عدد اليوم
خولة علي (دبي)
لوحة فنية بديعة وبمزيج من الوعي الفني والبيئي، شكلت حديقة الميز المستوحاة من زهور شجرة «الميز» التي تزهر على مرتفعات البيئة المحلية، حيث تم تجسيدها وإظهار هذه الشجرة كأيقونة فنية متراصة إلى جانب بعضها البعض بأكاليلها البيضاء الناصعة. وهو دليل على أهميتها ودورها في ازدهار التنوع البيئي، إذ إنك إذا تأملت اللوحة الفنية، ومنذ الوهلة الأولى تظنها حقيقة، لكن ما أن تقترب منها حتى تكتشف جمالياتها، بتحويل 500 عبوة بلاستيكية إلى زهور آسرة تنبض بالحياة.
في المرتفعات الجبلية
تشكلت هذه الحديقة من خلال تعاون فريق «زي آرتس» للفنون والفنان الفرنسي جيروم توكر مع طلاب أكاديمية رأس الخيمة الذين قاموا بجمع أكثر من 500 عبوة بلاستيكية وساهموا بتحويلها إلى زهور شجرة «الميز»، وهي شجرة ذات جمال أخاذ تنمو في المرتفعات الجبلية، بمنطقتي وادي شعم، ووادي غليلة في إمارة رأس الخيمة، ولاسيما على رؤوس الجبال، إضافة إلى عدد من المرتفعات المحاذية لها، ونجدها في جبل جيس ومبرح في الإمارات. وتتميز أشجار «الميز»، أو اللوز العربي بأزهارها الجميلة، وهي ذات رائحة فواحة، وتتحول هذه الزهور إلى ثمار مغطاة بقشرة، وتعتبر من المكسرات التي يتم جنيها في شهر يونيو.
حماية البيئة
تمثل كل زهرة في هذا البستان جهداً جماعياً في فن إعادة التدوير من أجل حماية البيئة، وأشارت د. ناتاشا ريدج، المدير التنفيذي لمؤسسة الشيخ سعود القاسمي لبحوث السياسة العامة، إلى أن الحديقة تجسد الاندماج المتناغم بين الفن والوعي البيئي، ما يدل على الوحدة والالتزام بالعمل المناخي. كما تسلط الضوء على أهمية المشاركة المجتمعية وتمكين الشباب، والحفاظ على البيئة من أجل مستقبل مستدام، وذلك عبر النهج التعاوني الذي يتبعه جيروم توكر. وتؤكد «حديقة الميز» على قدرة توحيد الجهود من أجل العمل المناخي وتعزيز الوعي، وتعكس السلوكيات المتطورة التي تدعم حماية البيئة.
روح الاتحاد
ورأى هذا العمل الفني النور من خلال مبادرة «متحدون من أجل المناخ» التي أطلقتها منصة «زي آرتس» للفنون بالتعاون مع «كوب 28»، وهو عمل يرمز إلى التقارب المتناغم بين الفن والوعي البيئي والمشاركة المجتمعية في إطار روح الاتحاد. كما يشهد هذا العمل على قوة الفن وقدرته العميقة في الربط بين الثقافات وتعزيز العمل الجماعي نحو حماية البيئة. وقد جاء هذا التعاون بدعم من مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة، كما سيزين هذا العمل الفني مهرجان فن رأس الخيمة لعام 2024.
مرتع للنحل
«الميز» من الأشجار المرتبطة بالبيئة المحلية ولها العديد من المزايا، فهي مقاومة للتصحر وللحرارة، وتناسب طبيعة الإمارات. كما تشكل مرتعاً مهماً للنحل الذي لا يخفى دوره الكبير في التوازن البيئي، وتساعد على تكاثر الطيور من خلال التعشيش فيها، ناهيك عن دورها الحيوي بالنسبة للإنسان، حيث يستظل بظلها ويتناول ثمارها، إلى جانب ما تشكله من جمال في الطبيعة.
ثروات طبيعية
فوائد «الميز» كثيرة، ويصنع من خشبها أجود أنواع العصي التي تعتبر أداة ومظهراً من المظاهر التراثية عند أهل الجبل، كما يُستخرج منها الفحم. ولها قيمة جمالية وبيئية وثقافية واقتصادية واجتماعية، وإعادة غرسها تحفظ هذه الأنواع من الانقراض، وتغذي البيئة الإماراتية وتثريها بالتنوع، كما تعتبر من الثروات الطبيعية والموروث الثقافي للدولة.
