف مبادرة دولة الإمارات الاستراتيجية الخاصة بالوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050. وتتولى شركة براكة الأولى التي تأسست في أكتوبر 2016، بموجب اتفاقية الائتلاف المشترك بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) الموقعة في العام نفسه، إدارة المصالح التجارية لمحطات براكة، وتأمين تمويل مشروع المحطات من المقرضين المؤسسين والتجاريين، وتلقي عوائد الكهرباء من محطات براكة الأربع في مرحلة التشغيل التجاري. وكانت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية قد وقعت مع الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) في عام 2016، اتفاقية الائتلاف المشترك، وهي اتفاقية تُعنى بالشراكة طويلة الأمد، وتعزيز التعاون بين الجهتين في البرنامج النووي السلمي الإماراتي، كما أعلنت المؤسسة وشركة كيبكو عن تأسيس «شركة براكة الأولى».

محطات براكة
بالإضافة لكونها دعامة أساسية للتنمية المستدامة وأمن واستقرار الطاقة، توفر محطات براكة وظائف مجزية، وتدعم نمو القطاع الصناعي المحلي، إلى جانب توفير فوائد بيئية كبيرة للدولة حالياً وعلى مدى الستين عاماً المقبلة وما بعدها، من خلال تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة، حيث ستحد المحطات الأربع فور تشغيلها بالكامل سنوياً من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، والتي تعد السبب الرئيسي للتغير المناخي. وتوفر محطات براكة الأربع، فور تشغيلها بالكامل ما يصل إلى 5600 ميجاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة، بواقع 1400 ميجاواط بكل محطة.
وتواصل المحطتان الأولى والثانية التشغيل التجاري وإنتاج كميات وفيرة وموثوقة من الكهرباء الصديقة للبيئة على مدار الساعة. وخلال شهر سبتمبر الماضي، أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووي بدء تشغيل المحطة الثالثة من محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، من قبل شركة نواة للطاقة التابعة للمؤسسة والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات براكة، بينما وصلت المحطة الرابعة إلى المراحل النهائية من الإنجاز التي تسبق اكتمال الأعمال الإنشائية. وجاء هذه الإنجازات في وقت تسعى العديد من الدول للتخفيف من آثار نقص الطاقة جراء أزمة الطاقة الحالية التي يشهدها العالم، وهو ما يؤكد النتائج الإيجابية للرؤية المستقبلية المدروسة لدولة الإمارات حين اتخذت في العام 2008 قرار إضافة الطاقة النووية لمحفظة مصادر الطاقة المتنوعة لديها، الأمر الذي نتج عنه توفير مصدر موثوق لكهرباء الحمل الأساسي الصديقة للبيئة للدولة.
وتعتبر محطات براكة ركيزة أساسية لمبادرة دولة الإمارات الاستراتيجية للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.

طاقة الرياح
وفي إطار التعاون المشترك في مجال الطاقة المتجددة، وقعّت كل من شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، وشركة «كيبكو»، خلال شهر يونيو الماضي، مذكرة تفاهم لاستكشاف فرص التعاون في مشاريع طاقة الرياح البحرية، بما في ذلك المشاريع القائمة حالياً أو التي تخطط شركة «كيبكو» لتنفيذها في مجال طاقة الرياح البحرية ومشاريع «مصدر» العالمية للطاقة المتجددة.
كما ستقوم الشركتان بتقييم فرص التعاون المتاحة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتكنولوجيا بطاريات تخزين الطاقة، وتداول وتجارة منتجات الطاقة.
وركزت الشراكات بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا خلال السنوات الأخيرة على قطاعات استراتيجية مهمة شملت الهيدروكربونات والطاقة المتجددة والطاقة النووية والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى امتيازات الاستكشاف والتطوير والإنتاج في أبوظبي.  وخلال شهر يونيو الماضي، عقد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، خلال زيارة رسمية إلى جمهورية كوريا، عدداً من اللقاءات مع مسؤولين حكوميين ورؤساء شركات كورية ركزت على تعزيز العلاقات الثنائية ودفع فرص النمو الاقتصادي منخفض الانبعاثات. وشهدت الزيارة عقد لقاءات مع ممثلي القطاع الحكومي والخاص، ركزت على بحث فرص التعاون الصناعي وإنتاج وقود الهيدروجين وجهود الحد من الانبعاثات وإيجاد حلول للتحديات المناخية واستعدادات دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28» نهاية 2023. كما تناولت اللقاءات التعاون في مجالات تطوير واستكشاف وإنتاج النفط والغاز والتكرير والبتروكيماويات في أبوظبي، بالإضافة للفرص التي تتيحها «منطقة تعزيز للصناعات الكيماوية» في الرويس.

