الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

دور رئيس لبنوك الإمارات في تمويل الاستدامة

دور رئيس لبنوك الإمارات في تمويل الاستدامة
29 يناير 2023 01:33

حسام عبدالنبي (دبي) 

تلعب البنوك والمؤسسات المالية في الإمارات دوراً رئيساً في دعم جهود الاستدامة وتحرير التمويل اللازم للتكيف مع تغير المناخ وتنفيذ أجندة إزالة الكربون، حسب مصرفيين وخبراء في مؤسسات مالية. 
وأكدوا لـ«الاتحاد»، أن البنوك العاملة في الدولة توسعت في طرح منتجات وخدمات مصرفية لتلبية رغبات المستثمرين والشركات في استثمار الأموال الفائضة في حسابات الودائع، التي تهدف إلى دعم تمويل المشاريع البيئية والاجتماعية، مثل الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والنقل المستدام، والمباني الخضراء، ونشر البنية التحتية.
ولفتوا إلى أن الاستثمار في التكيف المناخي والمشاريع المستدامة يمكن أن يكون جذاباً وقابلاً للتطبيق تجارياً للقطاع الخاص، حيث يتوقع 54% من المستثمرين في الإمارات زيادة استثماراتهم المستدامة بحلول عام 2023، في حين يمكن للمستثمرين الأفراد توجيه 367 مليار درهم لتمويل الانتقال إلى صفر انبعاثات، فضلاً عن أن ذلك ينعكس بشكل إيجابي على نمو الاقتصاد الكلي، حيث تظهر الدراسات أن استثمار 10 مليارات درهم في التكيف المناخي يسهم بـ100 مليار درهم في الناتج المحلي لدولة الإمارات بحلول عام 2030. 

تمويل التكيف المناخي
وقالت رولا أبومنة، الرئيس التنفيذي لبنك ستاندرد تشارترد في الإمارات، إن القطاع المصرفي يلعب دوراً حاسماً في تحرير التمويل اللازم للتكيف مع تغير المناخ، جنباً إلى جنب مع أجندة إزالة الكربون العالمية. وقالت: إن تقديرات البنك تشير إلى أن استثمار 10 مليارات درهم في التكيف المناخي لتحمل الأضرار المناخية المتوقعة، يمكن أن يسهم بأكثر من 100 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بحلول عام 2030. 
وأكدت أنه في حال عدم توفير الحد الأدنى من الاستثمار والذي يبلغ 110 مليارات درهم، عبر 10 أسواق عالمية تشمل الإمارات والهند والصين وباكستان، قد تصل الأضرار المتوقعة، بما في ذلك النمو المفقود في الناتج المحلي الإجمالي، لأكثر من تريليون درهم، لافتة إلى أن الاستثمار المطلوب للتكيف البالغ 110 مليارات درهم يمثل أكثر بقليل من 0.1% من إجمالي الناتج المحلي السنوي المجمع للأسواق العشرة.
وأشارت أبومنة إلى أن دولة الإمارات تأتي في طليعة الدول المكافحة للتغير المناخي، وقد أبدت التزاماً قوياً تجاه تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 لتشكل مثالاً يحتذى به ليس فقط على صعيد المنطقة، بل على الصعيد العالمي ككل. وذكرت أن التكيف مع التغير المناخي يشكل ضرورة مشتركة على المستوى الدولي، إذ إن أي تقاعس عن مكافحة هذا التغير سيخلق عبئاً مجتمعياً مشتركاً من تكلفة متزايدة. وأضافت أن القطاع المالي يلعب دوراً حاسماً في توجيه رأس المال نحو التكيف مع التغير المناخي وإنشاء نقاط دعم لإثبات أن الاستثمار في التكيف المناخي يمكن أن يكون جذاباً وقابلاً للتطبيق تجارياً للقطاع الخاص، الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي على نمو الاقتصاد الكلي، كاشفة عن أنه وفق نتائج تقرير «اقتصاد التكيف» الذي يضم 10 أسواق عالمية ويضم أيضاً 150 مصرفياً ومستثمراً ومديري أصول، فإن 59% من المشاركين يخططون لزيادة استثماراتهم في التكيف المناخي خلال الشهور الـ 12 المقبلة، ومن المتوقع أن يرتفع تمويل التكيف «في المتوسط» من 0.8% من الأصول العالمية في عام 2022 إلى 1.4% بحلول عام 2030.

