الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

بناء الثقة بالشراكات والمبادرات المناخية العملية

نوال الحوسني
26 مايو 2023 01:00

نوال الحوسني
«حوار بطرسبيرج للمناخ» الذي شاركت فيه دولة الإمارات مؤخراً شكّل لأكثر من عقد من الزمن منصة دولية فاعلة وحدثاً جامعاً لتعزيز الثقة بين دول العالم عبر مختلف مراحل المفاوضات المناخية متعددة الأطراف. وهذه الثقة تتفرع اليوم وفق محاور رئيسية ثلاثة.
أولها: الثقة في رئاسة مؤتمر الأطراف بشأن المناخ «كوب» والمشاركين فيه وبحرصهم على وضع أكثر القضايا المناخية إلحاحاً في مقدمة الأولوية. وثانيها: الثقة بأن المجتمع الدولي قادر على التوصل إلى إجماع على تطبيق الالتزامات والتعهدات التي يتم قطعها. وثالثها: الثقة بأن قادة العمل المناخي سيقرنون القول بالفعل بتطبيق ما يتم التوصل إليه من اتفاقات عقب المفاوضات المناخية على أرض الواقع، لما فيه تحقيق الحياد المناخي وبناء المستقبل المستدام المنشود.
وفي هذا الصدد، لدى دولة الإمارات، بتوجيهات ودعم لا محدود من قيادتها الرشيدة، مختلف المقوّمات التي تؤهلها لتحقيق مختلف معايير مقياس الثقة الثلاثي الدولي هذا. ففي كلمة معالي الدكتور سلطان الجابر، الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف «COP28»، أمام المشاركين في نسخة هذا العام من «حوار بطرسبيرج للمناخ» التي انعقدت في العاصمة الألمانية برلين، لفت معاليه إلى أن التوقعات تفوق مستويات الثقة في الوقت الحالي، مؤكداً بوضوح على الحاجة إلى التعاون والتصميم من المجتمع الدولي لضمان تحقيق نتائج قابلة للتطبيق والتوسيع خلال مؤتمر الأطراف المقبل الذي سينعقد على أرض دولة الإمارات.
وهذه تحديداً الفرصة التي نترقبها في المؤتمر المناخي العالمي COP28 نهاية هذا العام، حيث سيتم إجراء أول تقييم شامل من نوعه للأداء المناخي العالمي منذ توقيع اتفاق باريس للمناخ عام 2015، ودولة الإمارات في مقدمة الدول التي تبدي التزاماً تاماً بعمل مناخي عالمي مثمر من خلال اقتصاد مستقبلي مرن مستدام لا يعتمد بشكل حصري على عوائد النفط والغاز. كما حققت الدولة خطوات غير مسبوقة على مستوى المنطقة في هذا المسار.
واليوم، يمكننا تحقيق تعاون مشترك على مختلف المستويات، قوامه الثقة، وفضاؤه العمل المناخي العالمي الفاعل، وذلك من خلال العمل معاً على إنجاز عمل مناخي مؤثر وتنمية اقتصادية مستدامة يكمّلان بعضهما. إن التعامل مع أبرز التحديات المناخية وتحويلها إلى فرص، كما في مسار تحول الطاقة، مقترن بلا شك بالنمو الاقتصادي المستدام، خاصة في المجتمعات الأكثر تعرضاً لمخاطر التغير المناخي وتداعياته. واليوم، تضم اقتصادات العالم الأقل نمواً أكثر من نصف سكان كوكبنا، ولا تساهم سوى بنسبة 12 في المائة فقط من الانبعاثات عالمياً. رغم ذلك، يجد هؤلاء أنفسهم في الخطوط الأمامية بمواجهة تداعيات التغير المناخي، وهم الأكثر عرضة للتقلبات المناخية المتذبذبة، ومن ثم للنزوح بسبب الظواهر الجوية غير الاعتيادية. وفي الوقت ذاته، فإن أكثر من 770 مليون إنسان لا يمكنهم الحصول على الكهرباء.
ويعتبر اقتران مستويات الرعاية الصحية والفرص الاقتصادية والحصول على الطاقة أمراً بالغ الأهمية في نجاح مسار انتقال الطاقة وتوسيع نطاق العمل المناخي المؤثر. وهي صلة يعمل مؤتمر الأطراف COP28 على معالجتها بشكل مباشر، وهو أول مؤتمر أطراف عالمي يخصص يوماً للصحة، حيث تضم أجندة برنامج المؤتمر أول اجتماع من نوعه على المستوى الوزاري حول الصحة والمناخ في يومه الأول وعقب قمة العمل المناخي العالمي في المؤتمر. ويعتمد تحقيق النتائج المنشودة خلال الأيام المخصصة للقضايا الملحة في مؤتمر COP28 والتوصل إلى صياغة مشتركة تشكل محتوى الاتفاقية التي سيقرها المؤتمر على قدرتنا على تحقيق الإجماع وإشراك جميع أصحاب المصلحة في الحوارات الهادفة لتصميم خريطة طريق متكاملة تشمل الجميع وترسم مسار مستقبل مستدام. وفيما تتميز دولة الإمارات على الساحة العالمية في قيادة مبادرات تحقق الإجماع الدولي وتبني الجسور كشريك مسؤول وموثوق من دول العالم بجهاته الأربع، فإن هذا يجعل منها الوجهة المثلى لتقريب وجهات النظر ودفع عجلة الدبلوماسية المناخية الدولية والتقدم في العمل المناخي العالمي.
لقد أكدت رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 أن الشراكات هي مفتاح التقدم في العمل المناخي. وقد واصلت دولة الإمارات هذا المسار بإبرام شراكات فاعلة في أولى دورات «ملتقى الإمارات لتكنولوجيا المناخ» الذي انعقد في أبوظبي، حيث وقّعت وكالة «آيرينا» وشركة «مصدر» اتفاقية نوعية لمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2030.
ويشمل التعاون بين الجانبين إنشاء مرجع عالمي للطاقة المتجددة، مع التركيز على تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة الحرارية الأرضية وغيرها، إضافة إلى قدرات التخزين للبطاريات، مع دعمه ببيانات كل منطقة لمواكبة وتسريع التقدم المستمر في مجال الطاقة المتجددة.
ومنذ أن أنشأت قيادة دولة الإمارات شركة «مصدر» قبل 17 عاماً، واصلت تكلفة الكيلوواط الساعي من الطاقة الشمسية الانخفاض منذ عام 2006 حتى وصلت اليوم إلى أقل من 2 سنت. وهناك حاجة إلى تعزيز مبادئ الابتكار والتعاون التي أوصلتنا إلى هذا الإنجاز، حتى نتمكن من خفض التكاليف بشكل أكبر وتسهيل وتحسين الوصول إلى الطاقة. هذا النهج للتعاون المبتكر والشراكات الرائدة يتوافق مع الاستعدادات والمبادرات التي نراها على الطريق نحو مؤتمر الأطراف COP28 على أرض الإمارات، الذي تؤكد رئاسته على أهمية الشراكات، والاستثمار في الشمولية وتحقيق نتائج ملموسة. وهو نهج يرى الفرص الهائلة في التحديات من خلال التعاون كبديل عن الخلاف. ومن خلال تطبيق هذه المبادئ، يمكن لمؤتمر الأطراف المقبل أن يكون نقطة تحوّل في العمل المناخي الموّحد المبني على الشراكة والثقة.

المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©