الهيدروجين الأخضر
وكشفت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» و«القابضة» (ADQ) خلال شهر نوفمبر 2021 عن اتفاقيتي شراكة تنضم بموجبهما شركتي «جي إس إنرجي» الكورية و«ميتسوي وشركاه المحدودة» (ميتسوي) اليابانية كشريكين إلى جانب «فرتيجلوب» في المشروع المشترك لإنتاج الأمونيا الزرقاء منخفضة الكربون ضمن منظومة «تعزيز» الصناعية المتكاملة بالرويس، بما يسهم في ترسيخ ريادة دولة الإمارات في مجال الوقود منخفض الكربون والاستفادة من الطلب العالمي الناشئ على الأمونيا الزرقاء كوقود حامل للهيدروجين النظيف. 
وتعكس هذه الشراكة الاستراتيجية اهتمام المستثمرين الدوليين المتزايد بالاستثمار في المشاريع والفرص التي تتيحها منظومة «تعزيز» الصناعية وتستفيد من النجاح الذي حققته أدنوك و«فرتيجلوب» مؤخراً في بيع شحنات تجريبية من الأمونيا الزرقاء منخفضة الكربون لعملاء في اليابان وكوريا. وكانت «أدنوك» قد وقعت خلال شهر مارس 2021، تم توقيع اتفاقية بين أدنوك ومجموعة «جي إس إنرجي» الكورية لاستكشاف الفرص في مجال تطوير اقتصاد الهيدروجين في أبوظبي وتصدير وقود الناقلات.
وتمتلك «أدنوك» وعدد من المؤسسات والشركات الإماراتية سجلاً حافلاً من الشراكات الاستراتيجية مع شركات كورية تمتد لعقود عدة، منها على سبيل المثال الشراكة التي تمت بين مجموعة «جي إس إنرجي» وبورصة إنتركونتيننتال والخاصة بإطلاق «بورصة أبوظبي إنتركونتيننتال للعقود الآجلة».

مسيرة رائدة 
يعد البرنامج النووي السلمي الإماراتي برنامجاً استراتيجياً للبنية التحتية لقطاع الطاقة، ويحظى بأهمية كبيرة على المستويين المحلي والدولي على حد سواء. 
وتعد محطات براكة من أهم ركائز التنمية المستدامة في دولة الإمارات، حيث تنتج كهرباء صديقة للبيئة على مدار الساعة، وتدعم تطوير قطاعات صناعية جديدة في الدولة. 
وبدأت عمليات تطوير محطات براكة للطاقة النووية السلمية في عام 2010، وبعد ما يزيد على عقد من الزمان، تم تشغيل المحطتين الأولى والثانية بشكل تجاري ولـ60 سنة قادمة. وفي ديسمبر 2020، تمكنت أولى محطات براكة للطاقة النووية السلمية من الوصول إلى 100% من طاقة المفاعلات الإنتاجية، لتصبح المحطة الأولى في براكة أكبر مصدر لكهرباء الحمل الأساسي الصديقة للبيئة في دولة الإمارات، مع وتوفير طاقة كهربائية موثوقة ومستدامة على مدار الساعة.
وفي أبريل 2021، دخلت دولة الإمارات عصراً تاريخياً جديداً في قطاع الطاقة الصديقة للبيئة مع بدء المحطة الأولى في براكة في إمارة أبوظبي التشغيل التجاري، لتسهم في توفير طاقة كهربائية خالية من الانبعاثات الكربونية على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع لأكثر من 60 عاماً.  وشكل التشغيل التجاري للمحطة الأولى في براكة تقدماً كبيراً لتحقيق الدولة أهدافها الخاصة بخفض البصمة الكربونية، والمساهمة في الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي. وفي يونيو 2021، حققت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وجميع المقاولين المشاركين في مشروع محطات براكة للطاقة النووية أربع سنوات وأكثر من 100 مليون ساعة عمل آمنة تماماً، ما يسلط الضوء على نجاح المؤسسة في تطبيق أعلى معايير السلامة والأمن والجودة. 
وعملت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية ومقاولها الرئيسي وشريكها في المشروع المشترك، الشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو» عن كثب معاً لأكثر من عقد من الزمان على الالتزام بأعلى معايير السلامة والجودة، وترسيخ ثقافة سلامة استثنائية.
وفي أغسطس2021، واصلت محطات براكة تحقيق تقدم كبير كأكبر الجهود المبذولة في المنطقة لخفض البصمة الكربونية مع بداية تشغيل المحطة الثانية، حيث تم بدء التشغيل التجاري خلال مارس الماضي.
وتم خلال شهر سبتمبر الماضي الإعلان عن بدء تشغيل المحطة الثالثة من محطات براكة.

الاستخدام السلمي للطاقة النووية
تماشياً مع الشراكة الاستراتيجية التي تربط بين البلدين، تم إنشاء لجنة المشاورات رفيعة المستوى بشأن التعاون النووي بين حكومة الإمارات وحكومة كوريا الجنوبية عام 2018 من أجل تعزيز وتوسيع نطاق التعاون النووي، وفقاً للاتفاقية الموقعة للتعاون في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وفي شهر يناير الماضي، وافقت اللجنة، خلال اجتماعها الرابع، على إنشاء المجلس الإماراتي الكوري لبناء القدرات الشبابية في القطاع النووي، حيث يوفر منصة تعليمية لشباب المهندسين المتخصصين في المجال النووي من أجل تبادل الخبرات، وتعزيز المشاركة في هذا القطاع.
وتتألف لجنة المشاورات رفيعة المستوى بشأن التعاون النووي بين الإمارات وكوريا الجنوبية من ثلاث مجموعات عمل، تتعلق الأولى بمحطة براكة للطاقة النووية والمشاريع الدولية، فيما تتعلق مجموعة العمل الثانية بالعلوم النووية والتكنولوجيا والأبحاث والدراسات، وتغطي المجموعة الثالثة تشريعات الأمان النووي والأمن النووي.
وتتبنى كل مجموعة عمل برنامج عمل يتضمن عدداً من المشاريع المشتركة المزمع تنفيذها لتعزيز التعاون النووي مثل تبادل خبرات التشغيل والتعاون في مشاريع نووية دولية، والأبحاث والدراسات وبناء القدرات والأمن السيبراني وغيرها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©