حساب مستدام  
وذكرت أبومنة، أنه في ظل ارتفاع وتيرة التنمية المستدامة في جميع أنحاء دولة الإمارات، تعمل الشركات جاهدة على إيجاد طرق مختلفة تتماشى مع أنظمتها للمشاركة في تطبيقها، لذلك قام بنك ستاندرد تشارترد بإضافة حلول مبتكرة عن طريق الحساب الإسلامي المستدام الذي يوفر للعملاء فرصة ترسيخ فائض أرصدتهم النقدية للمشاركة في التمويل المستدام والمشاريع التي يمولها البنك، مثل مشاريع الطاقة الشمسية ومرافق المياه وغيرها، مبينة أنه سيتم استخدام الودائع في الحسابات الإسلامية المستدامة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لتمويل المشاريع المستدامة، بناءً على إطار عمل المنتجات الخضراء والمستدامة من بنك ستاندرد تشارترد، والذي يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
إلى ذلك، أطلق بنك أبوظبي الأول، الحساب الجاري الجديد المرتبط بالاستدامة للعملاء من الشركات، في خطوة ترسخ ريادته البيئية على مستوى القطاع المصرفي في الدولة. ويعمل الحساب المستدام على دعم العملاء في تحقيق أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، من خلال جعل أنشطة التنمية المستدامة جزءاً من الإدارة اليومية للنقد. ويمكن لعملاء بنك أبوظبي الأول من الشركات استخدام الحساب المستدام للاحتفاظ بالسيولة اليومية اللازمة لمتطلبات الأعمال، ودفع وتسلم المستحقات، في حين سيحرص بنك أبوظبي الأول بدوره على استخدام المبالغ المودعة في الحسابات لتمويل المشاريع المستدامة، بما ينسجم مع إطار عمل التمويل المستدام في البنك.

ودائع الاستدامة  
من جانبه، قال ستيفن بونفينو، رئيس قسم المبيعات المؤسسية والعامة، والحلول التجارية والخزانة، الأسواق الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في سيتي بنك، إن البنك يقدم الودائع المستدامة من أجل مساعدة الشركات على استثمار الأموال الزائدة في حسابات الودائع، والتي تهدف إلى دعم تمويل المشاريع البيئية والاجتماعية، مثل الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والنقل المستدام، والمباني الخضراء، ونشر البنية التحتية والخدمات الأساسية بأسعار معقولة. وأكد أن عملاء البنك يضعون الاستدامة على رأس أولوياتهم الرئيسية، ولذلك تعتبر استراتيجية الودائع إحدى الطرق المبتكرة لإظهار التزام البنك بمساعدة العملاء في الإمارات على تحقيق أهداف الاستدامة الخاصة بهم عبر المنتجات والخدمات المصرفية، منوهاً بأن شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، وهي أكبر شركة صناعية في دولة الإمارات خارج قطاع النفط والغاز، أعلنت فتح حساب مصرفي مستدام بالتعاون مع البنك لتعزيز الاستدامة ونتطلع إلى دعمها في رحلة الاستدامة.

قروض وتمويلات الاستدامة  
أعلن بنك «إتش إس بي سي» عن تحفيز العملاء على الحفاظ على البيئة، من خلال منح قرض سكني لتملك منزل مستدام، مع الاستفادة من أسعار الفائدة المخفضة على قرض السكن الصديق للبيئة، مشيراً إلى أن هذا القرض يُعد جزءاً من التزامات البنك المتعلقة بتغير المناخ، والطموح لمواءمة محفظة التمويل مع أهداف «اتفاقية باريس»، إلى جانب دعم رؤية حكومة الإمارات للبيئة المستدامة والبنية التحتية لعام 2021 وخطة دبي 2040 الرئيسية. كما أعلن البنك عن خصم على معدلات الفائدة الثابتة عند تمويل السيارات الصديقة للبيئة سواء الكهربائية الكاملة والسيارات الهجينة، وكذلك القرض الشخصي لحماية البيئة لمساعدة العملاء في دفع تكاليف الألواح الشمسية للمنزل، مع توفير قيمة فاتورة الكهرباء.

إصدارات الاستدامة
من جهتها، قالت شيلي ترينش، مدير مفوّض وشريك في «بوسطن كونسلتينج جروب»: إن إجمالي إصدار الديون المرتبطة بالاستدامة في منطقة الشرق الأوسط، شهد زيادة بأكثر من أربع مرات خلال عام 2021 مقارنة بعام 2020، حيث شهد إصدار صكوك الاستدانة الخضراء والمستدامة، نمواً متسارعاً رغم النقص النسبي في تنظيم الأدوات المالية الخضراء، موضحة أنه حسب تقرير صدر بعنوان «التمويل الأخضر لشرق أوسط خالٍ من الانبعاثات»، فإن ضغط اللوائح التنظيمية في معظم دول الشرق الأوسط ليس قوياً بما يكفي لإجبار البنوك على اتخاذ إجراءات فورية بشأن دعم قضايا المناخ، رغم أن التغير المناخي يفرض مجموعة من المخاطر على محافظها الاستثمارية.
وأشارت ترينش إلى أنه بالنظر إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه بنوك وصناديق التنمية في دعم الاستثمارات الخضراء، يقدم تقرير «بوسطن كونسلتينج جروب» ثلاث توصيات أساسية، أولاها توفير التمويل للمشاريع الخضراء غير القابلة للتمويل من جانب البنوك مع عائدات معدلة أقل مخاطر أو مخاطر استثمارية أعلى، مثل دعم عمليات البحث وتطوير التقنيات المبتكرة، بما في ذلك تقنيات الطاقة المتجددة والتقاط الكربون وتخزينه. وأضافت: «كما يجب تعزيز استثمارات رأس المال الخاص في المشاريع الخضراء، من خلال تحسين عوائدها المعدلة حسب المخاطر باستخدام الأدوات المختلفة لتخفيف المخاطر، مؤكدة ضرورة تسخير الخبرات لتقديم الدعم والمشورة لواضعي السياسات والهيئات التنظيمية فيما يتعلق بالإصلاحات اللازمة لتوسيع نطاق تمويل مشاريع التصدي للتغير المناخي.

