الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

كسب عقول المستخدمين!

حمد عبيد المنصوري
27 ابريل 2020 00:16

حمد عبيد المنصوري

من وحي مرحلة كورونا، ثمة أسئلة بديهية تطرح نفسها بإلحاح: هل الخدمات الحكومية الرقمية جاهزة بالفعل لتحل محل خدمات الكاونتر؟ وهل هي سهلة وسريعة وتتلاءم مع روح العصر؟ وهل المواقع الإلكترونية الحكومية مصممة لتوصيل المعلومة أو الخدمة بالسرعة المطلوبة، وبخطوات قليلة؟ وهل محتوى تلك المواقع مناسب شكلاً ومضموناً؟ اشتكى لي صديق يعمل مسؤولاً في إحدى الوزارات من ضعف الإقبال على موقعهم الإلكتروني، وخدماتهم الإلكترونية، وعندما سألته عن مدى جودة الموقع ردّ بحماسة قائلاً إن موقعهم حاصل على درجة عالية في تقييم هيئة تنظيم قطاع الاتصالات.
كان يتوقّع مني، كمدير عام للهيئة المذكورة، أن أشاطره الاستغراب، إذ كيف يمكن للمتعاملين أن يديروا ظهرهم لموقع إلكتروني صُنّف على أنه متميز؟ من موقعي، أستطيع التأكيد على أن منظومة قياس ممكنات الحكومة الذكية تستند إلى أفضل التجارب والمعايير العالمية، وهي تقيس كل شيء تقريباً، من مدى التحول الذكي، إلى مستوى التوعية، ونسبة الاستخدام، وسعادة المتعاملين، ووصولاً إلى مؤشر تكامل الخدمات.
كما أن قياس جودة المواقع الإلكترونية يجري هو الآخر على أسس عالمية، ويشمل المحتوى، والتصميم، والاستخدام، ومعمار المعلومات، والمشاركة، والبيانات الرقمية.
لماذا إذاً تخفق بعض المواقع الإلكترونية الحكومية رغم التزامها بتلك المعايير؟ الجواب، ببساطة، لأن الالتزام بالمعايير، على أهميته، ليس كافياً.
هذه المعايير هي نقطة البداية فقط، أما بعد ذلك فلكل خدمة جمهورها ومتطلباتها وظروفها وآليات عملها وبالتالي معاييرها الخاصة.
أما المعيار الجامع، والذي لا يختلف عليه اثنان فهو تجاوب المستخدمين، وهنا مربط الفرس كما يقال.
لقد كانت الإمارات سبّاقة في ولوج عصر الحكومات الإلكترونية والذكية، ويشهد لنا العالم كله بذلك، لكن هذا لا يمنع وقفة تأملية للمراجعة.
إذ رغم الدعم اللامحدود من القيادة، والمتابعة الحثيثة التي لا مثيل لها في كثير من دول العالم، ما زالت بعض الخدمات الإلكترونية عندنا معقدة وصعبة الوصول.
وهنالك خدمات إلكترونية ما زالت على حالها منذ سنوات، وبعضها لم يتعرض لأي تحديثات منذ إطلاقها.
أين الخدمات والمواقع الإلكترونية الحكومية من روح القطاع الخاص، حيث تجري المراجعات دورياً، وحيث يُستفاد من البيانات الراجعة في التطوير وإعادة التطوير؟ أحياناً نسمع عن تطوير هذا الموقع الحكومي أو تلك الخدمة ونستبشر خيراً، لنكتشف سريعاً أن ما سمّي بالتطوير ليس سوى عملية شدّ وجه، أو في أحسن تقدير عملية تحسين لا تعكس ابتكاراً، ولا تؤدي إلى كسب عقل المستخدم وقلبه.
بعد التجربة المتميزة والاستثنائية التي عشناها في مجابهة كورونا، لا بد للبعض من مراجعة الأهداف: بدلاً من السعي للحصول على 100% في تقييم الممكنات، يجب السعي لتحقيق 100% في نسبة الاستخدام الفعلي للخدمات.
عندئذ، سيكون التفوق في تقييم الممكنات أمراً بديهياً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©