فرص استثمارية
ووفق نتائج تقرير «الخدمات المصرفية المستدامة لعام 2022» والذي يستكشف الفرص الاستثمارية في مجال الأولويات البيئية والاجتماعية والحوكمة، فإن دولة الإمارات تتمتع بإمكانات كبيرة لتحقيق النمو في الاستثمار المستدام، مقدراً حجم الأموال التي يمكن أن يوجهها المستثمرون الأفراد في دولة الإمارات نحو أولويات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بما يتجاوز 367 مليار درهم، لا سيما في تمويل الانتقال المناخي إلى صافي الصفر، ولافتاً في الوقت ذاته إلى إمكانية أن يلعب رأس المال هذا أيضاً دوراً مهماً في سد فجوات التمويل في الأولويات الأخرى التي تقع ضمن الأولويات البيئية والاجتماعية والحوكمة لدولة الإمارات، بما في ذلك الأمن الغذائي والمائي، بالإضافة إلى إدارة التلوث والنفايات.
إلى ذلك، يكشف تقرير توقعات الثروات الصادر عن بنك ستاندرد تشارترد والذي يدرس التغييرات التي تشهدها قرارات المستثمرين وتأثيرها على فئات الأصول الاستثمارية الرئيسية في أكثر من 14 دولة، بما في ذلك دولة الإمارات، أن الاستثمارات المستدامة تستمر في تلقي اهتمام المستثمرين ورؤوس أموالهم، وذلك على الرغم من استمرار مخاوف الغسل الأخضر (Greenwashing)، معلناً أن 54% من المستثمرين في الإمارات يتوقعون زيادة استثماراتهم المستدامة في عام 2023 مقارنة بنسبة 52% من المستثمرين العالميين.

اتجاهات استثمار المستقبل
بدوره، أفاد ريشي كابور، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة «إنفستكورب» وهي شركة عالمية لإدارة الاستثمارات، بأن نتائج النسخة الثالثة من الاستبيان السنوي لشركة إنفستكورب بالشراكة مع المعهد الدولي للتنمية الإدارية، أظهر أن هناك 5 اتجاهات رئيسية لاستثمار المستقبل من حيث الأهمية الراهنة والتي ستتعاظم في العقود الثلاثة المقبلة، وهي الرقمنة والذكاء الصناعي، والطاقة المتجددة، وأمن الطاقة، يليها شيخوخة سكان العالم، ثم المركبات الكهربائية وبطاريات تخزين الطاقة، منبهاً إلى أن التدفق النقدي والطلب على رأس المال وتوقعات السوق والقطاعات، بالإضافة إلى البيئة التنظيمية، تُعد من أهم العناصر الأساسية عند التفكير في موضوعات الاستثمار المستقبلية.

استثمارات القطاع الخاص 
تحدّث وليد شتا، رئيس «شنايدر إلكتريك» بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، عن تفعيل استثمارات القطاع الخاص في تحوّل الطاقة ضمن «أسبوع أبوظبي للاستدامة 2023»، فقال: إن الإمارات تستثمر بشكل مكثّف في مشاريع الطاقة الصديقة للبيئة وتشهد زيادات كبيرة في إنتاج الطاقة النظيفة، وهو التزام تجسده مبادراتها الريادية، مثل إطلاق استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، والتقدم الذي أحرزته حتى الآن في إطلاق 11 مشروعاً للطاقة الصديقة للبيئة بقيمة 43 مليار دولار (159 مليار درهم)، كاشفاً عن أن حلول التمويل المستدام تحظى باهتمام عالمي ومحلي، بينما تقوم الشركات الكبرى بالتكيف مع الاستدامة، باعتبارها من أساسيات العمل، إذ يقدر تقرير حكومي، قيمة سوق الإمارات للسندات والصكوك الخضراء الصديقة للمناخ بنحو 17 مليار دولار حالياً.
وأكد شتا أنه لدى الشركات الكبرى، خاصة في القطاع الخاص، القدرة على المساهمة الفاعلة في تسريع تحقيق التزاماتها المتعلقة بالحياد المناخي، وإصدار المشاريع الخضراء، وإنشاء سندات مرتبطة بالاستدامة. وذكر أنه على مدى السنوات القليلة الماضية، التزمت «شنايدر إلكتريك» بمساعدة العملاء على تقليص، وتجنب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، منوهاً بأنه خلال جائحة «كوفيد-19» عام 2020، أطلقت «شنايدر إلكتريك» أول سندات قابلة للتحويل مرتبطة بالاستدامة بقيمة 650 مليون يورو، حيث كان أحد مؤشرات الأداء الرئيسية تقليص وتجنب انبعاث ثاني أكسيد الكربون للعملاء بحلول عام 2025.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©